هل يتشاجر المؤمنون؟عينة

فصول مختلفة

إحدى الخصائص التي أجدها جذابة جداً في الكتاب المقدس هي واقعيته الصريحة. فعندما يرسم الله صور خدامه في الكلمة المقدسة يتقصّد عدم طمس الندوب والعيوب كلها. لقد كان موسى قاتلاً. وفي سجّل داود زنى ورياء. وكانت ليعقوب حيل ماكرة. وإبراهيم كذَّب، أكثر من مرة. وبطرس خار تحت الضغط، حتّى يوحنا المعمدان صارع الشك. وكذلك توما. ولكن نرى أنَّ الله استخدم هؤلاء الاشخاص بالرغم من خطاياهم.

فلا ينبغي إذًا أن نُصدَم لأنَّ بولس وبرنابا خاضا نزاعاً وفارق أحدهما الآخر في نهاية الأمر. قبل هذا النزاع، كان بولس وبرنابا قد أكملا الرِّحلة الأُولى معًا، وخلالها أنشأا معًا كنائس عديدة، ومن ثَمَّ صارا معروفَين في جميع أنحاء آسيا الصُّغرى وأماكِنَ خارِجَها بروعة موهوبيَّتهما ودرايتهما في الخدمة. ثمَّ استُدعيا إلى أُورشليم للإسهام في بتِّ نزاع حول الخِتان. إنَّ كامل الأصحاح تقريبًا في أعمال 15 مُخصَّص لبسط النِّقاش حول هذا الموضوع اللاهوتيِّ المشحون عاطفيًّا. وأخيرًا بعد النَّظر بتدقيق في الكلمة المقدَّسة والمشورة الهادئة من بطرس ويعقوب وسيلا وبولس، حُسِمَ الجدَل: لن يُطلَب من الأُمم أن يختَتِنوا. لقد تفاضلت النِّعمة.

لكن الـمُجادلة الثانية المدوَّنة في الأصحاح عينه، لم تنتهِ حُبِّيًّا على المنوال نفسه. لقد مكَث بولس وبرنابا في أنطاكية مُدَّةً، في أعقاب مجمع أُورشليم. وبينما هما في ذلك المركز الرِّساليِّ العظيم، علَّما وبشَّرا بكلمة الربّ. لقد كانا رجُلَي خُلُق أصيل وتقوى حقيقيَّة من النَّوع الذي نقِف في الصف، أنت وأنا، لكي نقضي أُمسيةً معه. لكن الخلاف وقع بينهما بشأن اصطحاب يوحنا مرقس معهما لزيارة رعيَّة الرَّب أم لا. مَن كان يتوقَّع يومًا أن يفصم صَدعٌ كهذا عُرَى الصداقة التي صمدت طويلاً بين بولس وبرنابا؟ يكمن رجاؤنا في قدرة الله على تحويل الصراعات في حياتنا إلى بدايات مثمرة.

صلاة:

يا رب، أعن ضعفنا البشريّ واستخدمنا على الرّغم منه لخدمتك. شكرًا على الحقيقة الكاملة التي تذكرها في كلمتك. أنتَ وحدك تقدر أن تُحوّل الصراعات في حياتنا إلى بدايات مثمرة. حرّرنا من البحث عن الرّضا في توقّعات البشر واعطنا أن نجده في طاعتك وبذل الذات واحتمال الآخرين في كلّ الفصول، آمين.