رسالة يعقوبعينة
اليوم 05: الحكمة والمستقبل – يعقوب 4: 13 – 5: 12
يُمْكِنُ تَقْسِيمُ حَدِيثِ يَعْقُوبَ عَنْ الْحِكْمَةِ وَالْمُسْتَقْبَلِ إلَى ثَلاثَةِ أجْزَاءَ. يُوْجَدُ الْجُزْءُ الْأوَّلُ فِي 4: 13-17، وَهُوَ يَتَعَلَّقُ بمن يَضْعون الْخُطَطِ بِشَأنِ الْمُسْتَقْبَلِ، وَكَأنَّ الله لَيْسَ هو المتحكّم.
تُشِيرُ هَذِهِ الْأعْدَادُ إلَى أنَّ كَثِيرِينَ مِنْ قُرَّاءِ يَعْقُوبَ كَانُوا يُحَاوِلُونَ تقرير مُسْتَقْبَلَهُمْ. فَقَدْ كَانُوا يُرَّكِّزُونَ عَلَى تكديس الثَّرْوَةِ، ويَتَفَاخَرُونَ بِشَأنِ مَا سَيَعْمَلُونَهُ وَبِشَأنِ الْأمَاكِنِ الَّتِي سَيَذْهَبُونَ إلَيْهَا. وَرَدّاً عَلَى هَذَا، يُذَكِّرُهُمْ يَعْقٌوبُ بِأنَّ حَيَاتَهُمْ زَائِلَةٌ كَالْبُخَارِ.
فِي الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْقِسْمِ، يُوَجِّهُ يَعْقُوبُ اِنْتِبَاهَهُ إلَى مَوْضُوعِ الْحِكْمَةِ وَالْمُسْتَقْبَلِ من وجهة مختلفة قليلًا. فَفِي 5: 1-6، حَذَّرَ مِنْ كنز الثَّرْوَةِ بسبب يَوْمِ الْقَضَاءِ الْمُسْتَقْبَلِيِّ.
تَكَلَّمَ يَعْقُوبُ بإسهاب عَنْ طَرِيقَةِ مُعَامَلَةِ الْفُقَرَاءِ فِي مَقَاطِعَ كَثِيرَةٍ. وأدَانَ بِشَكْلٍ مُتَكَرِّرٍ الْأغْنِياءَ لأجل اسْتِغْلالِ من لهم أموالًا أقل. وَفِي هَذِهِ الْأعْدَادِ، يُحَذِّرُ يَعْقُوبُ الْأغْنِيَاءَ الذين جَمَعُوا ثَرْوَتَهُمْ عَلَى حِسَابِ الْفُقَرَاءِ، وَيُخْبِرُهُمْ أنَّهُمْ سَيُعَانُونَ قَرِيبَاً جَرَّاءَ عَمَلِهِمْ هَذَا. فَيُعَبِّرُ عَنْ هَذَا فِي 5: 3 قَائِلاً:
ذَهَبُكُمْ وَفِضَّتُكُمْ قَدْ صَدِئَا، وَصَدَأُهُمَا يَكُونُ شَهَادَةً عَلَيْكُمْ، وَيَأْكُلُ لُحُومَكُمْ كَنَارٍ! قَدْ كَنَزْتُمْ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ.
وَكَمَا يُشِيرُ هَذَا الْمَقْطَعُ، فَإنَّ تكديس الثَّرَوَةِ عَلَى حِسَابِ الْآخَرِينَ سيجلب دَيْنُونَةٍ قَاسِيَةٍ.
فِي الْجُزْءِ الثَّالِثِ مِنْ حَدِيثِ يَعْقُوب عَنْ الْحِكَمَةِ وَالْمُسْتَقْبَلِ، وَالَّذِي يَرِدُ فِي 5: 7-12، يَتَحَوَّلُ إلَى الْحَدِيثِ عَنْ التأني في انتظار اسْتِعْلانِ خِطَّةِ اللهِ لِلْمُسْتَقْبَلِ.
كَانَ يَعْقُوبُ قَدْ اِنْتَقَدَ من وَضَعُوا خُطَطاً مِنْ دُونِ الْاِعْتِمَادِ عَلَى اللهِ فِي نَوَالِ الْحِكْمَةِ. كما حَذَّرَ من تَجَاهَلُوا حِكْمَةَ اللهِ بأن كنزوا وأساءوا معاملة الْفُقَرَاءِ بِأنَّهُمْ سيقاسون دَيْنُونَةِ اللهِ. وَلَكِنْ بَعْدَ ذَلِكَ، شَجَّعَ يَعْقُوبُ الَّذِينَ يَتَألَّمُونَ علَى أَنْ يتأنّوا في انتظارِ أنْ يأتي اللهُ بالتَّارِيخَ إلَى اكتماله النهائي. اقرأ استخدام يَعْقُوبَ للتشبيه في 5: 7-8.
