لُوقَا 36:1-80
لُوقَا 36:1-80 ت ع م
وَاعلَمِي هَذَا: هَا هِيَ قَرِيبَتُكِ ألِيصَابَاتُ حُبلَى بَابنٍ رُغْمَ شَيخُوخَتِهَا. فَالمَرْأةُ الَّتِي يَدْعُونَهَا عَاقِرًا هِيَ فِي شَهرِهَا السَّادِسِ! إذْ لَيْسَ هُنَاكَ مُسْتَحِيلٌ عِنْدَ اللهِ.» فَقَالَتْ مَريَمُ: «أنَا خَادِمَةُ الرَّبِّ، فَليَحْدُثْ لِي كَمَا قُلْتَ.» فَتَرَكَهَا المَلَاكُ. وَفِي أثنَاءِ تِلْكَ الفَترَةِ، استَعَدَّتْ مَريَمُ وَأسرَعَتْ إلَى بَلدَةٍ فِي إقْلِيمِ يَهُوذَا الجَبَلِيِّ. وَتَوَجَّهَتْ إلَى بَيْتِ زَكَرِيَّا، وَحَيَّتْ ألِيصَابَاتَ. فَمَا إنْ سَمِعَتْ ألِيصَابَاتُ تَحِيَّتَهَا حَتَّى تَحَرَّكَ الطِّفلُ فِي بَطنِهَا. فَامتَلأتْ ألِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ. وَرَفَعَتْ صَوْتَهَا وَقَالَتْ: «لَقَدْ بَارَكَكِ اللهُ أكْثَرَ مِنْ كُلِّ النِّسَاءِ، وَمُبَارَكٌ أيْضًا الطِّفلُ الَّذِي سَتَلِدِينَهُ. لَكِنْ مَا هَذَا الشَّرَفُ العَظِيمُ الَّذِي حَظِيتُ بِهِ حَتَّى تَأْتِيَ أُمُّ سَيِّدِي إلَيَّ؟ لِأنَّهُ مَا إنْ وَصَلَ صَوْتُ تَحِيَّتِكِ إلَى أُذُنَيَّ، حَتَّى وَثَبَ الطِّفلُ بِفَرَحٍ فِي بَطنِي. فَمُبَارَكَةٌ أنْتِ لِأنَّكِ صَدَّقْتِ أنَّ مَا وَعَدَكِ بِهِ الرَّبُّ سَيَتَحَقَّقُ.» فَقَالَتْ مَريَمُ: «تُمَجِّدُ نَفْسِي الرَّبَّ. وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لِأنَّهُ نَظَرَ إلَى خَادِمَتِهِ المُتَوَاضِعَةِ. فَمُنذُ الآنَ، يَدْعُونِي جَمِيعُ النَّاسِ ‹مُبَارَكَةً› لِأنَّ اللهَ القَوِيَّ صَنَعَ لِي أشْيَاءَ مَجِيدَةً. وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ. هُوَ يُعْطِي رَحْمَةً مِنْ جِيلٍ إلَى جِيلٍ لِلَّذِينَ يَعْبُدُونَهُ. أظْهَرَ قُوَّةَ ذِرَاعِهِ، وَشَتَّتَ المُتَكَبِّرِينَ بِأفكَارِهِمُ المُتَبَجِّحَةِ. أنزَلَ الحُكَّامَ عَنْ عُرُوشِهِمْ، وَرَفَعَ مَنزِلَةَ المُتَوَاضِعِينَ. أشبَعَ الجِيَاعَ بِعَطَايَاهُ الصَّالِحَةَ، وَصَرَفَ الأغنِيَاءَ فَارِغِي الأيدِي. جَاءَ لِيُعِينَ خَادِمَهُ يَعْقُوبَ. تَذَكَّرَ فَأظْهَرَ رَحْمَتَهُ كَمَا وَعَدَ آبَاءَنَا، لإبرَاهِيمَ وَأبنَائِهِ إلَى الأبَدِ.» وَأقَامَتْ مَريَمُ عِنْدَ ألِيصَابَاتَ نَحْوَ ثَلَاثَةِ شُهورٍ، ثُمَّ رَجِعَتْ إلَى بَيْتِهَا. وَحَانَ الوَقْتُ لِتَضَعَ ألِيصَابَاتُ طِفلَهَا، فَأنْجَبَتْ صَبِيًّا. فَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأقَارِبُهَا أنَّ اللهَ قَدْ أظْهَرَ لَهَا رَحْمَةً عَظِيمَةً، فَابْتَهَجُوا