لُوقَا 28:9-56

لُوقَا 28:9-56 ت ع م

وَبَعْدَ أنْ قَالَ يَسُوعُ ذَلِكَ بِنَحوِ ثَمَانِيَةِ أيَّامٍ، أخَذَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَيَعْقُوبَ، وَصَعِدَ إلَى الجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَبَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي، اختَلَفَتْ هَيئَةُ وَجْهِهِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ نَاصِعَةَ البَيَاضِ. وَفَجْأةً ظَهَرَ رَجُلَانِ يَتَحَدَّثَانِ إلَيْهِ هُمَا مُوسَى وَإيلِيَّا. ظَهَرَا فِي مَجدٍ، وَكَانَا يَتَكَلَّمَانِ عَنْ مَوْتِهِ الَّذِي يُوشِكُ أنْ يَحْدُثَ فِي مَدِينَةِ القُدْسِ. وَكَانَ النَّومُ قَدْ غَلَبَ بُطْرُسَ وَالَّذِينَ مَعَهُ. فَلَمَّا أفَاقُوا، رَأوْا مَجْدَ يَسُوعَ، وَرَأوْا الرَّجُلَينِ الوَاقِفَينِ مَعَهُ. وَبَيْنَمَا كَانَ الرَّجُلَانِ يَبْتَعِدَانِ عَنْهُ، قَالَ بُطرُسُ لِيَسُوعَ: «يَا مُعَلِّمُ، مَا أجمَلَ أنْ نَكُونَ هُنَا! فَلنَنصُبْ ثَلَاثَ خَيمَاتٍ، وَاحِدَةً لَكَ، وَوَاحِدَةً لِمُوسَى، وَوَاحِدَةً لإيلِيَّا.» وَلَمْ يَكُنْ بُطرُسُ يَعِي مَا يَقُولُهُ. وَبَيْنَمَا هُوَ يَقُولُ ذَلِكَ، جَاءَتْ غَيمَةٌ وَغَطَّتْهُمْ بِظِلِّهَا، فَخَافُوا عِنْدَمَا غَطَّتْهُمْ. وَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ الغَيمَةِ يَقُولُ: «هَذَا هُوَ ابنِي الَّذِي اختَرْتُهُ، فأصْغُوا إلَيْهِ.» وَعِنْدَمَا تَكَلَّمَ الصَّوْتُ، لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إلَّا يَسُوعُ وَحْدَهُ. وَلَزِمُوا الصَّمْتَ حَوْلَ هَذَا الأمْرِ، وَلَمْ يُخبِرُوا أحَدًا فِي ذَلِكَ الوَقْتِ بِشَيءٍ مِمَّا رَأَوْهُ. وَعِنْدَمَا نَزَلُوا مِنَ الجَبَلِ فِي اليَوْمِ التَّالِي، لَاقَاهُ جَمعٌ كَبِيرٌ مِنَ النَّاسِ. فَصَرَخَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِ جُمُوعِ النَّاسِ: «يَا مُعَلِّمُ، أرْجُوكَ أنْ تَنْظُرَ إلَى ابنِي وَحِيدِي. فَهنَاكَ رُوحٌ يُسَيطِرُ عَلَيْهِ فَجْأةً، فَيَصْرُخُ. ثُمَّ يَطْرَحُهُ وَيُصِيبُهُ بِنَوبَاتٍ تَجْعَلُهُ يُزبِدُ. وَلَا يَكَادُ يُفَارِقُهُ، بَلْ يَسْتَمِرُّ فِي إيذَائِهِ. وَقَدْ رَجَوتُ تَلَامِيذَكَ أنْ يَطْرُدُوهُ مِنْهُ، لَكِنَّهُمْ عَجِزُوا.» فَقَالَ يَسُوعُ: «أيُّهَا الجِيلُ غَيْرُ المُؤمِنِ وَالمُنحَرِفُ، إلَى مَتَى أكُونُ مَعَكُمْ، إلَى مَتَى أحتَمِلُكُمْ؟» ثُمَّ قَالَ للرَجُلِ: «أحضِرِ ابنَكَ إلَى هُنَا.» وَبَيْنَمَا كَانَ الصَبِيُّ فِي طَرِيقِهِ إلَيْهِ، طَرَحَهُ الرُّوحُ الشِّرِّيرُ أرْضًا، وَأصَابَهُ بِتَشَنُّجَاتٍ. فَانتَهَرَ يَسُوعُ الرُّوحَ النَّجِسَ وَشَفَى الصَّبِيَّ، وَأعَادَهُ إلَى أبِيهِ. فَذُهِلَ النَّاسُ مِنْ عَظَمَةِ اللهِ. وَبَيْنَمَا كَانَ النَّاسُ مَذهُولِينَ مِنْ كُلِّ مَا فَعَلَهُ يَسُوعُ، وَجَّهَ يَسُوعُ حَدِيثَهُ إلَى تَلَامِيذِهِ فَقَالَ: «اسْمَعُوا جَيِّدًا مَا سَأقُولُهُ الآنَ لَكُمْ: يُوشِكُ ابْنُ الإنْسَانِ أنْ يُوضَعَ تَحْتَ سُلطَانِ البَشَرِ.» لَكِنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا كَلَامَهُ، إذْ كَانَ مَخفِيًّا عَنْهُمْ لِئَلَّا يَسْتَوْعِبُوهُ. وَخَافُوا أنْ يَسألُوهُ عَنْ مَعنَى هَذَا الكَلَامِ. وَحَدَثَ خِلَافٌ بَيْنَ تَلَامِيذِهِ حَوْلَ أيُّهُمْ أعْظَمُ مِنَ الآخَرِ. فَعَرَفَ يَسُوعُ أفكَارَ قُلُوبِهِمْ، فَأخَذَ طِفْلًا وَأوقَفَهُ إلَى جَانِبِهِ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ يَقْبَلُ هَذَا الطِّفْلَ بِاسْمِي فَإنَّمَا يَقْبَلُنِي، وَمَنْ يَقْبَلُنِي فَإنَّمَا يَقْبَلُ الَّذِي أرْسَلَنِي. فَالأقَلُّ بَيْنَكُمْ جَمِيعًا هُوَ الأعْظَمُ.» وَقَالَ يُوحَنَّا: «يَا رَبُّ، رَأينَا وَاحِدًا يَطْرُدُ الأروَاحَ الشِّرِّيرَةَ بِاسْمِكَ، فَحَاوَلْنَا أنْ نَمنَعَهُ لِأنَّهُ لَيْسَ مِنَّا.» لَكِنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُ: «لَا تَمْنَعُوهُ، لِأنَّ الَّذِي لَيْسَ ضِدَّكُمْ هُوَ مَعَكُمْ.» وَعِنْدَمَا اقْتَرَبَ وَقْتُ رَفعِهِ إلَى السَّمَاءِ، ثَبَّتَ يَسُوعُ نَظَرَهُ بِعَزمٍ إلَى مَدِينَةِ القُدْسِ. وَأرْسَلَ رُسُلًا أمَامَهُ. فَذَهَبُوا وَدَخَلُوا قَريَةً سَامِرِيَّةً لِيُعِدُّوا لَهُ مَكَانًا. غَيْرَ أنَّ السَّامِرِيِّينَ رَفَضُوا أنْ يَسْتَضِيفُوهُ، لِأنَّهُ كَانَ مُتَّجِهًا إلَى مَدِينَةِ القُدْسِ. وَلَمَّا رَأى يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا هَذَا قَالَا: «يَا رَبُّ، أتُرِيدُنَا أنْ نَأمُرَ بِأنْ تَنْزِلَ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ وَتُدَمِّرَهُمْ؟» فَالتَفَتَ يَسُوعُ إلَيْهِمَا وَوَبَّخَهُمَا ثُمَّ ذَهَبُوا إلَى قَريَةٍ أُخْرَى.