قانون إيمان الرسلعينة
اليوم 7: الأهمية (الشامل)
إن إحدى الطرق التي نحكم بها على حقيقة الوقائع هي بالنظر إلى ما يقوله الشهود المختلفين. وبقدر ما يزيد عدد الشهود الذين يُشيرون إلى حقيقة فكرة، فمن الأرجح أننا سنصدقها. في الواقع، ينطبق الأمر نفسه على اللاهوت. فعندما نحاول تحديد ما يجب أن نؤمن به، سيساعدنا أن نعرف ما آمن به أناس آخرون عبر التاريخ، بالإضافة إلى ما يؤمن به الناس في عالمنا المعاصر. وعندما يتعلق الأمر بقانون إيمان الرسل، فقد تم الإقرار بتصريحاته العقائدية من قبل معظم المسيحيين في معظم الأماكن.
سنستعرض الطبيعة الشاملة لبنود الإيمان في قانون إيمان الرسل في ثلاث حِقْبَات تاريخية. أولاً، سنرى أن هذه المعتقدات متأصلة في العهد الجديد. ثانياً، سنرى أن معظم المسيحيين عبر تاريخ الكنيسة أقرّوا بها. وثالثاً، سننظر إلى الطرق التي لا تزال تصف بها الكنيسة في الوقت الحاضر.
1) العهد الجديد:
يقرّ العهد الجديد ببنود الإيمان المُدرَجة في قانون إيمان الرسل في ضوء هذه الوحدة، من العدل أن نقول إنه يفعل ذلك بصورة شاملة. فهو يناقش لاهوت الآب والابن والروح القدس باستمرار، بينما يصرّ في نفس الوقت على وجود إله واحد فقط. وتقدّم الأناجيل حقائق قانون الإيمان حول الحبل بالمسيح، ولادته، حياته، خدمته، موته، قيامته وصعوده. وتؤيد أسفار العهد الجديد، بشكل كامل تصريحات قانون الإيمان حول الكنيسة والخلاص.
2) تاريخ الكنيسة:
أظهرت كنيسة القرون اللاحقة مجموعة متنوعة من اللاهوت. فقد كان هناك القليل جداً من الوحدة في الكثير من المسائل البسيطة. لكن تم قبول العقائد الأكثر أهمية، مثل بنود الإيمان في قانون إيمان الرسل، والإقرار بشكل شامل تقريباً. وفي هذه الحالات التي رُفِضَت فيها هذه المعتقدات الأساسية، فقد اعتبرت الكنيسة والتاريخ المنشقين إلى حد كبير، كمعلمين كذبة.
وكمثال واحد فقط، تأمل في أحداث القرن الرابع للميلاد. حيث كانت النسخ الأقدم لقانون إيمان الرسل مُستخدَمة في ذلك الوقت. وقد برزت في تلك الحِقبة من التاريخ، عدة بدع، تعاملت الكنيسة معها في مجامعها. وكان بعض هذه المجامع محلياً، بينما اُعتبِر البعض الآخر مسكونياً، لأنهم تضمّنوا أساقفة من معظم أجزاء الكنيسة حول العالم. على سبيل المثال، كان مجمع نيقيّة في سنة 325 ميلادية ومجمع القسطنطينية في سنة 381 ميلادية، مجمعان مسكونيان يعالجان مسائل تتعلق بعدة بنود في قانون إيمان الرسل.
لقد تم صياغة قانون الإيمان النيقاوي الحديث في مجمع نيقية سنة 325 ميلادية، ووصل إلى شكله الحالي في "مجمع القسطنطينية" سنة 381 ميلادية. وهو إلى حد بعيد امتدادٌ وتفسيرٌ لقانون إيمان الرسل، والغاية منه، توضيح العديد من أفكاره بغرض إنكار التفسيرات الخاطئة لقانون الإيمان.
على سبيل المثال، علَّمت البدعة المعروفة بالغنوسية، بأن إله الكتاب المقدس الذي خلق العالم، هو نفسه، مخلوق من إله آخر. لم يدين قانون إيمان الرسل بدعاً مثل الغنوسية بوضوح، ولهذا أضاف قانون الإيمان النيقاوي اللغة ليجعل قانون إيمان الرسل أكثر وضوحاً.
