التثنية 1:1-40

التثنية 1:1-40 KEH

هَذِهِ هِيَ الأَقْوَالُ الَّتِي خَاطَبَ بِها مُوسَى جَمِيعَ الإِسْرَائِيلِيِّينَ الْمُخَيِّمِينَ فِي وَادِي الْعَرَبَةِ، فِي صَحْرَاءِ مُوآبَ شَرْقِيَّ نَهْرِ الأُرْدُنِّ، مُقَابِلَ سُوفٍ، مَا بَيْنَ فَارَانَ وَتُوفَلَ وَلابَانَ وَحَضَيْرُوتَ وَذِي ذَهَبٍ. وَكَانَتِ الرِّحْلَةُ تَسْتَغْرِقُ مِنْ حُورِيبَ عَبْرَ طَرِيقِ جَبَلِ سِعِيرَ إِلَى قَادَشَ بَرْنِيعَ أَحَدَ عَشَرَ يَوْماً. فَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ الْحَادِي عَشَرَ، فِي السَّنَةِ الأَرْبَعِينَ، خَاطَبَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِكُلِّ مَا أَوْصَاهُ بِهِ الرَّبُّ إِلَيْهِمْ، وَذَلِكَ بَعْدَ هَزِيمَةِ سِيحُونَ مَلِكِ الأَمُورِيِّينَ الْمُقِيمِ فِي حَشْبُونَ، وَعُوجَ مَلِكِ بَاشَانَ السَّاكِنِ فِي عَشْتَارُوثَ فِي إِذْرَعِي. وَابْتَدَأَ مُوسَى فِي أَرْضِ مُوآبَ شَرْقِيَّ نَهْرِ الأُرْدُنِّ يَشْرَحُ الشَّرِيعَةَ قَائِلاً: «لَقَدْ قَالَ الرَّبُّ إِلَهُنَا لَنَا فِي جَبَلِ حُورِيبَ: كَفَاكُمُ الْمُقَامُ فِي هَذَا الْجَبَلِ. تَحَوَّلُوا وَتَقَدَّمُوا وَادْخُلُوا جَبَلَ الأَمُورِيِّينَ وَكُلَّ مَا يَلِيهِ مِنْ وَادِي الْعَرَبَةِ وَالْجَبَلِ وَالسَّهْلِ وَالنَّقَبِ وَسَاحِلِ بَحْرِ أَرْضِ الْكَنْعَانِيِّينَ وَلُبْنَانَ، إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ نَهْرِ الْفُرَاتِ. وَانْظُرُوا، فَهَا أَنَا قَدْ وَهَبْتُكُمُ الأَرْضَ، فَادْخُلُوا وَتَمَلَّكُوهَا لأَنِّي أَقْسَمْتُ أَنْ أُعْطِيَهَا لِآبَائِكُمْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَلِنَسْلِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ». وَقَالَ مُوسَى لِلشَّعْبِ: «لا أَقْدِرُ وَحْدِي أَنْ أَتَحَمَّلَ مَسْؤولِيَّتَكُمْ، فَقَدْ كَثَّرَكُمُ الرَّبُّ إِلَهُكُمْ، وَهَا أَنْتُمْ قَدْ أَصْبَحْتُمُ الْيَوْمَ فِي كَثْرَةِ نُجُومِ السَّمَاءِ. فَلْيَزِدْكُمُ الرَّبُّ إِلَهُ آبَائِكُمْ أَلْفَ مَرَّةٍ وَيُبَارِكْكُمْ كَمَا وَعَدَكُمْ. وَلَكِنْ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ أَحْمِلَ وَحْدِي مَشَاكِلَكُمْ وَأَثْقَالَكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ؟ فَاخْتَارُوا مِنْ أَسْبَاطِكُمْ رِجَالاً حُكَمَاءَ عُقَلاءَ مِنْ ذَوِي الْمَقَامِ، فَأَجْعَلَهُمْ قَادَةً لَكُمْ.» فَأَجَبْتُمُونِي قَائِلِينَ: «إِنَّ مَا تَقْتَرِحُ عَلَيْنَا أَنْ نَفْعَلَهُ أَمْرٌ صَائِبٌ». فَاخْتَرْتُ رُؤَسَاءَ أَسْبَاطِكُمْ رِجَالاً حُكَمَاءَ مِنْ ذَوِي الْمَقَامِ، وَأَقَمْتُهُمْ قَادَةً عَلَيْكُمْ، فَكَانُوا رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَمِئَاتٍ وَخَمَاسِينَ وَعَشَرَاتٍ، وَعُرَفَاءَ لأَسْبَاطِكُمْ. وَأَمَرْتُ قُضَاتَكُمْ آنَئِذٍ قَائِلاً: اسْتَمِعُوا إِلَى الْخُصُومَاتِ النَّاشِبَةِ بَيْنَ إِخْوَتِكُمْ وَاقْضُوا بِالْعَدْلِ بَيْنَ الإِسْرَائِيلِيِّ وَأَخِيهِ أَوْ بَيْنَ الإِسْرَائِيلِيِّ وَالنَّزِيلِ. لَا تُحَابُوا فِي الْقَضَاءِ وَاسْتَمِعُوا لِلصَّغِيرِ كَمَا تَسْتَمِعُونَ لِلْكَبِيرِ. لَا تَهَابُوا إِنْسَاناً، لأَنَّ الْقَضَاءَ لِلهِ. وَمَا يَصْعُبُ عَلَيْكُمْ مِنْ أَمْرٍ تَرْفَعُونَهُ إِلَيَّ فَأَقْضِي فِيهِ. وَأَوْصَيْتُكُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِجَمِيعِ الأُمُورِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ تُجْرُوهَا. ثُمَّ ارْتَحَلْنَا بِمُوْجِبِ أَمْرِ الرَّبِّ مِنْ جَبَلِ حُورِيبَ مُجْتَازِينَ تِلْكَ الصَّحْرَاءَ الْعَظِيمَةَ الْمَخُوفَةَ الَّتِي رَأَيْتُمُوهَا، مُتَّجِهِينَ نَحْوَ بِلادِ الأَمُورِيِّينَ الْجَبَلِيَّةِ، إِلَى أَنْ أَقْبَلْنَا عَلَى قَادَشَ بَرْنِيعَ. فَقُلْتُ لَكُمْ: هَا قَدْ جِئْتُمْ إِلَى بِلادِ الأَمُورِيِّينَ الْجَبَلِيَّةِ الَّتِي وَهَبَهَا لَنَا الرَّبُّ إِلَهُنَا، فَانْظُرُوا لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَكُمْ قَدْ أَعْطَاكُمُ الأَرْضَ، فَاصْعَدُوا وَاسْتَوْلُوا عَلَيْهَا كَمَا وَعَدَ الرَّبُّ إِلَهُ آبَائِكُمْ. لَا تَخَافُوا وَلا تَرْتَعِبُوا. فَتَقَدَّمْتُمْ إِلَيَّ جَمِيعُكُمْ وَقُلْتُمْ: دَعْنَا نُرْسِلُ قَوْماً لِيَتَجَسَّسُوا الأَرْضَ لَنَا، ثُمَّ يُوَافُونَا بِنَبَإِ الطَّرِيقِ الَّتِي نَسْلُكُهَا وَالْمُدُنِ الَّتِي نَجْتَازُ بِها. فَرَاقَنِي الاقْتِرَاحُ، وَانْتَخَبْتُ مِنْكُمُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً، وَاحِداً مِنْ كُلِّ سِبْطٍ. فَاخْتَرَقُوا مَسَالِكَ الْجِبَالِ حَتَّى وَصَلُوا وَادِي أَشْكُولَ، فَاسْتَكْشَفُوهُ، وَقَطَفُوا مِنْ ثِمَارِ الأَرْضِ وَحَمَلُوهَا إِلَيْنَا، وَقَالُوا: الأَرْضُ الَّتِي وَهَبَهَا لَنَا الرَّبُّ إِلَهُنَا أَرْضٌ جَيِّدَةٌ. لَكِنَّكُمْ تَقَاعَسْتُمْ عَنِ الصُّعُودِ إِلَيْهَا وَعَصَيْتُمْ أَمْرَ الرَّبِّ إِلَهِكُمْ، وَتَذَمَّرْتُمْ فِي خِيَامِكُمْ قَائِلِينَ: لأَنَّ الرَّبَّ يَكْرَهُنَا أَخْرَجَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِيُوْقِعَنَا فِي أَيْدِي الأَمُورِيِّينَ وَيُهْلِكَنَا. فَإِلَى أَيْنَ نَذْهَبُ؟ لَقَدْ أَوْهَنَ إِخْوَتُنَا قُلُوبَنَا عِنْدَمَا أَخْبَرُونَا أَنَّ أَهْلَ الأَرْضِ أَعْظَمُ مِنَّا وَأَكْثَرُ طُولاً، وَمُدُنَهُمْ عَظِيمَةٌ تَبْلُغُ حُصُونُهَا عَنَانَ السَّمَاءِ، وَقَدْ شَاهَدْنَا هُنَاكَ بَنِي عَنَاقَ أَيْضاً. فَقُلْتُ لَكُمْ: لَا تَجْزَعُوا وَلا تَخَافُوا مِنْهُمْ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَكُمُ السَّائِرَ أَمَامَكُمْ هُوَ يُحَارِبُ عَنْكُمْ كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مَعَكُمْ فِي مِصْرَ. كَذَلِكَ شَهِدْتُمْ فِي الصَّحْرَاءِ كَيْفَ حَمَلَكُمُ الرَّبُّ إِلَهُكُمْ كَمَا يَحْمِلُ الإِنْسَانُ ابْنَهُ، فِي كُلِّ الطَّرِيقِ الَّتِي سَلَكْتُمُوهَا، حَتَّى أَقْبَلْتُمْ إِلَى هَذَا الْمَكَانِ. وَلَكِنْ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّكُمْ لَمْ تَثِقُوا بِالَّربِّ إِلَهِكُمُ السَّائِرِ أَمَامَكُمْ فِي رِحْلَتِكُمْ، لِيَلْتَمِسَ لَكُمْ مَكَاناً تَنْزِلُونَ فِيهِ. فَكَانَ يَقُودُكُمْ فِي عَمُودِ نَارٍ لَيْلاً وَفِي عَمُودِ سَحَابٍ نَهَاراً. وَسَمِعَ الرَّبُّ تَذَمُّرَكُمْ فَسَخَطَ عَلَيْكُمْ وَأَقْسَمَ قَائِلاً: لَنْ يَرَى إِنْسَانٌ مِنْ هَذَا الْجِيلِ الشِّرِّيرِ الأَرْضَ الْجَيِّدَةَ الَّتِي أَقْسَمْتُ أَنْ أَهَبَهَا لِآبَائِكُمْ. إِلّا كَالِبَ بْنَ يَفُنَّةَ، فَهُوَ يَرَاهَا وَأُوَرِّثُهُ هُوَ وَبَنِيهِ الأَرْضَ الَّتِي وَطِئَهَا، لأَنَّهُ أَطَاعَ الرَّبَّ مِنْ كُلِّ قَلْبِهِ. كَمَا غَضِبَ الرَّبُّ عَلَيَّ بِسَبَبِكُمْ قَائِلاً: وَأَنْتَ أَيْضاً لَنْ تَدْخُلَ الأَرْضَ. إِنَّمَا يَشُوعُ بْنُ نُونٍ الْمَاثِلُ أَمَامَكَ هُوَ يَدْخُلُهَا فَشَجِّعْهُ لأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُوَزِّعُهَا عَلَى الإِسْرَائيِليِّينَ. أَمَّا أَطْفَالُكُمُ الَّذِينَ ادَّعَيْتُمْ أَنَّهُمْ يُصْبِحُونَ غَنِيمَةً، وَصِغَارُكُمُ الَّذِينَ لَا يُمَيِّزُونَ بَعْدُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، فَهُمْ يَدْخُلُونَ إِلَى هُنَاكَ وَلَهُمْ أَهَبُ الأَرْضَ وَهُمْ يَرِثُونَهَا. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَحَوَّلُوا وَارْتَحِلُوا إِلَى الصَّحْرَاءِ عَلَى مُحَاذَاةِ طَرِيقِ الْبَحْرِ الأَحْمَرِ.