علّمنا أن نصلّيعينة

استعداد للتجارب

في أثناء إحدى المقابلات مع مايك تايسون قبل مباراة ملاكمة، طُرح عليه سؤالٌ عن أفكاره بشأن أسلوب خصمه في القتال. فعلَّق قائلًا: "لدى الكلِّ خُطَّة ينفِّذها، إلى أن يتلقَّى اللكمات في الوجه."

وبالمثل، لدى كلِّ شخصٍ منَّا خُطَّةٌ عن الكيفيَّة التي يحقِّق بها الانتصارات، إلى أن تأتي الشَّدائد وتغيِّر كلَّ شيء. بمجرَّد حدوث فُقدان للتوجُّه، تتلاشى العزيمة والقوَّة ورباطة الجأش مثلما تتساقَطُ أسنانُ الملاكم الأماميَّة بعد تعرُّضه لِلَكمةٍ قويَّة. ما زالت كلمات تايسون تترك لديَّ انطباعًا حقيقيًّا مع أنِّي لم أكنْ طرفًا في شجارٍ منذ أيَّام المرحلة الإعداديَّة.

كانت وفاة أخي أكبرَ مفاجأةٍ وصدمةٍ في حياتي إلى أن فاقَتْها سريعًا صدمةٌ أُخرى بعدها بأسابيعَ قليلة؛ فقد دُهِشتُ بضَعْف إيماني بيسوع، حيث خارَتْ عزيمتي بأنْ أظلَّ مؤمنًا ملتزمًا بأن أعيشَ معه. كانت تأمُّلات سي. أس. لويس بعد وفاة زوجتِه تنطبق عليَّ: "لم يحاوِلِ الله أنْ يختبرَ إيماني أو حُبِّي لاكتشاف عمقهما، لأنَّه كان يعرف ذلك حقًّا، لكنِّي أنا مَن لم يعرف ذلك... يعلمُ الله دائمًا أنَّ هيكلي هو بيتٌ قائمٌ على الرَّمل. وكانت طريقتُه الوحيدة ليجعلَني أُدرك هذه الحقيقة هي هدم ذاك البيت." تلقَّيتُ بعضَ اللَّكمات في وجهي وتلاشَت عزيمتي، وخارت قوَّتي، ولم يبقَ لي شيء. وتيقَّنتُ من كلمات تايسون أنَّ لدى الكلِّ خُطَّةً إلى أن يتلقَّى لكمةً في الوجه.

لا تتوقَّعْ أنَّك قد تُستثنى من ذلك؛ لأنَّك ستتعرَّضُ للَّكم. وفي النهاية، ستُدرك أنَّ كلًّا منَّا سيُواجه الشَّدائد ويتعامَل معها. وهنا لا أُشير إلى محنةٍ عامَّةٍ قد تحدُث بسبب الحياة في عالَمٍ ساقطٍ، مثل موت أحد الأحبَّاء أو مرضٍ مزمن أو وفاةٍ أو طلاقٍ أو خسارةِ وظيفة، بل أتحدَّث عن ألمٍ فريدٍ في نوعه يشعُر به المؤمنون نتيجةَ التمسُّك بأمانتهم وإخلاصهم لله في خِضَمِّ هذا العالَم السَّاقط. إنَّ اتِّباعَ الربِّ يسوعَ في هذا العالَم هو أشبَه بالدُّخول في حلقةِ الملاكمة. حتَّى إنِ انتصرْتَ في النهاية، فستُواجه اللَّكماتِ التي ما كنتَ لتتلقَّاها لو بقيتَ خارج الحلبة.

والسؤال الآن: كيف ستستعدُّ للعاصفة؟ إذا انتظَرْنا حتَّى نقعَ في التجرِبة فسيفوتُ الأوان، لذا يجب أن نكونَ سبَّاقين. نحتاج إلى أنْ نرى العواصفَ آتيةً من بعيد، ونُعزِّز جدرانَ بيوتنا مسبَقًا. فإنّ القوّة التي نحتاج إليها لتحمُّل العاصفة تأتي في النهاية من الله، لكنْ يمكنُنا بالصَّلاة أن نتمسَّكَ بقوَّته.

صلاة

يا إلهي، أصرخ إليك بكلِّ قلبي. أنا محتاج إليك لتنظر إليّ وتمدّ يدك لمعونتي وسط العواصف وتحت اللّكمات. حينما ينقطع الكلام وحينما تُذرف الدموع، أنت وحدك تمسح دموعي وتعود فتحييني وتقيمني. اقبَل صلاتي يا فادي نفسي واحفظني من الشّرير. لك كلّ المجد، آمين.

حقوق الطبع © محفوظة لدار منهل الحياة. لمزيد من الموارد، أو لشراء كتاب "ما هو دور الصلاة الجماعيّة في الكنيسة؟" لجون أونوشكوا الذي اقتبسنا منه هذه التأملات، بامكانك أن تزور موقعنا: https://darmanhal.org/ Amazon.com : dar manhal al hayat