رسالة يعقوبعينة
اليوم 01: تحية يعقوب 1: 1
مَعْ أنَّنَا نَعْرِف أنَّ الرُّوح الْقُدُس هُوَ مَنْ أوْحَى بالْكِتَاب الْمُقَدَّس، لكن تُشِير أيضًا أسْفَار عَدِيدَة فِي الْكِتَاب الْمُقَدَّس، مِثْل رِسَالَة يَعْقُوب، إلَى كُتّابِها من البشر. وَكُلَّمَا ازْدَادَتْ مَعْرِفَتنَا بِكُتَّاب أسْفَار الْكِتَاب الْمُقَدَّس، صِرْنَا أكْثَر قُدْرَة وَاسْتِعْدَادًا لِفَهْم وَتَفْسِير مَا كَتَبُوه.
تأمل تحية يعقوب القصيرة:
يَعْقُوبُ، عَبْدُ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، يُهْدِي السَّلاَمَ إِلَى الاثْنَيْ عَشَرَ سِبْطًا الَّذِينَ فِي الشَّتَاتِ. (يعقوب 1: 1)
يَنْبَغِي ألَّا تَفُوتَنَا الطَّرِيقَةُ الَّتِي بِهَا وَصَفَ يَعْقُوبُ نَفْسَهُ هُنَا. فَقَدْ دَعَا نَفْسَهُ "عَبْدَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ".
كَانَ يُمْكِنُ لِيَعْقُوبَ أنْ يُقَدِّمَ نَفْسُهُ بِصِفَتِهِ قَائِدَ الْكَنِيسَةِ، أوْ حتى بِصِفَتِهِ أخَا يَسُوعَ. وَلَكِنَّهُ اِخْتَارَ أنْ يُشَدِّدَ عَلَى حَقِيقَةِ أنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَالْمَسِيحِ. يُمْكِنُ لِهَذِهِ الْإشَارَةُ الْمُزْدَوَجَةُ أنْ تَكُونَ تَعْبِيرَ يَعْقُوبَ الشَّخْصِيَّ عَنْ الاتّضاع، وَهُوَ مَوْضُوعٌ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ لاحِقاً فِي الرِّسَالَةِ. وَلَكِنَّهُ هُنَا يضرب مثالًا لذَلِكَ الاتّضاع بِالْإشَارَةِ بِوُضُوحٍ إلَى كَوْنِهِ عَبْداً لِأخِيهِ، أي ليسوع.
في كثير من الأحيان، يبذل علماء اللاهوت قدراً كبيراً من الوقت والجهد فِي مُحَاوَلَة اكْتِسَاب أكْبَر قَدْرٍ مِنْ الْمَعْرِفَة حول كَاتِب سفر مُعَيَّن مِنْ أسفار الْكِتَاب الْمُقَدَّس. وَلَكِن اكْتِشَاف هُوِيَّة الْقُرَّاء الأصْلِيِّين أمْر لَا يَقِل أهَمِيَّة عن ذلك. فإنْ أرَدْنَا تفسيراً صحيحاً لمَا يَقُولُه أحَد كُتّاب الأسفار المقدسة، فَإن مَعْرِفَة الْقُرَّاء الأصْلِيِّين، وَمَا كَانُوا يُوَاجِهُونَهُ فِي تِلْكَ الْفَتْرَة مِنَ التَّارِيخ، تُسَاعِدْنَا فِي تَحْقِيق ذَلِك. وَكَمَا رَأيْنَا سَابِقَاً، في رسالة يعقوب 1: 1، عَرَّفَ يَعْقُوبُ قُرّاءهِ على النحو التالي:
الاثْنَيْ عَشَرَ سِبْطًا الَّذِينَ فِي الشَّتَاتِ. (يعقوب 1: 1)
ويبدوا أن ذلك إشارة إلى اليهود الذين كانوا يعيشون خارج إسرائيل. وَفِي 2: 1، يُخَاطِبُ يَعْقُوبُ قُرَّاءَهُ بِاعْتِبَارِهِم:
إِخْوَةً فِي رَبِّ المَجْدِ يَسُوعَ المَسيحِ. (يعقوب 2: 1)
هَذَانِ الْعَدَدَانِ مَعاً يُشِيرانِ إلَى أنَّ قُرّاءَ رِسَالَةِ يَعْقُوبَ الْأصَلِيِّينَ كَانُوا يَتَألَّفُونَ بِشَكْلٍ رَئِيسِيٍّ مِنْ مَسِيحِيِّينَ مِنْ أصْلٍ يَهُودِيٍّ يَعِيشُونَ خَارَجَ فِلَسْطِينَ.
في العصرِ الرسولي للكنيسةِ، كَانَ مَوْضُوعُ هَوِيَّةَ الْكَاتِبِ بَالِغَ الْأَهَمَّيَّةِ. فَمَنْ لَدَيْهِ سُلْطَةٌ كي يُعَلِّمَ وَيَقُودَ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ الْجَدِيدَةِ مِنْ أَتْبَاعِ يَسوعَ الْمَسِيحِ؟ كَانَتْ هُنَاكَ كِتَابَاتٌ عَدِيدَةٌ مُتَدَاوَلَةٌ آنذاك، وادّعاءاتٌ عديدةٌ بالسلطة، وَأحَدُ الْمَعَايِيرِ الهامة الَّتِي نشأت فِي تِلْكَ الْفَتْرَةِ هُوَ أنْ يَكُونَ الْكَاتِبُ شَاهِدَ عَيَانٍ عَلَى خِدْمَةِ يَسوعَ الْمَسِيحِ. فمن كَانُوا شُهُودَ عَيَانٍ على خدمة الرب، إذْ قَضُوا وَقْتًا مَعَه، كَانَوا يُعتبرون مستحقين أن تكونَ لهم سلطةُ التعليم فِي الْكَنِيسَةِ الْأولَى. وَطَبْعًا كَانَ يَعْقُوبُ أخُو يَسوعَ شَاهِدَ عَيَانٍ عَلَى خِدْمَته، وَالْأَكْثَرَ مِنْ هَذَا أنَّهُ كَانَ شَاهِدَ عَيَانٍ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى كُلِّ حَيَاةِ يَسوعَ، وَقَدْ كَانَ لِذَلِكَ دَوْرٌ كبيرٌ فِي الأهميّة الخاصة التي أُوليت لِتَعْلِيمِ يَعْقُوبَ، ورسالته فِي الْكَنِيسَةِ الْأُولَى.
— ق. د. مايكل واكر
الكلمة
عن هذه الخطة
إن رسالة يعقوب هي رسالة عمليّة للغاية لقرّائها في أي زمان. فقد اعترف قرّاء يعقوب الأصليّين بإيمانهم بالمسيح، ولكن لم يكن العديد منهم يعيشون الحياة التي تعكس إيمانهم. وللتعامل مع هذا التفاوت، تناول يعقوب قضايا حياتيّة حقيقيّة مازالت تخاطبنا اليوم. تنظر هذه السلسلة إلى خلفية رسالة يعقوب، وبنيتها، ومحتواها، كما تبحث في الحكمة والتعليم العملي في رسالة يعقوب الذي لا يزال وثيق الصلة بالقرّاء المعاصرين.
More
:نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على توفير هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع http://thirdmill.org