أعماق الفكر اللاهوتي عند بولس: بولس وأهل كورنثوسعينة

اليوم 13:   محبة المسيح والآخرين - ١ كورنثوس ١٣ 

في المكان الثالث، يجب أن نذكر أهمية المحبة. بشكل عام، يفكر المسيحيون في المحبة على أنها أعظم الوصايا، إنَّ المحبة كانت هي ما يمكن أن ندعوه، فضيلة الأمور الأخيرة. ممّا يعني أنها كانت الركن الأساسي في لاهوته عن الأيام الأخيرة. 

فكّروا مثلاً، بحجج بولس حول القيمة الثابتة للمحبة، ١ كورنثوس ١٣. كتب في الآيات ٨-١٣ من ذلك الإصحاح:

اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَداً. وَأَمَّا النُّبُوَّاتُ فَسَتُبْطَلُ وَالأَلْسِنَةُ فَسَتَنْتَهِي وَالْعِلْمُ فَسَيُبْطَلُ. لأَنَّنَا نَعْلَمُ بَعْضَ الْعِلْمِ وَنَتَنَبَّأُ بَعْضَ التَّنَبُّؤِ. وَلكِنْ مَتَى جَاءَ الْكَامِلُ فَحِينَئِذٍ يُبْطَلُ مَا هُوَ بَعْضٌ... أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ. (١ كورنثوس ١٣: ٨-١٣)

لا النبوءة ولا مواهب العلم سيكون لها فائدة عندما تكون الأشياء التي يتحدثون عنها أمام وجوهنا. حتى الفضائل المسيحية الكبرى، مثل الإيمان والرجاء، لن يكون لها مكان حقيقي عند اكتمال الزمن الآتي. عندما يعود المسيح ليكون حاضراً معنا بشكل جسدي، عندما سيقيمنا من الموت ويؤسس ملكوته الأخير، عندها لا يكون عندنا الحاجة بأن يكون عندنا رجاء. من جميع المواهب الروحية والفضائل المسيحية التي ذكرها بولس في هذا الفصل، فقط المحبة ستستمر بالبيان وبالكنز في كمال الزمن الآتي. نحب الآن، وسنحب بعدئذ. نحن محبوبين الآن، وسنكون محبوبين عندئذ. المحبة بحد ذاتها مشاركة في بركات الزمن الآتي.

لكن كيف طبّق بولس فضيلة الأمور الأخيرة في المحبة على المشاكل في كورنثوس؟ حقاً، قد رأينا عدد من الطرق الذي عمل بها بولس. مثلاً، شجع أولئك المؤمنين ذوي العلم العظيم على الامتناع عن تناول الطعام في المعابد الوثنية، لئلا يشجّع هذا العمل المسيحيين الضعفاء على الاشتراك في عبادة الأوثان. في ١ كورنثوس ٨: ١، قالَ:

وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ مَا ذُبحَ لِلأَوْثَانِ فَنَعْلَمُ أَنَّ لِجَمِيعِنَا عِلْماً. الْعِلْمُ يَنْفُخُ وَلكِنَّ الْمَحَبَّةَ تَبْنِي. (١ كورنثوس ٨: ١)

بكلمات أخرى، فإن ما قاله حول عدم أكل المذبوح للأوثان، كان في الحقيقة، برهاناً عن كيف نحب.