الرسالة إلى العبرانيينعينة

الرسالة إلى العبرانيين

يوم 18 من إجمالي 19

اليوم 18: العهد الجديد (8: 111: 40)

يركّز القسم الرئيسي الرابع في العبرانيين الممتدّ من 8: 1-11: 40 على العهد الجديد. هنا، يشرح الكاتب المزيد عن تفوق المسيح كرئيس كهنة وملك معيّن من الله من خلال إظهاره تفوّق العهد الجديد على العهد القديم.

إنّ تسمية "العهد الجديد" ترجع إلى إرميا 31: 31. في هذا العدد، تنبّأ النبي أنّ الله سيمنح عهداً للتجديد نهائياً لإسرائيل ويهوذا في الأيام الأخيرة بعد فترة سبي إسرائيل. وهذا العهد الأخرويّ نفسه يدعى "عهد سلام" في إشعياء 54: 10 وحزقيال الإصحاحين 30 و34. لذا عند هذه المرحلة، انتقل كاتب العبرانيين من كلامه حول ملكي صادق في الأيام الأخيرة إلى التحدث عن العهد الجديد. 

يتألف هذا القسم من العبرانيين من ثمانية أجزاء رئيسية. 

1) تقدّم لنا الرسالة إلى العبرانيين 8: 1–13 صورة يسوع كوسيط للعهد الجديد لكونه رئيس الكهنة الجالس على عرش السماوات. في العددين 1 و2، يعلن الكاتب بوضوح ما هو "رأس الكلام". ويبين أنّ يسوع، رئيس الكهنة والملك، هو في السماوات خادمًا "للْمَسْكَنِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي نَصَبَهُ الرَّبُّ لاَ إِنْسَانٌ". بكلماتٍ أخرى، كان الكهنوت اللاوي يقوم بهذا الدور على الأرض. إلّا أنّ كهنوتهم كان مؤسسًا على الشريعة أي (الناموس). في العهد القديم، أقام العهد مع موسى الكهنوت اللاوي الأرضي، لكنّ هذا الكهنوت فشل بسبب خطيّة إسرائيل. في المقابل، لا يمكن للعهد الجديد الذي نقرأ عنه في إرميا 31 أن يفشل، لأنّه قد تَثبَّتَ على مواعيدَ أفضل (العبرانيين 8: 6). وهذه "المواعيد الأفضل" هي وعد بتغيير كامل لشعب الله وبمغفرة أبديّة ونهائيّة لخطاياهم.

2) في العبرانيين 9: 1–28، يتوسّع الكاتب في حديثه عن حقيقة كون كهنوت يسوع الملوكي أعظم من الكهنوت اللاوي. وقد بدأ هذا القسم بإشارته إلى المسكن الأرضي بحسب الترتيب الموسوي، مُظهِرًا ميزات مشتركة بينه وبين مَقْدِس الله السماوي. إضافةً إلى ذلك، يأتي على وصف الممارسات الكهنوتيّة التي أمر بها الله في اللاويين 16: 34 فيما يتعلق بيوم الكفّارة السنوي. وهذا يدلّ على أنّ الذبائح التي كانت تُقدّم في المسكن الأرضي لا يمكنها أن تحلّ مسألة الخطيّة بشكلٍ كامل، بل هناك حاجة لتكرارها سنة بعد أخرى. فكان لا بدّ من أن تُقام هذه الذبائح حتى يصل التاريخ إلى ذروته في الأيام الأخيرة - وهو ما سمّاه الكاتب، في العبرانيين 9: 10، "وقت الإصلاح". 

ويشرح الكاتب أيضًا لماذا كانت ذبيحة المسيح ضرورية. كان ينبغي على المسيح أن يقدّم نفسه ذبيحة مستخدمًا مثال الوصيّة. فإنفاذ الوصايا المألوفة يستلزم موت الموصي. وهكذا كان عهد موسى يستلزم موتًا وسفك دمٍ. من هنا، وبالتحليل المنطقي، شرح الكاتب أنّ تدشين العهد الجديد يستلزم موتًا وسفك دم - دم المسيح في قدس أقداس الله في العرش السماوي. وفي هذه الحالة، إنفاذ حكم إرث "الوصيّة" هو الغفران. لذلك، لا ينال الناس الغفران إلّا عندما يتطهرون بدم ذبيحة يسوع. لقد أبطل يسوع الخطيّة مرّةً لأنّ دمه لم يُرشّ في أقداسٍ مصنوعة بيد إنسان. بل دخل السماء بذبيحة نفسه، تمامًا كما وعد الرب في إرميا 31: 34. مات يسوع فدية عن شعبه ليحرّره من الدينونة. ويُنهي الكاتب هذا القسم بقوله إنّ المسيح سيعود، لكن لا ليحمل خطايانا مجدّدًا. لكن عندما سيظهر ثانيةً، سوف يأتي يسوع بالخلاص للذين ينتظرونه.

