أعماق الفكر اللاهوتي عند بولس: بولس وأهل غلاطيةعينة
اليوم 11: فَهم بولس للناموس – غلاطية ٣: ١٩
تطرق بولس إلى موضوع الشريعة عدة مرات في رسالته، لكنه في الإصحاح الثالث تناول بوضوح القصد من الشريعة بعلاقته بهذا العالم والعالم الآتي.
وقد سبق ورأينا أن نَيل بركات الله بالإيمان ليس عقيدة جديدة أتى بها بولس إلى تبشير الأمم. فالإيمان كان دائماً الطريق إلى الخلاص في كل الكتاب المقدس. لكن تشديد بولس على الإيمان طرح سؤالاً جدياً: إن كانت بركات الله لليهود والأمم قد أتت دائماً عن طريق الإيمان وحده، فما هو القصد إذاً من ناموس موسى؟ لماذا أعطى الله الناموس الموسوي لإسرائيل؟ أجاب بولس على هذه الأسئلة في ٣: ١٩:
فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ قَدْ زِيدَ بِسَبَبِ التَّعَدِّيَاتِ إِلَى أَنْ يَأْتِيَ النَّسْلُ. (غلاطية ٣: ١٩)
لاحظ كيف يشير بولس إلى ذلك. أعطي الناموس بسبب التعديات، وإلى أن يأتي النسل.
للوهلة الأولى، يبدو كما لو أن بولس تجاهل القيمة الأدبية التي لشريعة موسى، حاصراً إياها في عالم ما قبل مجيء المسيح. لكن عدة مقاطع في غلاطية تُبيّن أن الوضع لم يكن كذلك. في غلاطية ٥: ١٤ يقتبس بولس من سفر اللاويين ١٩: ١٨ من العهد القديم ليشرح لماذا يجب على المؤمنين ن يسعوا وراء المحبة.
لأَنَّ كُلَّ النَّامُوسِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يُكْمَلُ تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. (غلاطية ٥: ١٤)
إشارة أخرى إلى الشريعة تظهر في غلاطية ٥: ٢٢-٢٣:
وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ. (غلاطية ٥: ٢٢-٢٣)
لكن إن لم يكن بولس يُعلّم المسيحيين أن يلقوا جانباً شريعة موسى، فلماذا كتب إذاً في غلاطية ٣: ١٩ أن الناموس أعطي "بسبب التعديات" وأنه سيبقى فعالاً إلى أن يأتي النسل؟
للإجابة على هذا السؤال يساعدنا أن نتذكر أن المشكلة في غلاطية هي أن المعلمين الكذبة ظنوا أن الشريعة كانت أفضل مما هي في الواقع: فقد اعتبروا أن الطاعة للشريعة هي طريقة نَيلهم خلاص الله. لكن بولس علّم أن الله يبارك شعبه دائماً عن طريق الإيمان. لذلك قال في ٣: ١٩: "النَّامُوسُ؟ قَدْ زِيدَ بِسَبَبِ التَّعَدِّيَاتِ". فلم يكن الغرض من الشريعة أن تعطي شعب الله خلاصاً أو لتمكنهم من عيش حياة بارة، بل لكي تكشف خطيتهم.
وقد كان هذا دور الشريعة الهام في خطة الله إلى أن يأتي النسل أي إلى وقت مجيء المسيح. فقد أعطيت شريعة موسى لتدين الرجال والنساء على خطاياهم. لكن سلطان الشريعة على الدينونة كان وقتياً فقط. أما الآن وقد جاء المسيح، فقد أسس عالماً جديداً. والمؤمنون من خلال اتحادهم بالمسيح يدخلون إلى هذا العالم الجديد الآتي. وفي هذا العالم الجديد، أُلغي سلطان الشريعة للدينونة، وتحرّر أتباع المسيح الحقيقيون من دينونة الشريعة.
الكلمة
عن هذه الخطة
البحث في خلفية رسالة بولس إلى أهل غلاطية، محتوى الرسالة إلى أهل غلاطية، ووجهات نظر بولس اللاهوتية الرئيسية.
More
:نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على توفير هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع http://thirdmill.org