الرسالة إلى العبرانيينعينة
اليوم 17: كهنوت ملكي صادق (4: 14–7: 28)
يعترض الكاتب على التعاليم اليهوديّة المحلّيّة المتعلّقة بـكهنوت ملكي صادق الملكي في العبرانيين 4: 14–7: 28.
ذكرنا سابقاً نصً تم اكتشافه في قمران ويُدعى المصدر 11Q ملكي صادق أو المدراش حول ملكي صادق. وقد صوّر هذا النص ملكي صادق كشخصيّة سماويّة سوف تظهر في الأيام الأخيرة لتقدّم ذبائح كفّاريّة نهائيّة وتعلن ملكوت الله. ويبدو أنّ البعض من القرّاء الأصليين للرسالة قد ارتبكوا بهذا النوع من التعليم. فلماذا عليهم أن يتبعوا المسيح الملك رئيس كهنة الله في الأيام الأخيرة عوضاً عن انتظار مجيء ملكي صادق؟ لذا، أوضح كاتب العبرانيين أنّ المسيح هو الكاهن والملك الحقيقيّ.
يتشعّب هذا القسم من الرسالة إلى أربعة أجزاء. الجزء الأول والثالث يحثّان القرّاء على تقديم المسيح على ملكي صادق والقسم الثاني والرابع يُظهران بالحجج والبراهين لماذا ينبغي على القرّاء تبنّي هذا الفكر.
1) في العبرانيين 4: 14–16، يفتتح الكاتب موضوع ملكي صادق بحض مستلمي رسالته على التمسّك بحزم بالإيمان الذي اعترفوا به. ويشجّعهم على ذلك بتشديده على أن يسوع هو إنسان كامل، بلا خطيّة، ورئيس كهنة عظيم صعد إلى السماء حيث يشفع في المؤمنين لكي ينالوا رحمة ويجدوا نعمة، ويعينهم في أوقات الشدّة.
2) في 5: 1–10، يشرح كاتب العبرانيين كيف كان يسوع جديرًا بأن يكون رئيس الكهنة والملك المعيّن من الله على رتبة ملكي صادق. لقد توفرت في يسوع مؤهلات الكهنوت من خلال طاعته وآلامه. غير أنّه لم يرتقِ بنفسه إلى هذه الرتبة. وقد أظهر الكاتب من خلال اقتباسه من المزمور 2: 7 والمزمور 110: 4، أنّ الآمال التي وضعها شعب إسرائيل في ملكي صادق سوف تتحقّق في الواقع بالآتي من سلالة داود. فالله نفسه اختار يسوع ليكون رئيس كهنة وملكًا على رتبة ملكي صادق. وبهذا، أصبح يسوع مصدر الخلاص الأبدي للذين يطيعونه.
3) إنّ 5: 11–6: 12 هو عظة مطوّلة موجّهة إلى مستلمي رسالة العبرانيين ليرتقوا من التعليم الأوّلي البسيط إلى الأكثر عمقًا. ويقرّ الكاتب بأنّ جمهوره ليس مستعدًّا ليفهم بحثه في موضوع المسيح وملكي صادق. ولكنّه يشجّعهم على أن ينضجوا في الفهم حتّى لا يقعوا في خطر الارتداد. ويحذّرهم أنّهم إن رفضوا الإيمان برئيس الكهنة والملك الحقيقي لن تكون بعد كفّارة للخطيّة. يعد الكاتب قرّاءه بآمالٍ كبيرة، لكن عليهم أن يبتعدوا عن تباطئهم ويتمثّلوا بأولئك الذين يتحلّون بالإيمان والثبات ليرثوا ما وعد الله به.
4) في العبرانيين 6: 13–7: 28، يستمرّ الكاتب في كلامه على يسوع كمتمّم لكهنوت ملكي صادق الملوكي. ويشرح تحديدًا أنّ كهنوت يسوع الملكي قد حلّ محلّ الكهنوت اللاوي أو تخطّاه. كانت خدمة الهيكل في زمن كتابة العبرانيين لا تزال قائمة في أورشليم. وهذه الحقيقة قد أنشأت تحدّيًّا خطيرًا للمسيحييّن الذين أذاعوا أنّ موت يسوع قد أبطل الحاجة إلى ذبائح اللاويين في الهيكل. وليواجه هذا التحدّي، بنى الكاتب على الاعتقادات اليهودية المحلّية بأنّ ملكي صادق سوف ينهي كلّ الذبائح الكفّاريّة في الأيّام الأخيرة. ولكنّه ختم بقسم الله الوارد في المزمور 110: 4 أنّ يسوع، ابن داود العظيم، هو كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق. لذا أنهى يسوع النظام الذبائحي اللاوي.
ولكي يُظهر تفوّق كهنوت يسوع على الكهنوت اللاوي، يذكر الكاتب، أنّه في التكوين 14: 20، قدّم إبراهيم عشوره إلى ملكي صادق مُظهرًا بذلك أنّ ملكي صادق أعظم منه شأنًا. وبناءً على ما جرى، صار اللاويون وهم من صُلب إبراهيم يأخذون الأعشار لما في ذلك من رمزيّة للدور الذي لعبه ملكي صادق. فكان إذًا جديرًا بالمسيح، كرئيس كهنة وملك على رتبة ملكي صادق، أن يحلّ محلّ الكهنوت اللاوي. فما كان ممكنًا للذبائح التي بحسب النظام اللاوي أن تحقّق تكفيرًا تامًّا للخطايا، لكنّ يسوع، الذي فيه تحقّق كهنوت ملكي صادق الملوكي، حقَّق تكفيرًا عن خطايانا مرّة واحدة وإلى الأبد.
الكلمة
عن هذه الخطة
تعد الرسالة إلى العبرانيين أحد أكثر الأسفار تحدّياً في العهد الجديد. فمن الصعب فهم العديد من موضوعاتها وأفكارها الرئيسية وهي تميل إلى تناولها بشكل مختلف عما تقوم به أسفار العهد الجديد الأخرى. ولكن من المفيد أن ندرك أن القرّاء الأصليين كانوا يواجهون الاضطهاد وتجربة الارتداد عن المسيح. لهذا السبب ركّز كاتب العبرانيين على الثبات القوي في الإيمان، ولذلك تعد هذه الرسالة من أكثر الأسفار ذات قيمة وتشجيعاً للمسيحيين في كل عصر. في هذه الخطة نتعرّف على خلفية الرسالة إلى العبرانيين ورسالتها الرئيسية. كما نقوم بتلخيص بنية ومحتوى الرسالة إلى العبرانيين، ومعناها الأصلي، والتطبيق المعاصر لها.
More
نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: