لكي لا ينهار القادةعينة
التواضع وقبول المشورة
لقد عمَدَ موسى إلى إعطاء يثرون عن سؤاله جوابًا صريحًا صادقًا وعمل ذلك لخيره.لقد كان هو الحقَّ الصريح. إذ لم يكُن يُعَقلِن الأُمور، ولا كان مُدافِعًا، ولا أراد أن يُضفي على الأمر ألَقًا روحيًّا. لكنَّه قال ببساطة: "انظُر! عندي عمل كبير. إنَّه بسيطٌ كما هو. لقد دعاني الله لأكون قاضيًا، لأخدم في بتِّ دعاوي هؤلاء القوم. لديهم شكاوى كثيرة، وأنا دائرةُ الشَّكاوى. إنَّهم يُقبِلون إلى مكتبي، وينتظرون حتَّى أتمكَّن من سماعهم، واحدًا بعدَ واحد. إنَّه عمَلٌ ضخم، يا يثرون. لا بدَّ أنَّك تُدرِك ذلك."
ومرَّةً أُخرى، يُجاوِب يثرون بطريقة صريحة مُباشرة: "لَيْسَ جَيِّدًا الأَمْرُ الَّذِي أَنْتَ صَانِعٌ" (ع 17). والآن، فإنَّ التَّفوُّه بقولٍ كهذا استلزم بعض الشجاعة. إنَّه أشبهُ بأن ندخل، أنت وأنا، إلى قصر الرئاسة ونُقدِّم للرئيس بعضَ أفكارنا بشأن كيفيَّة إدارة البَلَد. قد يروقُك جدًّا أن تفعل ذلك، ويُحتمل أن تكون لديك نصيحة حصيفة يكونُ حكيمًا إذ يقبلها. ولكنَّ الأمر سيقتضي كثيرًا من الشجاعة. بل اقتضَت مُلاحظات يثرون شجاعةً أوفَر بعد، لأنَّ موسى لم يكُن قائدَ شعبهِ المُختار فحسب، بل كان إناء الله المُعيَّن. وقد تقدَّم بني إسرائيل في عبور البحر الأحمر، وضربَ الصَّخرة فتدفَّق الماء. لقد عرَف الجميع أنَّه كان خادم الله. وعلى يديه أجرى الله بعض المُعجِزات الباهرة.
رُغمَ ذلك تجرَّأ يثرون على أن يقول له: "يا موسى، ما أنت فاعِلُه ليس حسَنًا. لا يروقُني ما أراه هُنا. إذا تابعتَ على هذا المنوال، يا موسى، فإنَّك ستذوي وتهوي. انظُر! ها أنت قد بدأتَ تذبل. إن لم تُجرِ تغييرًا، فستشيخ وتتغضَّن. لا تنسَ، يا شابُّ، أنَّك فوقَ الثمانين من العُمر!" لقد أنذره يثرون: "انظُر بُنيَّ، لا بدَّ أن تصل إلى الإعياء. وهذه حال الشَّعب أيضًا. أعني، رُغمَ كلِّ شيء، أنَّ احتياجاتهم يمكن أن تُلبَّى بطريقةٍ أفضل بكثير جدًّا من مجرَّد الوقوف في الصَّفِّ طول النهار تحت حرارة الشَّمس ليسمعوا حُكمك. سوف تنهار، يا موسى، إلاَّ إذا أحدثتَ بعض التغييرات ها هُنا."
لا يسَع الكنيسةَ أن تنجح أبدًا بِلا شجاعة. فلا بُدَّ من الشجاعة حتَّى للأصدِقاء اللُّصَقاء كي ينصحوا القادة الأقوياء، أو للشُّيوخ كي يُحاسِبوا الرُّعاة. وذلك يصحُّ بالنِّسبة إلى عالَم الأعمال أيضًا. فالقادة في الأعمال يكونون حُكَماء إذا ظلُّوا مُنفتِحين لمشورة أعضاء الهيئة العاملة. وما من أحد يملك جميع الأجوِبة. طبعًا، لن يكونَ كلُّ اقتراح جديرًا بالتنفيذ، ولكنَّ شيئًا ما في العادة يكون جديرًابالاعتبار. إنَّما يكون القادة حُكَماء إذا فتحوا باب المشورة وقالوا: "أنا مُصغٍ إلى ما تُريد أن تقترحه. إنَّني على استعداد لأنْ أسمعَك." يقتضي الأمر تواضُعًا، ولكن ذلك حكيمٌ ومأمون معًا. وذلك هو ما فعلَه موسى مع حميه.
التطبيق
هل أنت مُنفتِح لمشورة أقربائك؟ ومتى كانت آخِر مرَّة فيها قصدتَ إلى أبويك أو أحمائك طلبًا للمشورة؟ أنا أعتقد أنَّه أمرٌ بالغُ الدَّلالة (ومؤسِف) أن يطلب الناس مشورة رُعاتِهم قبل أن يطلبوا مشورة أبَوَيهم. فهم يعتبرون ما قد يقوله راعٍ أهمَّ بكثير جدًّا ممَّا قد يقوله أبٌ أو أُمٌّ. لا شكَّ أنَّ أحد الأسباب التي من أجلها نجح هذا جيِّدًا في عائلة موسى كان أنَّ يثرون عرَفَ صهره داخلاً وخارجًا. تذكَّر أنَّ موسى اشتغل عندَه أربعين سنة. لقد عرَفَ يثرون مُيول موسى. عرَفَ عاداته في العمل. عرف مواضِعَ قوَّته ومكامِنَ ضعفه.
الكلمة
عن هذه الخطة
ينهار القادة حين يُحاوِلون أن يقوموا بأعمال تفوق الحدَّ وحدَهم، وحينَ يفوتُهم أن يأتوا بآخرين إلى العمل كي يُساعِدوهم في رفع الأحمال. إنَّ نظرةً عن كثب إلى الأصحاح الثامن عشر من سِفر الخروج ستُفيدك، بصرف النَّظر عن مهنتك أو عملك. فالدروس المُستفادة من هذه الحادثة في حياة موسى تنطبق على كلِّ واحد: رجُل الأعمال وسيِّدة الأعمال المؤمنين بالمسيح، أصحاب المِهَن المؤمنين، المعلِّمين والطُلاَّب المؤمنين، وجميعِ مَن يتولَّون مسؤوليَّاتٍ شتَّى.
More
نود أن نشكر Dar Manhal al Hayat على توفير هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة: https://darmanhal.org