فَتَأَنَّوْا أَيُّهَا الإِخْوَةُ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ. هُوَذَا الْفَلاَّحُ يَنْتَظِرُ ثَمَرَ الأَرْضِ الثَّمِينَ، مُتَأَنِّيًا عَلَيْهِ حَتَّى يَنَالَ الْمَطَرَ الْمُبَكِّرَ وَالْمُتَأَخِّرَ. فَتَأَنَّوْا أَنْتُمْ وَثَبِّتُوا قُلُوبَكُمْ، لأَنَّ مَجِيءَ الرَّبِّ قَدِ اقْتَرَبَ.
فَإنَّ كَلِمَاتَ يَعْقُوبَ فِي هَذَا الْقِسْمُ كَانَتْ أكْثَرَ مِنْ مجرد توبيخ لِلْأغْنِيَاءِ، إذْ هَدَفَتْ أيضًا إلى تَشْجِيعِ الْفُقَرَاءِ والمقهورين. وَقد ذكَّرَ توْبِيخُ يَعْقُوبَ الْقَوِيُّ قُرَّاءَهُ بَأنَّ يَوْمَ الدَّيْنُونَةُ آتٍ. وفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، سَيُكَافَأُ من اِعْتَمَدُوا عَلَى اللهِ بأمَانَةٍ. وبهذا شَجَّعَ الْأُمَنَاءَ عَلَى أنْ يَسْتَمِرُّوا فِي سبيل الْحِكْمَةِ التقويّة، وَأنْ يسلكوا بحسب اعتراف إيمَانَهُمْ، مطيعين اللهَ فِي ُضُوءِ الْخَاتِمَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي بِهَا سَتَكْتَمِلُ خُطَّةُ اللهُ لِلْمُسْتَقْبَلِ.
مَا يَقُولُهُ يَعْقُوبُ بِشَكْلٍ أسَّاسِيٍّ أمْرٌ من شأنه أن يصدم كَثِيرِينَ مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ سَمِعُوهُ. فَهُوَ يناقض الْفَهْمَ الَّذِي كَانَ لَدَى كَثِيرِينَ فِي إسْرَائِيلِ عَنْ الْعَلاقَةِ بَيْنَ الْأغْنِياءِ وَالْفُقَرَاءِ، فَيَعْتَبِرُ أنَّ الْفُقَرَاءَ هُمْ الْمُبَارَكُونَ الْمُطَوَّبُونُ، بَيْنَمَا يُحَذِّرُ الْأغْنِيَاءَ بأن يستعدوا للتوبة وَيَتَوَقَّعُوا حُلُولَ الدَّيْنُونَةِ. وَأسَاسُ تِلَكَ الدَّيْنُونَةِ هُوَ أنَّ هَؤلاءِ كَانُوا يكنزون، إذ أنه إن بَارَكَكَ اللهُ بِثَرْوَةٍ فَإنَّ إرَادَتَهُ هِيَ أنْ تُشَارِكَ هَذِهِ الثَّرْوَةُ مَعَ قَرِيبِكَ، وَأنْ تَسْتَخْدِمَهَا لِبَرَكَتِهِ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا يكنزون لِأجْلِ أنْفُسِهِمْ. كَانُوا يَسْلِبُونَ الفعلة ولا يدفعون أُجُورَهَمْ. الثَّرْوَةُ عَطِيَّةٌ مِنَ اللهِ يَنْبَغِي أنْ تُسْتَخْدَمَ بِالطَّرِيقَةِ الَّتِي يُرِيدُهَا اللهُ، وَلَيْسَ لِأجْلِ نَفْسِكَ، بَلْ لِأجْلِ قَرِيبِكَ. وَيَنْبَغِي أنْ يَكُونَ الْمَبْدَأُ "أحْبِبْ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ" هُوَ الْمَبْدَأَ الَّذِي يُوَجِّهُ كُلَّ أعْمَالَكَ.
— ق. ديڤيد لوِس
عن هذه الخطة
إن رسالة يعقوب هي رسالة عمليّة للغاية لقرّائها في أي زمان. فقد اعترف قرّاء يعقوب الأصليّين بإيمانهم بالمسيح، ولكن لم يكن العديد منهم يعيشون الحياة التي تعكس إيمانهم. وللتعامل مع هذا التفاوت، تناول يعقوب قضايا حياتيّة حقيقيّة مازالت تخاطبنا اليوم. تنظر هذه السلسلة إلى خلفية رسالة يعقوب، وبنيتها، ومحتواها، كما تبحث في الحكمة والتعليم العملي في رسالة يعقوب الذي لا يزال وثيق الصلة بالقرّاء المعاصرين.
More
:نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على توفير هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع http://thirdmill.org