من كتاب الزبور مدخل
مدخل
يتميّز الكتاب الزبور عن غيره من كتب الأنبياء الأولين شكلا ومضمونا. يقول القرطبي في هذا الشأن: "الزبور كتاب داود، وكان مائة وخمسين سورة ليس فيها حُكم ولا حلال ولا حرام، وإنما هو حِكم ومواعظ".#1.0 القرطبي، أبو عبد الله، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق احمد البردوني وإبراهيم إطفيش، دار الكتب المصريّة، القاهرة، ط 2، 1964، ج 6، ص 17؛ الزحيلي، وهبة بن مصطفى، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، دار الفكر المعاصر، دمشق، ط 2، 1418هـ، ج 6، ص 34.
وكتاب الزبور عبارة عن مجموعة من المقاطع يسمّى كل مقطع مزمورا. وعدد المزامير 150 مزمورا تنقسم إلى 5 أجزاء. وسُمّيت هذه الأجزاء في التقليد الديني بالكتب الخمسة للمزامير. وقد يكون لهذا العدد علاقة بعدد أسفار التوراة الخمسة.
وحسب التقليد القديم المتواتر بين اليهود والمسيحيين الذي تذكره بعض الكتب القديمة، تُنسب مزامير كثيرة إلى النبي داود. وربّما تعود نسبة المزامير إلى النبيّ داود إلى الإشارات العديدة التي نجدها في كتب الأنبياء الأولين، حيث تذكر أنّ النبي داود كان معروفا بترديد الأناشيد وترتيل التسابيح (انظر كتاب النبي صموئيل الأوّل 16: 17-23؛ وكتاب النبي صموئيل الثاني 23: 1). وهناك أخبار تقول إنّ النبي داود هو من نظّم جماعات المنشدين في حرم بيت الله في القدس (انظر كتاب أخبار الأيام الثاني 23: 18). يقول المؤرخ اليعقوبي: "وكان داود إذا سبّح الله بهذا الكلام [الزبور] رفع صوتا حسنا لم يُسْمَعْ مثله".#1.0 اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب، تاريخ اليعقوبي، مؤسسه ونشر فرهنگ اهل بيت (ع)، قم، دار صادر بيروت، د.ت.، ج 1، ص 54. ويشير القرآن الكريم وكتاب الزبور على حد سواء إلى تسبيح الجبال والطير وغيرهما من المخلوقات مع النبي داود.#1.0 انظر سورة الأنبياء الآية 79، وسورة صاد الآية 18، والمزمور 148، ومزمور 65: 12، ومزمور 96: 11-13.
وللنبيّ داود في كتاب الزبور النصيب الأوفر إذ إليه تنسب ثلاثة وسبعون مزمورا، وبعضها يتعلّق بأحداث خاصّة بحياته. وتحتوي الأجزاء الأولى من كتب المزامير الخمسة على عدد كبير ممّا يعرف بالمزامير المبكّرة. وهذا يعني أن بعض المزامير قد أضيفت إلى الأجزاء الأولى على مدى تاريخ بني يعقوب. والكتاب الذي بين أيدينا هو الإصدار الأخير الذي جمع عددا من المزامير التي تتعبّد بها جماعات المؤمنين.
وقد وجد المؤمنون التقاة في المزامير مصدرا للقوّة والهداية والعزاء عبر التاريخ، لأن كتاب الزبور لم يكن كتاب دعاء وتسبيح للقدماء فحسب، وإنما نجد فيه نحن أيضا وكل الذين يسعون إلى الصراط المستقيم أثمن الكنوز الإلهية. فقد شرح كتاب الزبور كيف يمكن للإنسان أن يصبح من ورثة الله على الأرض، أي أن يكون من أهل بيته تعالى أو من عيال الله الصالحين. فالمزامير هي نفحات قويّة من العشق الإلهي، إنّها أنموذج لنا في حياتنا، تشجّعنا في تضرعاتنا وأدعيتنا الفردية والجماعية وفي تسبيحنا لله من أعماق قلوبنا.
المحددات الحالية:
من كتاب الزبور مدخل: TMA
تمييز النص
شارك
نسخ
هل تريد حفظ أبرز أعمالك على جميع أجهزتك؟ قم بالتسجيل أو تسجيل الدخول
© 2021, Al Kalima