أعطانا الله أنبياء - تحليلات أدبيّة للنبوّةعينة

  

اليوم 07: منطوقات الدينونة – ميخا 6: 1-16

بالإضافة إلى منطوقات الدينونة والويل، أعلن الأنبياء أيضاً عن لعنات عهدية في شكل دعاوي قضائية. والكلمة العبرية " רִיב / ريب" كثيرا ما تكون مرتبطة بهذا النمط من الحديث. ويعني المصطلح العبري "ريب"، عادة، "يكافح" أو "يجاهد"، لكنه احتل مغزى خاص عند الأنبياء. فقد كان مصطلحا فنيّا يستعمل للتعبير عن أجراء شرعي أو دعوى قضائية في ساحة المحكمة السماوية ليهوه، الملك العظيم.

وفي الدعوى القضائية كان ينظر إلى الله كالمدعي العام والقاضي في نفس الوقت. وكان الشهود يدعون للشهادة ضد شعب الله، والشعب هم المدعى عليهم إذ كان الله قد وجه اتهاماً إليهم. ونحن عادة لا نجد في أسفار الأنبياء قضايا كاملة النضج، لكننا كثيراً ما نجد ما قد ندعوه بالقضايا المعدّلة.

هذا وقد تشتمل الدعوى أو القضية على عناصر كثيرة. تماماً كما نتوقع أن نرى في ساحة المحكمة، هناك قبل كل شيء استدعاء رسمي للمثول أمام القضاء في المحكمة. ثم يتم التعريف بالشهود. وبعد ذلك يستعرض الله الماضي مبيناً كيف كان شفوقاً بالمتهمين أو المدعى عليهم. 

وكثيراً ما تكون هناك استجابة، أحيانا يقدمها النبي نفسه. ثم بعد ذلك، كان يتبع الاتهام الموجه من الله الحكم القضائي بالعقوبة. ومن أفضل الأمثلة لقضية كاملة العناصر تلك التي تظهر في ميخا 6: 1–16 فنحن نسمع الاستدعاء للمحكمة في الآية الأولى. 

فلنقرأ ما يقوله الرب:

"اِسْمَعُوا مَا قَالَهُ الرَّبُّ: «قُمْ خَاصِمْ لَدَى الْجِبَالِ وَلْتَسْمَعِ التِّلاَلُ صَوْتَكَ". 

ثم بعد ذلك يتم مخاطبة الشهود أنفسهم في الآية الثانية: 

"اِسْمَعِي خُصُومَةَ الرَّبِّ أَيَّتُهَا الْجِبَالُ وَيَا أُسُسَ الأَرْضِ الدَّائِمَةَ. فَإِنَّ لِلرَّبِّ خُصُومَةً مَعَ شَعْبِهِ وَهُوَ يُحَاكِمُ إِسْرَائِيلَ".

وبعد مخاطبة الشهود يذكّر الله المحكمة بلطفه نحو شعبه. ففي الآية 3 نقرأ هذه الكلمات: 

" يَا شَعْبِي، مَاذَا صَنَعْتُ بِكَ وَبِمَاذَا أَضْجَرْتُكَ؟ اشْهَدْ عَلَيَّ!"

ثم يتكلم ميخا النبي نيابة عن الشعب، مستجيبا بذلك لسؤال الله في التواضع كما يبدو ذلك من الأعداد من 6–8. فيقول في عدد 6:

"بِمَ أَتَقَدَّمُ إِلَى الرَّبِّ وَأَنْحَنِي لِلإِلهِ الْعَلِيِّ؟"

ثم، اعترافاً بذنب الأمة، يختتم ميخا بهذا القول في ميخا 6: 8 

قَدْ أَخْبَرَكَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا هُوَ صَالِحٌ، وَمَاذَا يَطْلُبُهُ مِنْكَ الرَّبُّ، إِلاَّ أَنْ تَصْنَعَ الْحَقَّ وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ، وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعًا مَعَ إِلهِكَ. (ميخا 6: 8)

وبعد هذه الاستجابة من النبي، نجد اتهامات، في الأعداد 10–12، ثم العقوبة في الأعداد من 13–16. وتظهر القضايا المماثلة لهذه القضية في هذا النص، في كتب الأنبياء، كواحدة من الطرق التي بها يعلن الله اتهامه لشعبه ثم بعد ذلك يهددهم بالدينونة.