مَعَهَا. وَفِي اليَوْمِ الثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا الطِّفْلَ، وَأرَادُوا أنْ يُسَمُّوهُ زَكَرِيَّا عَلَى اسْمِ أبيهِ. لَكِنَّ أُمَّهُ قَالَتْ: «لَا، بَلْ سَيُدْعَى يُوحَنَّا.» فَقَالُوا لَهَا: «لَيْسَ بَيْنَ أقَارِبِكِ مَنْ يَحْمِلُ هَذَا الاسْمَ.» فَأشَارُوا بِأيدِيهِمْ إلَى أبِيهِ يَسألُونَهُ أيَّ اسْمٍ يُرِيدُ أنْ يُسَمِّيَهُ! فَطَلَبَ لَوحًا وَكَتَبَ عَلَيْهِ: «اسْمُهُ يُوحَنَّا،» فَدُهِشُوا جَمِيعًا! وَفي الْحَالِ انفَتَحَ فَمُ زَكَرِيَّا وَانحَلَّ لِسَانُهُ، وَبَدَأ يَتَكَلَّمُ وَيُسَبِّحُ اللهَ. فَتَمَلَّكَ الخَوفُ الجِيرَانَ كُلَّهُمْ. وَرَاحَ النَّاسُ فِي كُلِّ أنْحَاءِ المِنْطَقَةِ الجَبَلِيَّةِ مِنَ الجَلِيلِ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ هَذِهِ الأُمُورِ. فَتَعَجَّبَ كُلُّ مَنْ سَمِعَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: «تُرَى مَاذَا سَيُصبِحُ هَذَا الطِّفلُ؟» لِأنَّ قُوَّةَ الرَّبِّ كَانَتْ مَعَهُ. ثُمَّ امتَلأ أبُوهُ زَكَرِيَّا بِالرُّوحِ القُدُسِ وَتَنَبَّأ فَقَالَ: «مُبَارَكٌ هُوَ الرَّبُّ إلَهُ إسْرَائِيلَ، لِأنَّهُ جَاءَ لِيُعِينَ شَعْبَهُ وَيُحَرِّرَهُمْ. قَدَّمَ لَنَا مُخَلِّصًا قَوِيًّا مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ خَادِمِهِ. هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ بِهِ مُنْذُ القَدِيمِ. وَعَدَنَا بِالخَلَاصِ مِنْ أعْدَائِنَا وَمِنْ أيدِي جَمِيعِ مُبغِضِينَا. وَعَدَ بِأنْ يُظهِرَ رَحْمَةً لآبَائِنَا وَيَتَذَكَّرَ عَهْدَهُ المُقَدَّسَ مَعَهُمْ. وَحَفِظَ الوَعدَ الَّذِي أقْسَمَ بِهِ لِأبِينَا إبْرَاهِيمَ. وَعَدَ بِأنْ يُنقِذَنَا مِنْ أيدِي أعْدَائِنَا، لِكَي نَخدِمَهُ دُونَ خَوفٍ، وَنَحيَا بِالقَدَاسَةِ وَالبِرِّ جَمِيعَ أيَّامِ حَيَاتِنَا. أمَّا أنْتَ، يَا ابنِي، فَسَتُدعَى نَبِيًّا لِلعَلِيِّ. فَأنْتَ سَتَتَقَدَّمُ الرَّبَّ لِتُعِدَّ لَهُ الطَّرِيقَ. سَتَتَقَدَّمُهُ لِتُخْبِرَ شَعْبَهُ بِأنَّهُم سَيُخَلَّصُونَ، وَسَتُغْفَرُ خَطَايَاهُمْ. هَذَا بِفَضْلِ رَحمَةِ إلَهِنَا المُحِبَّةِ، فَسَيُشْرِقُ نُورٌ عَلَيْنَا مِنَ السَّمَاءِ. وَسَيُضِيءُ عَلَى الَّذِينَ يَعِيشُونَ فِي ظِلِّ المَوْتِ المُظلِمِ. وَسَيَهْدِي خُطُوَاتِنَا فِي طَرِيقِ السَّلَامِ.» فَنَمَا الصَّبِيُّ، وَكَانَ يَتَقَوَّى دَائِمًا فِي الرُّوحِ. وَعَاشَ فِي البَرِّيَّةِ إلَى حِينِ ظُهُورِهِ عَلَنًا لِبَنِي إسْرَائِيلَ.