دَانيَال 29:2-43

دَانيَال 29:2-43 ت ع م

تُشِيرُ الأفكَارُ الَّتِي رَاوَدَتْكَ وَأنْتَ نَائِمٌ إلَى مَا سَيَحْدُثُ فِي المُسْتَقْبَلِ. فَمُعلِنُ الأسْرَارِ قَد أخبَرَكَ بِمَا سَيَحْدُثُ. أمَّا بِشَأنِي، فَلَمْ يُعلِنْ لِيَ اللهُ هَذَا لِأنِّي أكْثَرُ حِكْمَةً مِنْ أيِّ مَخْلُوقٍ آخَرَ، بَلْ لِكَي تَعْلَمَ أيُّهَا المَلِكُ تَفْسِيرَ حُلْمِكَ، فَتَفْهَمَ مَا كَانَ فِي ذِهنِكَ. «أيُّهَا المَلِكُ، بَيْنَمَا كُنْتَ تَنْظُرُ، ظَهَرَ تِمثَالٌ عَظِيمٌ جِدًّا وَوَقَفَ أمَامَكَ. كَانَ لَمَعَانُهُ عَظِيمًا جِدًّا، وَمَنظَرُهُ مُخِيفًا وَمُدْهِشًا. كَانَ رَأسُ التِّمثَالِ ذَهَبًا نَقِيًّا، وَكَتِفَاهُ وَذِرَاعَاهُ فِضَّةً، وَبَطنُهُ مِنَ البرُونزِ، وَفَخذَاهُ حَدِيدًا، وَالجُزءُ السُّفلِيُّ مِنْ رِجلَيهِ بَعْضُهُ حَدِيدٌ وَبَعْضُهُ الآخَرُ طِينٌ. وَبَيْنَمَا كُنْتَ تَنْظُرُ، قُطِعَ حَجَرٌ. وَبِدُونِ أنْ يَدْفَعَهُ أحَدٌ، طَارَ الحَجَرُ وَضَرَبَ التِّمثَالَ عَلَى الجُزءِ السُّفلِيِّ مِنْ قَدَمَيهِ المُكَوَّنِ مِنْ خَلِيطِ الحَدِيدِ وَالطِّينِ، فَسَحَقَهُ. فَسُحِقَ كُلُّ الطِّينِ وَالحَدِيدِ وَالبرُونزِ وَالفِّضَّةِ وَالذَّهَبِ، وَصَارَ غُبَارًا حَمَلَتهُ الرِّيحُ مِثْلَ التِّبنِ وَقْتَ حَصَادِ الصَّيفِ، حَتَّى لَمْ يَسْتَطِعْ أحَدٌ مَعْرِفَةَ مَكَانِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ. ثُمَّ كَبِرَ الحَجَرُ وَصَارَ جَبَلًا عَظِيمًا مَلأ الأرْضَ. «هَذَا هُوَ الحُلْمُ، وَالْآنَ سَأُخبِرُ المَلِكَ بِتَفْسِيرِهِ. أيُّهَا المَلِكُ، أنْتَ مَلِكٌ عَظِيمٌ اخْتَارَكَ إلَهُ السَّمَاءِ لِتَكُونَ مَلِكًا عَظِيمًا، وَأعطَاكَ قُوَّةً وَغِنَىً. وَجَعَلَكَ مَسؤُولًا عَنْ كُلِّ البَشَرِ أيْنَمَا كَانُوا، وَعَنِ الحَيَوَانَاتِ البَرِّيَّةِ وَطُيُورِ السَّمَاءِ، إذْ جَعَلَكَ حَاكِمًا عَلَيْهِمْ جَمِيعًا. فَأنْتَ هُوَ رَأسُ الذَّهَبِ فِي هَذَا التِّمثَالِ. وَلَكِن بَعْدَكَ سَتَأْتِي مَمْلَكَةٌ أُخْرَى أقَلُّ مِنْكَ قِيمَةً، ثُمَّ مَمْلَكَةٌ ثَالِثَةٌ مِنَ البرُونزِ سَتَمْلُكُ عَلَى كُلِّ الأرْضِ. وَالمَملَكَةُ الرَّابِعَةُ سَتَكُونُ بِقُوَّةِ الحَدِيدِ. وَكَمَا يَسْحَقُّ الِحَدِيدُ كُلَّ شَيءٍ، سَتَسْحَقُ هَذِهِ المَملَكَةُ المَمَالِكَ الأُخرَى وَتُحَطِّمُهَا. وَكَمَا رَأيْتَ أنَّ قَدَمَيِّ التِّمثَالِ وَأصَابِعَهُ كَانَتْ خَلِيطًا مِنْ طِينٍ وَحَدِيدٍ، فَسَتَكُونُ هَذِهِ المَمْلَكَةُ مُنقَسِمَةً مَعَ أنَّ لَهَا قُوَّةَ الحَدِيدِ. لَكِنَّهُ مُختَلِطٌ بِالطِّينِ كَمَا رَأيْتَ. وَلِأنَّ الأصَابِعَ كَانَتْ خَلِيطًا مِنْ حَدِيدٍ وَطِينٍ، فَسَتَكُونُ لِلمَمْلَكَةِ جَوَانِبُ ضَعفٍ وَجَوَانِبُ قُوَّةٍ. قَدْ رَأيْتَ اختِلَاطَ الحَدِيدِ وَالطِّينِ. هَكَذَا سَيكُونُ النَّاسُ هُنَاكَ. لَكِنَّ هَذَا الِاخْتِلَاطَ هَشٌّ لَنْ يَصْمِدَ، كَمَا لَا يَصْمِدُ اختِلَاطُ الحَدِيدِ وَالطِّينِ.