التَّصَدّي للجبابرةعينة

التعلّق بكلمة الله

أمام المهمّة العظيمة التي تسلَّمها يشوع، لم يَقُلْ له الله إنَّ أولويَّتَه ينبغي أن تكونَ الاستراتيجيَّةَ العَسكريَّة، أو الاستعدادَ المَالِيّ، أو العلاقاتِ المُتبادَلةَ بينه وبين الدُّوَلِ المُجاورة. لا شَكَّ في أنَّ هذه الأمورَ مُهمَّة، ولكِنَّها لا تأتِي في المَقامِ الأوَّل. وقد كانت أولويَّةُ يَشوعَ الأُولى هي هذه: أن يَلْهَجَ نَهارًا وَلَيلًا في مبادئِ كلمةِ الله، لأنَّه اعتبر أنّ كلمة اللهِ هي السَّبيلُ الوحيدُ للنَّجاح.

"لاَ يَبْرَحْ سِفْرُ هذِهِ الشَّرِيعَةِ مِنْ فَمِكَ" (يَشوع 1: 8). كان لا بدَّ لهذا الكِتابِ أن يكون خُطَّتَهُ العمليَّة. كان ينبغي أن يَحمِلَ هذا الكتاب بِيَدَيْهِ ويَحفظَهُ في قلبه. فهو المِفتاحُ الَّذي سَيُمَكِّنُهُ مِنْ إنجازِ المهمَّةِ الَّتي أَوْكَلَها اللهُ إليه. وهذا يَتطلَّبُ تَكريسًا لا يَقِلُّ عن تَكريسِ عَدَّاءِ المسافاتِ الطَّويلةِ الَّذي يَتَمَرَّنُ لأجل المُنافسةِ في سِباقِ الماراثون في الألعابِ الأولمبيَّة. وقد لاحظتُ أنَّ العَدَّائينَ الَّذين قَرأتُ عنهم كانوا يُرَكِّزون تَركيزًا مُدهشًا. فَهُمْ يَعيشون بِتَكريسٍ يُشبِهُ تَكريس المُحارِبين الإسْبَرْطِيِّينَ.

كذلك، ينبغي أن تكون كلمةُ اللهِ كُلّ شيءٍ في حياتي، والمِحْوَرُ الَّذي تَدورُ حَولَهُ كُلُّ قَراراتي وقِيَمي. ينبغي أن أُرَتِّبَ حياتي وَفْقًا لمبادئِها، وأدرُسَها دراسةً مُنتظَمةً لتَعزيزِ أهدافي الحَياتِيَّة. وأَرْجِعُ إليها قَبْلَ إعدادِ الخُطَطِ أو اتِّخاذ القرارات. فما يَقولُهُ الكتابُ المقدَّسُ أَهَمُّ مِمَّا يَقولُهُ أيُّ شخصٍ آخَر. فهو، في نهايةِ الأمر، كلمةُ الله. الكِتابُ المُقَدَّسُ هو سِلاحي الَّذي اختَرْتُهُ لمُحاربةِ الخوفِ مِنَ الفشل. فإنْ أَرَدْنا أن نكونَ شُجْعانًا في التَّصَدِّي للجبابرة الموجودين في حياتِنا، يجب علينا أن نَجعلَ أولويَّاتِنا القُصوى هي كلمة الله وأن نتَحَدَّث بالكلمة دائمًا.

ولا بُدَّ أنَّ جُزءًا مِمَّا قَرأه يَشوعُ قُدَّامَ الشَّعبِ كان ذلك المقطعَ مِنْ سِفْر التَّثنية 6: 6- 9، ووصايا مُوسَى إلى الآباء بشأنِ كيفيَّةِ جَعْلِ كلمةِ اللهِ جُزْءًا لا يَتجزَّأ مِنْ نَسيجِ حياةِ أولادِهم: "...وَتَكَلَّمْ بِهَا [أيْ بكلمةِ اللهِ] حِينَ تَجْلِسُ فِي بَيْتِكَ، وَحِينَ تَمْشِي فِي الطَّرِيقِ، وَحِينَ تَنَامُ وَحِينَ تَقُومُ" (العدد 7).

صلاة

يا إلهي، أنتَ هو الكلمة الأزليّ، والكلمة روح وحياة لنا وهي أثمن من الذهب والإبريز الكثير، وأشهى من العسل وقطر الشهاد. ساعدني لأتعلّق بكلمتك لأحفظها وأُحبّها وأسلك بحسبها فأنجح في كلّ طرقي، آمين.