على وجه التحديدً، عندما قال قانون إيمان الرسل "أؤمن بإلهٍ واحدٍ، آبٍ قادر ٍعلى كل شيء، خالق السماء والأرض"، قدّم قانون الإيمان النيقاوي هذا البيان الموسّع: "نؤمن بإله واحد آب ضابط الكل، خالق السماء والأرض، كل ما يُرى وما لا يُرى". لاحظ أربعة أمور هنا: أولاً، يستند قانون الإيمان النيقاوي على قانون إيمان الرسل. وقد أظهر المجمع النيقاوي المسكوني، بإسناد قانون إيمانهم على قانون إيمان الرسل، بأن الكنيسة أقرّت بقانون إيمان الرسل بصورة شاملة. ثانياً، بدأ قانون الإيمان النيقاوي بكلمة نؤمن بدل أؤمن، ففي حين أن القصد من قانون إيمان الرسل هو اعتراف الفرد بالإيمان عند المعمودية، كان قانون الإيمان النيقاوي تصريحاً بأن الكنيسة تصادق على هذه العقائد بصورة شاملة وجماعية. ثالثاً، قدّم قانون الإيمان النيقاوي توضيحاً بإضافة كلمة واحد بعد كلمة إله. وقد أوضح هذا، ما تضمنه قانون إيمان الرسل: بأن هناك إلهاً واحداً فقط. ورابعاً، قدّم قانون الإيمان النيقاوي توضيحاً بأن الله خلق كل شيء، بما في ذلك الأشياء غير المنظورة مثل الأرواح. وقد أوضح هذا أن الله نفسه لم يُخلق. مرةً أخرى، كانت هذه النقطة مُتضمَّنة في قانون إيمان الرسل، حتى أن قانون الإيمان النيقاوي كان بكل بساطة توضيحاً لتلك المسألة.
لهذا السبب، نُظر إلى "قانون إيمان الرسل بصورة عامة كالبيان الأبسط للإيمان المسيحي والأكثر قبولاً بين الكنائس. وحده، "قانون الإيمان النيقاوي" اقترب من "قانون إيمان الرسل" من ناحية قبوله مسكونياً عبر التاريخ. لكن قانونَ الإيمانِ النيقاوي ليس بالبساطةِ ذاتها. فهو يتضمنُ عدة تصريحاتٍ لاهوتيةٍ يصعبُ فهمها حتى على اللاهوتيين.
3) الحاضر:
أنكر المعلمون الكذبة، في كل عصر، المعتقدات الأساسية التي تمسكت بها الكنيسة لمدة قرون. حيث تعتبر البدع، في العالم المعاصر، مثل شهود يهوه والمورمونيّون، أنهم مسيحيون لأنهم يقبلون الكتاب المقدس ويحاولون اتباع المسيح بطريقة ما. لكنهم ليسوا مسيحيين حقاً، لأنهم ينكرون المعتقدات الأساسية التي رسمت حدود المسيحية لألفَي سنة – معتقداتٌ يمكن أن نجدها في بنود قانون إيمان الرسل. وتنكر حتى بعض الكنائس التي لا تُعتَبر بدع، تعاليم أساسية مشابهة، كما يفعل بعض المعلمين الأفراد داخل الكنائس المسيحية.
لكن إذا رفض عدد كبير من الناس العقائد المُدرَجة في قانون إيمان الرسل، كيف يمكننا أن نقول أن قانون الإيمان يميّز الكنيسة اليوم بصورة شاملة؟ في الواقع، إن الإجابة على هذا السؤال ثنائية. فمن جهة، إن الغالبية العُظمى من الكنائس التي تدّعي أنها مسيحية، تقرّ بهذه العقائد. حيث تم تَعلُمُها والإيمان بها من قبل البروتستانت المحافظين بكل أنواعهم، بما فيهم المعمدانيين، الميثودست، اللوثريين، الإنجيليين، المشيَخيين، وما شابه. وتم الإقرار بها أيضاً من قبل عدد أكبر من الكنائس غير البروتستانتية مثل الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، وكنائس الأرثوذكسية الشرقية. بالإضافة إلى هذا، ربما ينبغي عدم دعوة الكنائس التي تنكر هذه العقائد بأنها مسيحية، فرغم أنها تصادق على الكتاب المقدس، وتدعي اتباع المسيح، فهي لا تتمسك في الواقع بتعاليم الأسفار المقدسة أو تعاليم الكنيسة التاريخية. ولهذا السبب، فهي لست حقاً مسيحية.
الكلمة
عن هذه الخطة
هناك العديد من الطوائف، والانقسامات، والخلافات اللاهوتية في الكنيسة المعاصرة. ولكن على الرغم من أنواع الانقسامات هذه، فهناك جوهر مشترك للإيمان يُقرّه كل المسيحيين الأمناء على مر التاريخ. وإلى ما يقرب من ألفي عام، تم تلخيص جوهر الإيمان هذا في قانون إيمان الرسل. تشرح هذه الخطة تاريخ واستخدام قانون إيمان الرسل، كذلك تفاصيل وأهمية كل مادة من مواد الإيمان للكنيسة المعاصرة.
More
نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: http://arabic.thirdmill.org/