قانون إيمان الرسلعينة
اليوم 22: العمل (التواضع)
إن عمل يسوع في التواضع مذكور في الأسطر التالية من قانون إيمان الرسل:
الذي حُبل به بالروح القدس، وولد من مريم العذراء. وتألم على عهد بِيلاَطُسُ الْبُنْطِيُّ، وصلب ومات وقبر؛ ونزل إلى الجحيم.
لقد حجب ابن الله مجده في كلٍ من هذه الأعمال، وأخفاه عن الأنظار، وأخضع نفسه للمعاناة والهوان. ولأن طبيعة الابن الإلهية ثابتة، فلا يمكن إذلالها. وهكذا، كان تواضعه محصوراً بطبيعته البشرية. ومع ذلك، وبسب اتحاد طبيعته البشرية بشخصه تماماً، فقد اختبر شخصه الإلهي التواضع بصورة كاملة. سنلخّص أعمال يسوع في التواضع تحت عنوانين رئيسيين: تجسده وآلامه.
1) التجسد:
يشير المصطلح اللاهوتي التجسد إلى اتخاذ يسوع طبيعة بشرية بصورة دائمة. وتشير كلمة "تجسد" بشكل حرفي إلى "اتخاذه جسداً"، أي جسداً بشرياً. أكد اللاهوت المسيحي باستمرار، أن يسوع أخذ أيضاً نفساً بشرية. وعندما نتكلم عن التجسد في اللاهوت، فإننا نشير عادة إلى الطبيعة البشرية الكاملة ليسوع. وتتحدث الأسفار المقدسة عن تجسد المسيح في عدة أماكن مثل يوحنا 1: 1 و14؛ فيلبي 2: 6-7؛ وعبرانيين 2: 14–17. إن يوحنا 1: 1 و14 على الأرجح، مصدر المصطلح التقني "تجسد". قال يوحنا إن ابن الله صار جسداً-المعنى الحرفي للتجسد. وكان قصده أن يسوع أخذ طبيعة بشرية حقيقية، بما في ذلك جسد بشري حقيقي. إن الأعمال المرتبطة بتجسد يسوع، في قانون إيمان الرسل، هي الحبل به وولادته. ولكن لماذا كان التجسد ضرورياً؟ وماذا حقق يسوع من خلاله؟
تعلّم الأسفار المقدسة أن عمل يسوع في التجسد أنجز ثلاثة أشياء على الأقل: أولاً، أعطى هذا التجسد الله الابن الحق الشرعي ليكون الملك الداوديّ. ثانياً، أعطاه الرحمة والتعاطف اللذين احتاجهما حتى يكون رئيس كهنة فعال. وثالثاً كان التجسد ضرورياً حتى يصبح يسوع ذبيحة كفارية عن الخطية.
تَجَسَّدَ يسوع من خلال مريم العذراء التي كانت مخطوبة ليوسف. وكما نرى في سلسلة نسب يسوع في متى 1، ولوقا 3، كان يوسف نسلاً شرعياً مباشراً لداود. وهكذا، عندما تزوج يوسف من مريم وتبنّى يسوع، حصل يسوع على سلسلة نسب يوسف الشرعية، ومعها الحق ليكون الملك المسيَّاني.
بالإضافة إلى إعطاء الله الابن الحق الشرعي ليكون الملك الداوديّ، فقد أعطاه التجسد الرحمة والتعاطف اللذان احتاجهما ليكون رئيس كهنة فعال نيابةً عن شعبه.
بالإضافة إلى إعطاء يسوع الحق ليكون الملك الداوديّ والخبرة ليكون رئيس كهنة فعال، مكّن التجسد يسوع من أن يصبح ذبيحة كفَّارية عن خطايا شعبه. لكن لماذا كان ناسوته أساسياً في الكفّارة؟ إن الجواب هو، أن الله فرض الموت البشري كعقاب على الخطية البشرية. وتعلّم الأسفار المقدسة هذا في تكوين 2: 17، رومية 5: 12؛ و6: 23، يعقوب 1: 15 وفي عدة أماكن أخرى. وقد انتشرت الخطية بدءاً من آدم، إلى الجنس البشري بأكمله، وجلبت العقاب الشرعي بالموت البشري. لهذا السبب، يمكن للموت البشري ذو الجسد والدم الحقيقين فقط، أن يلبي متطلبات الله (رومية 5: 15–19). لقد شدّد الرسول بولس، مراراً وتكراراً، أن بر يسوع البشري كان العلاج والنظير لخطيئة آدم البشرية. وقد أوضح بولس بشكل كبير أنه على يسوع أن يكون إنساناً حتى يُصلِح ما دمره آدم. كان عليه أن يكون إنساناً، حتى يأخذ العقاب الذي فرضه الله على البشرية وينشر بره إلى البشر الآخرين.
2) الآلام:
الإشارة هنا هي إلى معاناة يسوع وموته ابتداءً من ليلة القبض عليه. إن آلام يسوع مذكورة في الأسطر التالية من قانون إيمان الرسل:
وتألم على عهد بِيلاَطُسُ الْبُنْطِيُّ، وصلب ومات وقبر؛ ونزل إلى الجحيم.
بالنسبة لما يتعلق بآلام يسوع، تشرح الأسفار المقدسة أن تعليم يسوع الطاعة، وإيداعه بين يدَي الله الآب كان أمراً ضرورياً (عبرانيين 5: 8؛ 1 بطرس 2: 20-21). تمّم المسيح مشيئة الآب من خلال آلامه، وبالتالي استودع نفسه في عهدة الآب. وقد حصل، من خلال الطاعة الكاملة للآب، على مكافأة أبدية – مكافأة يشاركنا بها بسخاء.
ولكن سوء معاملة يسوع تحت حكم بيلاطس، لم ينته بآلامه فحسب، بل استمر حتى موته مصلوباً. وقد يكون هذا من أكثر الجوانب المعروفة لعمل المسيح في التواضع، وذلك لسبب وجيه: فقد كان موته من كفّر عن خطيتنا وتمّم خلاصنا. بعد صلب يسوع، دُفن جسده في قبر، حيث بقي هناك بلا حياة لثلاثة أيام. وكونه إنسان كامل، خضع يسوع لتجربة الموت العادية البشرية. ويسجل قانون إيمان الرسل هذه الحقيقة في هذه الكلمات: نزل إلى الجحيم. وفي ذلك الوقت، بقي جسد يسوع في القبر، بينما نزلت نفسه إلى مكان الأموات.
عندما يقول قانون الإيمان أن يسوع نزل إلى الجحيم، فإن المعنى المرجح هو أن نفسه البشرية نزلت إلى مكان الأنفس التي غادرت. ونزل بالتحديد إلى المكان المخصّص لأنفس الأبرار وليس إلى المكان الذي يتعذب فيه الأشرار. لقد كانت إقامة يسوع من الجحيم جزءاً ضرورياً من عمله، لأنها أخضعت نفسه للعقاب القضائي للموت البشري الحقيقي.
تُبيّن لنا آلام يسوع ما معنى أن تكون إنساناً حقاً في عالم ساقط. فإن كان على ربنا الكامل أن يتألم بينما قاوم الخطية، فلا شك أننا نحن غير الكاملين، سنعاني أيضاً. في الواقع، كما كتب بولس في 2 تيموثاوس 3: 12، إن المعاناة مضمونة لكل من يسعى حتى يحيا حياة القداسة. لكن تُعلّم الأسفار المقدسة أيضاً أن المسيح يتألم أيضاً عندما نتألم نحن. هذا يعني أنه يتعاطف مع ألمنا، ويتوق لتعزيتنا. وكما علّم بولس في كولوسي 1: 24، فإن معاناة المسيح من خلالنا في النهاية ستكتمل. وعندما يحدث هذا، سيعود المسيح في المجد، وسننال ميراثنا الأبدي. إن معاناتنا ليست دون هدف؛ فهي وسيلة يستخدمها الله ليحقق الاستعادة الكاملة لكل الخليقة.
عن هذه الخطة
هناك العديد من الطوائف، والانقسامات، والخلافات اللاهوتية في الكنيسة المعاصرة. ولكن على الرغم من أنواع الانقسامات هذه، فهناك جوهر مشترك للإيمان يُقرّه كل المسيحيين الأمناء على مر التاريخ. وإلى ما يقرب من ألفي عام، تم تلخيص جوهر الإيمان هذا في قانون إيمان الرسل. تشرح هذه الخطة تاريخ واستخدام قانون إيمان الرسل، كذلك تفاصيل وأهمية كل مادة من مواد الإيمان للكنيسة المعاصرة.
More
نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: http://arabic.thirdmill.org/