من الوحي إلى إرميا ‮مدخل‬

مدخل
كان إرميا (عليه السلام) ابنا لحلقيّا، وهو رجل دين من عشيرة بنيمين وعاش في قرية أناتوت المجاورة للقدس. واختار الله إرميا نبيّا في السنة الثالثة عشر من حكم الملك يوشيّا. وسعى هذا الملك أن يجعل بني يعقوب يعودون إلى عبادة الله مخلصين وفقا لما جاء في التوراة. وساعده في ذلك النبي إرميا. ولكن بعد وفاة الملك يوشيّا ارتدّ بنو يعقوب وعادوا إلى شركهم وعبادة أصنامهم. فنادى فيهم النّبي إرميا بأن عبادتهم للبعل وغيره من الأصنام هي تعدٍ على ميثاقهم مع الله، وأنّه تعالى سيجعل شعب مملكة يهوذا يقاسي المجاعة وأن مدينة القدس ستُهزم وتدمّر في النهاية. فإذا حلّ عليهم ذلك العقاب يقع النّاجون أسرى ويُساقون إلى السبي (انظر كتاب النبي إرميا، الفصلين 10 و11). يقول الطّبري في تاريخه عن إرميا: "وكان الله تعالى بعثه نبيّا- فيما بلغنا- إلى بني إسرائيل يحذّرهم ما حل بهم من بختنصر (أي نبوخذ نصر)، ويعلّمهم أن الله مسلّط عليهم من يقتل مقاتلتهم ويسبي ذراريهم، إن لم يتوبوا وينزعوا عن سيء أعمالهم".#1‏.0 الطبري، تاريخ الرسل والملوك، دار التراث، بيروت، 1387هـ، ج 1، ص 538. فالله أرسل النبي إرميا لتحذير قومه ولكنه لم يجرِ على يديه معجزات كغيره من الأنبياء، وبسبب دعوته تلك قبضوا عليه (عليه السلام) وسجنوه وأذلّوه أمام الملإ.
وتمّ في النهاية تدمير مدينة القدس على أيدي جيوش بابل وملكهم نبوخذ نصر سنة 587 قبل الميلاد. وسيق نبلاء الشعب وأعيانه أسرى وسبايا إلى بلاد الرافدين. وظلّ النبي إرميا في القدس، وبعد فترة من الزمن أجبره بعض الذين ظلّوا من بني يعقوب في المدينة على أن يرافقهم إلى مصر كلاجئين. ولا نعلم تحديدا كيف توفي النبي إرميا، لكنّ قولا يهوديا متواترا يخبر بأنه مات في مصر رجما من قبل بعض اليهود.
وحظي النّبي إرميا بمقام كبير بين النّاس بعد وفاته، إذ تناقل بنو يعقوب ما جاء في نبوءاته وتدبّروا ما كان ينادي به، وتابوا في سبيهم عن آثامهم العديدة التي أنذرهم من عواقبها.
وأخبر النبي إرميا بني يعقوب أنّ سبيهم في بابل سيمتدّ 70 سنة، ثمّ يعودون بعد ذلك إلى بلادهم (انظر كتاب النبي إرميا 25: 11‏-12). وأعلن لقومه وعدا من الله تعالى أنّه سيقيم حَكَما عادلا من ذريّة النبي داود يعتلي العرش من جديد ويحكم بالعدل والقسط (انظر كتاب النبي إرميا 23: 5‏-6)، وأنّ الله تعالى سيبرم ميثاقا جديدا مع قومه بنقش شريعته في قلوبهم (كتاب النبي إرميا 31: 31‏-34). وجاء في الإنجيل الشّريف أنّ هذا الوعد تحقّق بمجيء السيّد المسيح الذي وهب روح الله للمؤمنين فحلّت في قلوبهم (رسالة العبرانيين 8: 6‏-13).

تمييز النص

شارك

نسخ

None

هل تريد حفظ أبرز أعمالك على جميع أجهزتك؟ قم بالتسجيل أو تسجيل الدخول