3) يواصل الكاتب في العبرانيين 10: 1–18 المقارنة والمقابلة بين عهد موسى والعهد الجديد. لكنّه هذه المرّة يجزم أنّه من خلال العهد الجديد، صار لنا مغفرة نهائيّة لخطايانا، بـيسوع رئيس كهنتنا. ثم يكرّر أنّ الذبائح التي كانت تُقدّم في يوم الكفّارة، كانت بمثابة تذكير سنوي بخطايانا، لكن ليس بإمكانها أن ترفع تلك الخطايا. ويؤكد بأنّ الذبائح الحيوانية لا يُمكن أن تُسرّ الله. ويقتبس من المزمور 40 حين قدّم داود نفسه كقدوة أمام الله ليفعل مشيئته. ويبين أنّ يسوع قد تمّم هذه المشيئة بتقديم جسده على الصليب. وبينما لم تقدر ذبائح اللاويين أن تأتي بالمغفرة النهائية لخطايانا، جاء وعد الله من خلال نبوّة إرميا بعهدٍ جديد سيصفح فيه الله عن خطايا شعبه إلى الأبد. وقد تمّم يسوع ذلك. وبالتالي لا توجد بعد حاجة إلى ذبائح حيوانية عن الخطيّة.

4) يشكّل 10: 19–23 من العبرانيين أول أقسام المناشدات الأربعة. أولاً، يدعو الكاتب قرّاءه إلى الاقتراب من الله والتمسّك بـرجائهم، موضّحًا أنّ المسيح، بدمه، قد هيّأ أمامهم الطريق إلى قدس الأقداس. وكما جاء في العدد 23، بإمكانهم أن "يتمسّكوا بإقرار الرجاء راسخًا" لأنّ الله أمينٌ.

5) وفي 10: 24–31، يحثّ الكاتب قرّاءه أيضًا على ملاحظة بعضِهم بعضًا لِلتَّحْرِيضِ "عَلَى الْمَحَبَّةِ وَالأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ". ويذكر أنّه ينبغي أن يجتمعوا سويّةً، وبالأكثر على قدر ما يرون يوم الدينونة يقرب. ثمّ يتكلّم عن الدينونة المخيفة التي تنتظر من "دَاسَ ابْنَ اللهِ"، وَحَسِبَ دَمَ الْعَهْدِ الَّذِي قُدِّسَ بِهِ دَنِسًا، وَازْدَرَى بِرُوحِ النِّعْمَةِ. كما يشير إلى أن الرَّبُّ يَدِينُ شَعْبَهُ.

6) تفسير وليم ماكدونالد

ويدعو الكاتب قُرّاءه، في العبرانيين 10: 32–35، إلى تذكّر الأيّام السالفة كما يدعوهم ألّا يطرحوا ثقتهم. ويذكّرهم بأنّهم صبروا على ضيقات كثيرة في الماضي بفرحٍ لأنّهم واثقون أنّ لهم مالاً أفضل في السماوات وباقيًا. وأنّهم إن جاهدوا واحتملوا سوف ينالون مجازاة عظيمة.

7) ثمّ يحثّ الكاتب قرّاءه في العبرانيين 10: 36–39 على المثابرة على عمل مشيئة الله. وقد دعم هذه المناشدة بتذكيره إيّاهم أنّ الله سوف يأتي ليجلب البركات والدينونة الأخيرة. ويحذّرهم بقوله إنّ الله لا يسرّ بالذين يرتدّون عن حياة الإيمان. 

8) بعد سلسلة العظات أو المناشدات هذه، يجعل الكاتب مضمون رسالته في 11: 1–40 يتمحور حول الإيمان الذي يُخلّص. وقد ذكرنا أنّ قرّاء العبرانيين قاسوا الاضطهاد في الماضي وهم أمام إمكانية مواجهة اضطهادٍ أشدّ في المستقبل. فكان الكاتب يحثّهم على أن يتحلّوا بإيمانٍ ثابت لا يتراخى في الأوقات العصيبة.

ثمّ يوضّح ما عناه بذلك من خلال تسمية قائمة طويلة من شخصيات العهد القديم تحلّت بأمانتها حتى في وقت الضيق والشدة. وهم في حياتهم لم ينالوا المواعيد، لأنّ مواعيد الله كانت للزمن الآتي. لكن كما يخبرنا الكاتب سوف يشتركون مع الكاتب وقرّائه بالكمال عند عودة المسيح.

يوم 17يوم 19

عن هذه الخطة

الرسالة إلى العبرانيين

 تعد الرسالة إلى العبرانيين أحد أكثر الأسفار تحدّياً في العهد الجديد. فمن  الصعب فهم العديد من موضوعاتها وأفكارها الرئيسية وهي تميل إلى تناولها  بشكل مختلف عما تقوم به أسفار العهد الجديد الأخرى. ولكن من المفيد أن ندرك  أن القرّاء الأصليين كانوا يواجهون الاضطهاد وتجربة الارتداد عن المسيح.  لهذا السبب ركّز كاتب العبرانيين على الثبات القوي في الإيمان، ولذلك تعد  هذه الرسالة من أكثر الأسفار ذات قيمة وتشجيعاً للمسيحيين في كل عصر. في هذه الخطة نتعرّف على خلفية الرسالة إلى العبرانيين ورسالتها الرئيسية. كما نقوم بتلخيص بنية ومحتوى الرسالة إلى العبرانيين، ومعناها الأصلي، والتطبيق المعاصر لها. 

More

نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: 

http://arabic.thirdmill.org/seminary/course.asp/vs/heb