مَرْقُس 6:6-29
مَرْقُس 6:6-29 ت ع م
وَتَعَجَّبَ مِنْ عَدَمِ إيمَانِهِمْ. ثُمَّ ذَهَبَ يَتَجَوَّلُ فِي القُرَى المُحِيطَةِ وَيُعَلِّمُ النَّاسَ. وَاسْتَدْعَى يَسُوعُ الِاثنَيْ عَشَرَ، وَابْتَدَأ يُرسِلُهُمْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ بَعْدَ أنْ أعطَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى الأرْوَاحِ النَّجِسَةِ. وَأوصَاهُمْ بِأنْ لَا يَحْمِلُوا مَعَهُمْ شَيْئًا لِلطَّرِيقِ، لَا خُبْزًا وَلَا حَقيبَةً وَلَا نُقُودًا فِي أحزِمَتِهِمْ، بَلْ أنْ يَحْمِلُوا عُكَّازًا فَقَطْ. فَكَانَ عَلَيْهِمْ أنْ يَنْتَعِلُوا أحْذِيَتَهُمْ وَأنْ يَكْتَفُوا بِالثِّيَابِ الَّتِي يَلْبَسُونَهَا. وَقَالَ لَهُمْ: «إنْ دَخَلْتُمْ إلَى بَيْتٍ، فَأقِيمُوا فِيهِ إلَىْ أنْ تُغَادِرُوا المَدِينَةَ. وَإنْ جِئْتُمْ إلَى مَدِينَةٍ وَلَمْ تُرَحِّبْ بِكُمْ، وَلَمْ تَسْمَعْ رِسَالَتَكُمْ، فَانفُضُوا، عِنْدَ خُرُوجِكُمْ، الغُبَارَ الَّذِي عَلِقَ بِأقْدَامِكُمْ كَشَهَادَةٍ ضِدَّ تِلْكَ المَدِينَةِ.» فَخَرَجُوا يُبَشِّرُونَ النَّاسَ وَيَدْعُونَهُمْ إلَى التَّوبَةِ. وَأخرَجُوا الكَثِيرَ مِنَ الأرْوَاحِ الشِّرِّيرَةِ. وَمَسَحُوا بِزَيْتِ الزَّيْتُونِ كَثِيرِينَ مِنَ المَرْضَى فَشَفَوهُمْ. وَسَمِعَ المَلِكُ هِيرُودُسُ عَنْ يَسُوعَ، لِأنَّ اسْمَهُ صَارَ مَعْرُوفًا. وَكَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَقُولُونَ إنَّ يُوحَنَّا المَعمَدَانَ قَامَ مِنَ المَوْتِ، وَلِهَذَا تُجرَى المُعجِزَاتُ بِوَاسِطَتِهِ! وَآخَرُونَ كَانُوا يَقُولُونَ إنَّهُ إيلِيَّا، وَغَيرُهُمْ قَالُوا إنَّهُ نَبِيٌّ كَالأنْبِيَاءِ القُدَامَى. وَلَكِنْ عِنْدَمَا سَمِعَ هِيرُودُسُ قَالَ: «إنَّهُ يُوحَنَّا الَّذِي قَطَعْتُ رَأسَهُ، وَقَدْ قَامَ مِنَ المَوْتِ!» فَهِيرُودُسُ هُوَ الَّذِي أمَرَ بِالقَبْضِ عَلَى يُوحَنَّا وَتَقييدِهِ فِي السِّجْنِ. وَهَذَا بِسَبَبِ هِيرُودِيَّا زَوْجَةِ أخِيهِ فِيلِبُّسَ، الَّتِي تَزَوَّجَهَا هُوَ. لِأنَّ يُوحَنَّا قَالَ لِهِيرُودُسَ: «لَا يَحِقُّ لَكَ أنْ تَأْخُذَ زَوْجَةَ أخِيكَ.» وَكَانَتْ هِيرُودِيَّا تُبْغِضُ يُوحَنَّا، وَأرَادَتْ أنْ تَقْتُلَهُ، لَكِنَّهَا لَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ، لِأنَّ هِيرُودُسَ كَانَ يَخَافُ مِنْ يُوحَنَّا. وَقَدْ حَمَاهُ مِنَ المَوْتِ لِأنَّهُ يَعْرِفُ أنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ وَمُقَدَّسٌ. وَمَعَ أنّهُ كَانَ يَنْزَعِجُ مِنْ كَلَامِ يُوحَنَّا، إلَّا أنَّهُ أحَبَّ الاسْتِمَاعَ إلَيْهِ. وَجَاءَتْ فُرصَةُ هِيرُودِيَّا. فَفِي عِيدِ مِيلَادِ هِيرُودُسَ، دَعَا إلَى حَفلَتِهِ أبرَزَ رِجَالِهِ وَقَادَةَ جَيْشِهِ وَرُؤَسَاءَ الشَّعْبِ فِي إقْلِيمِ الجَلِيلِ. فَرَقَصَتِ ابْنَةُ هِيرُودِيَّا فِي الحَفلَةِ، وَأسعَدَتْ هِيرُودُسَ وَضُيُوفَهُ. فَقَالَ المَلِكُ لِلفَتَاةِ: «اطلُبِي أيَّ شَيءٍ تُرِيدِينَهُ، وَسَيَكُونُ لَكِ.» وَأقسَمَ لَهَا فَقَالَ: «سَأُعْطِيكِ أيَّ شَيءٍ، حَتَّى لَوْ طَلَبْتِ نِصْفَ مَملَكَتِي.» فَذَهَبَتِ الفَتَاةُ إلَى أُمِّهَا وَسَألَتْهَا: «مَاذَا أطلُبُ؟» فَقَالَتْ لَهَا أُمُّهَا: «اطلُبِي رَأسَ يُوحَنَّا المَعمَدَانِ.» فَجَاءَتِ الفَتَاةُ إلَى المَلِكِ وَقَالَتْ لَهُ: «أُرِيدُ أنْ تُعطِيَنِي الآنَ رَأسَ يُوحَنَّا المَعمَدَانِ عَلَى طَبَقٍ.» فَحَزِنَ المَلِكُ جِدًّا، لَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَرْفُضَ طَلَبَهَا بِسَبَبِ قَسَمِهِ، وَاحْتِرَامًا لِضُيُوفِهِ. فَأرْسَلَ أحَدَ الحُرَّاسِ فِي الحَالِ، وَأمَرَهُ بِأنْ يَعُودَ بِرَأسِ يُوحَنَّا. فَذَهَبَ الحَارِسُ إلَى السِّجْنِ، وَقَطَعَ رَأسَ يُوحَنَّا، وَأحضَرَ الرَأسَ عَلَى طَبَقٍ أعطَاهُ لِلفَتَاةِ، فَأعطَتْهُ لِأُمِّهَا. وَلَمَّا عَرَفَ تَلَامِيذُهُ بِالأمْرِ، جَاءُوا وَأخَذُوا جَسَدَهُ وَدَفَنُوهُ.