إنجيل لوقا 3:1-80

إنجيل لوقا 3:1-80 الترجمة العربية المشتركة مع الكتب اليونانية (المشتركة)

رأيتُ أنا أيضًا، بَعدَما تتَبّعتُ كُلّ شيءٍ مِنْ أُصولِهِ بتَدقيقٍ، أنْ أكتُبَها إليكَ، يا صاحِبَ العِزّةِ ثاوفيلُسُ، حسَبَ تَرتيبِها الصّحيحِ، حتى تَعرِفَ صِحّةَ التّعليمِ الذي تَلقّيتَهُ. كانَ في أيّامِ هيرودُسَ مَلِكِ اليهوديّةِ كاهنٌ مِنْ فِرقَةِ أبيّا اَسمُهُ زكَرِيّا، لَهُ زوجةٌ مِنْ سُلالَةِ هرونَ اَسمُها أليصابات. وكانَ زكَرِيّا وأليصاباتُ صالحَيْنِ عِندَ اللهِ، يَتبَعانِ جميعَ أحكامِهِ ووصاياهُ، ولا لومَ علَيهِما. وما كانَ لَهُما ولَدٌ، لأنّ أليصاباتَ كانَت عاقِرًا، وكانَت هيَ وزكَرِيّا كبيرَينِ في السّنّ. وبَينَما زكَرِيّا يَتناوَبُ الخِدمَةَ معَ فِرقَتِهِ ككاهنٍ أمامَ اللهِ، أُلقيَتِ القُرعَةُ، بحسَبِ التّقليدِ المُتّبَعِ عِندَ الكَهنَةِ، فأصابَتْهُ ليَدخُلَ هَيكَلَ الرّبّ ويَحرُقَ البَخورَ. وكانَت جُموعُ الشّعبِ تُصلّي في الخارِجِ عِندَ إحراقِ البَخورِ. فظهَرَ لَهُ مَلاكُ الرّبّ واقِفًا عَنْ يَمينِ مَذبَحِ البَخورِ. فلمّا رآهُ زكَرِيّا اَضطَرَبَ وخافَ. فقالَ لَهُ المَلاكُ: «لا تخَفْ يا زكَرِيّا، لأنّ اللهَ سَمِعَ دُعاءَكَ وسَتَلِدُ لكَ اَمرأتُكَ أليصاباتُ اَبنًا تُسمّيهِ يوحنّا. وستَفرَحُ بِه وتَبتَهِجُ، ويفرَحُ بمولِدِهِ كثيرٌ مِنَ النّاسِ، لأنّهُ سيكونُ عَظيمًا عِندَ الرّبّ، ولن يَشرَبَ خَمرًا ولا مُسكرًا، ويَمتلِئُ مِنَ الرّوحِ القُدُسِ وهوَ في بَطنِ أُمّهِ، ويَهدي كثيرينَ مِنْ بَني إِسرائيلَ إلى الرّبّ إلهِهِم، ويسيرُ أمامَ اللهِ بِرُوحِ إيليّا وقُوّتِهِ، ليُصالِحَ الآباءَ معَ الأبناءِ ويُرجِعَ العُصاةَ إلى حِكمةِ الأبرارِ، فَيُهيّئَ لِلرّبّ شَعبًا مُستعِدّا لهُ». فقالَ زكَرِيّا لِلمَلاكِ: «كيفَ يكونُ هذا وأنا شَيخٌ كَبيرٌ واَمرأتي عَجوزٌ؟» فأجابَهُ المَلاكُ: «أنا جِبرائيلُ القائِمُ في حضرَةِ اللهِ، وهوَ أرسَلَني لأُكلّمَكَ وأحمِلَ إليكَ هذِهِ البُشرى. لكنّكَ ستُصابُ بالخَرَسِ، فلا تَقدِرُ على الكلامِ إلى اليومِ الذي يَحدُثُ فيهِ ذلِكَ، لأنّكَ ما آمنتَ بِكلامي، وكلامي سيَتِمّ في حينِهِ». وكانَتِ الجُموعُ تَنتَظِرُ زكَرِيّا وتتَعَجّبُ منِْ إبطائِهِ في داخِلِ الهَيكَلِ. فلمّا خرَجَ، كانَ لا يَقدِرُ أنْ يُكَلّمَهُم، ففَهِموا أنّهُ رأى رُؤيا في داخِلِ الهَيكَلِ. وكانَ يُخاطِبُهُم بالإشارَةِ، وبَقيَ أخرَسَ. فلمّا اَنتهَتْ أيّامُ خِدمَتِهِ رَجِعَ إلى بَيتِهِ. وبَعدَ مُدّةٍ حَبِلَتِ اَمرأتُهُ أليصاباتُ، فأَخفَت أمرَها خَمسةَ أشهُرٍ. وكانَت تَقولُ: «هذا ما أعطاني الرّبّ يومَ نظَرَ إليّ ليُزيلَ عَنّي العارَ مِنْ بَينِ النّاسِ». وحينَ كانَت أليصاباتُ في شَهرِها السّادسِ، أرسَلَ اللهُ المَلاكَ جِبرائيلَ إلى بَلدَةٍ في الجَليلِ اَسمُها النّاصِرَةُ، إلى عذراءَ اَسمُها مَريَمُ، كانَت مَخطوبَةً لِرَجُلٍ مِنْ بَيتِ داودَ اَسمُهُ يوسُفُ. فدخَلَ إليها المَلاكُ وقالَ لها: «السّلامُ علَيكِ، يا مَنْ أنعمَ اللهُ علَيها. الرّبّ مَعكِ». فاضطرَبَت مَريَمُ لِكلامِ المَلاكِ وقالَت في نَفسِها: «ما مَعنى هذِهِ التّحيةِ؟» فقالَ لها المَلاكُ: «لا تَخافي يا مَريَمُ، نِلتِ حُظْوةً عِندَ اللهِ: فسَتَحبَلينَ وتَلِدينَ اَبنًا تُسَمّينَهُ يَسوعَ. فيكونُ عظيمًا واَبنَ اللهِ العَليّ يُدعى، ويُعطيهِ الرّبّ الإلهُ عرشَ أبيهِ داودَ، ويَملِكُ على بَيتِ يَعقوبَ إلى الأبدِ، ولا يكونُ لمُلْكِهِ نِهايةٌ!» فقالَت مَريَمُ لِلملاكِ: «كيفَ يكونُ هذا وأنا عَذراءُ لا أعرِفُ رَجُلاً؟» فأجابَها المَلاكُ: «الرّوحُ القُدُسُ يَحِلّ علَيكِ، وقُدرَةُ العليّ تُظَلّلُكِ، لذلِكَ فالقدّوسُ الذي يولَدُ مِنكِ يُدعى اَبنَ اللهِ. ها قَريبَتُكِ أليصاباتُ حُبلى باَبنٍ في شَيْخوخَتِها، وهذا هوَ شَهرُها السّادِسُ، وهيَ التي دَعاها النّاسُ عاقِرًا. فما مِنْ شيءٍ غَيرَ مُمكنٍ عِندَ اللهِ». فقالَت مَريَمُ: «أنا خادِمَةُ الرّبّ: فَلْيكُنْ لي كَما تَقولُ». ومَضى مِنْ عِندِها المَلاكُ. وفي تِلكَ الأيّامِ، قامَت مَريَمُ وأسرَعَت إلى مَدينةِ يَهوذا في جِبالِ اليهوديّةِ. ودخلَت بَيتَ زكَرِيّا وسَلّمَت على أليصاباتَ. فلمّا سَمِعَت أليصاباتُ سلامَ مَريَمَ، تحرّكَ الجَنينُ في بَطنِها، واَمتلأت أليصاباتُ مِنَ الرّوحِ القُدُسِ، فهَتفَت بِأَعلى صَوتِها: «مُباركَةٌ أنتِ في النّساءِ ومُبارَكٌ اَبنُكِ ثَمرةُ بَطنِكِ! مَنْ أنا حتى تَجيءَ إليّ أُمّ رَبّي؟ ما إنْ سَمِعتُ صوتَ سَلامِكِ حتى تَحرّكَ الجَنينُ مِنَ الفرَحِ في بَطني. هَنيئًا لَكِ، يا مَنْ آمَنتْ بأنّ ما جاءَها مِنْ عِندِ الرّبّ سيَتِمّ». فقالَت مَريَمُ: «تُعَظّمُ نَفْسي الرّبّ وتَبتَهِجُ رُوحي بِاللهِ مُخَلّصي لأنّهُ نظَرَ إليّ، أنا خادِمَتُهُ الوضيعةُ! جميعُ الأجيالِ سَتُهَنّئُني لأنّ القَديرَ صنَعَ لي عظائِمَ. قُدّوسٌ اَسمُهُ ورَحمتُهُ مِنْ جِيلٍ إلى جِيلٍ لِلذينَ يَخافونَهُ. أظهرَ شِدّةَ ساعدِهِ فبَدّدَ المُتكبّرينَ في قُلوبِهِم. أنزَلَ الجبابِرَةَ عَنْ عُروشِهِم ورفَعَ المُتّضِعينَ. أشبَعَ الجياعَ مِنْ خيراتِهِ وصرَفَ الأغنياءَ فارِغينَ. أعانَ عَبدَهُ إِسرائيلَ فتَذكّرَ رَحمتَهُ، كما وعَدَ آباءَنا، لإبراهيمَ ونَسلِهِ إلى الأبدِ». وأقامَت مَريَمُ عِندَ أليصاباتَ نحوَ ثلاثَةِ أشهُرٍ، ثُمّ رجَعَت إلى بَيتِها. وجاءَ وقتُ أليصاباتَ لتَلِدَ، فولَدَتِ اَبنًا. وسَمِعَ جيرانُها وأقاربُها أنّ اللهَ غَمَرها برحمتِهِ، ففَرِحوا معَها. ولمّا بلَغَ الطّفلُ يومَهُ الثّامنَ، جاؤوا ليَختِنوهُ. وأرادوا أنْ يُسمّوهُ زكَرِيّا باَسمِ أبيهِ، فقالَت أُمّهُ: «لا، بل نُسمّيهِ يوحنّا». فقالوا: «لا أحَدَ مِنْ عَشيرَتِكِ تَسَمّى بِهذا الاسمِ». وسألوا أباهُ بِالإشارَةِ ماذا يُريدُ أنْ يُسمّى الطّفلُ، فطَلَبَ لوحًا وكتَبَ علَيهِ: «اَسمُهُ يوحنّا». فتَعجّبوا كُلّهُم. وفي الحالِ اَنفتَحَ فمُهُ واَنطلَقَ لِسانُهُ فتكَلّمَ ومَجّدَ اللهَ. فمَلأ الخوفُ جميعَ الجيرانِ. وتحدّثَ النّاسُ بجميعِ هذِهِ الأُمورِ في جِبالِ اليهوديّةِ كُلّها. وكانَ كُلّ مَنْ يسمَعُ بِها يحفَظُها في قلبِهِ قائِلاً: «ما عسى أن يكونَ هذا الطّفلُ؟» لأنّ يَدَ الرّبّ كانَت معَهُ. واَمتلأَ أبوهُ زكَرِيّا مِنَ الرّوحِ القُدُسِ، فتَنبّأَ قالَ: «تبارَكَ الرّبّ، إلهُ إِسرائيلَ لأنّهُ تَفَقّدَ شَعبَهُ واَفتَداهُ، فأقامَ لنا مُخَلّصًا قَديرًا في بَيتِ عَبدِهِ داودَ كما وعَدَ مِنْ قَديمِ الزّمانِ بِلسانِ أنبيائِهِ القدّيسينَ خَلاصًا لنا مِنْ أعدائِنا، ومِنْ أيدي جميعِ مُبغِضينا، ورَحمةً مِنهُ لآبائِنا وذِكرًا لِعَهدِه المُقدّسِ وللقَسَمِ الذي أقسَمَهُ لإبراهيمَ أبينا بأنْ يُخَلّصَنا مِنْ أعدائِنا، حتى نَعبُدَهُ غيرَ خائِفينَ، في قداسةٍ وتَقوَى عِندَهُ طُوالَ أيّامِ حياتِنا. وأنتَ، أيّها الطّفلُ، نَبيّ العليّ تُدعى، لأنّكَ تتَقدّمُ الرّبّ لتُهيّئَ الطّريقَ لَهُ وتُعَلّمَ شَعبَهُ أنّ الخلاصَ هوَ في غُفرانِ خطاياهُم. لأنّ إلَهَنا رَحيمٌ رَؤوفٌ يَتَفقّدُنا مُشرِقًا مِنَ العُلى ليُضيءَ لِلقاعِدينَ في الظّلامِ وفي ظِلالِ الموتِ ويَهدي خُطانا في طريقِ السّلامِ». وكانَ الطّفلُ يَنمو ويتقَوّى في الرّوحِ. وأقامَ في البرّيّةِ إلى أنْ ظهَرَ لِبَني إِسرائيلَ.

إنجيل لوقا 3:1-80 الترجمة العربية المشتركة (المشتركة)

رأيتُ أنا أيضًا، بَعدَما تتَبّعتُ كُلّ شيءٍ مِنْ أُصولِهِ بتَدقيقٍ، أنْ أكتُبَها إليكَ، يا صاحِبَ العِزّةِ ثاوفيلُسُ، حسَبَ تَرتيبِها الصّحيحِ، حتى تَعرِفَ صِحّةَ التّعليمِ الذي تَلقّيتَهُ. كانَ في أيّامِ هيرودُسَ مَلِكِ اليهوديّةِ كاهنٌ مِنْ فِرقَةِ أبيّا اَسمُهُ زكَرِيّا، لَهُ زوجةٌ مِنْ سُلالَةِ هرونَ اَسمُها أليصابات. وكانَ زكَرِيّا وأليصاباتُ صالحَيْنِ عِندَ اللهِ، يَتبَعانِ جميعَ أحكامِهِ ووصاياهُ، ولا لومَ علَيهِما. وما كانَ لَهُما ولَدٌ، لأنّ أليصاباتَ كانَت عاقِرًا، وكانَت هيَ وزكَرِيّا كبيرَينِ في السّنّ. وبَينَما زكَرِيّا يَتناوَبُ الخِدمَةَ معَ فِرقَتِهِ ككاهنٍ أمامَ اللهِ، أُلقيَتِ القُرعَةُ، بحسَبِ التّقليدِ المُتّبَعِ عِندَ الكَهنَةِ، فأصابَتْهُ ليَدخُلَ هَيكَلَ الرّبّ ويَحرُقَ البَخورَ. وكانَت جُموعُ الشّعبِ تُصلّي في الخارِجِ عِندَ إحراقِ البَخورِ. فظهَرَ لَهُ مَلاكُ الرّبّ واقِفًا عَنْ يَمينِ مَذبَحِ البَخورِ. فلمّا رآهُ زكَرِيّا اَضطَرَبَ وخافَ. فقالَ لَهُ المَلاكُ: «لا تخَفْ يا زكَرِيّا، لأنّ اللهَ سَمِعَ دُعاءَكَ وسَتَلِدُ لكَ اَمرأتُكَ أليصاباتُ اَبنًا تُسمّيهِ يوحنّا. وستَفرَحُ بِه وتَبتَهِجُ، ويفرَحُ بمولِدِهِ كثيرٌ مِنَ النّاسِ، لأنّهُ سيكونُ عَظيمًا عِندَ الرّبّ، ولن يَشرَبَ خَمرًا ولا مُسكرًا، ويَمتلِئُ مِنَ الرّوحِ القُدُسِ وهوَ في بَطنِ أُمّهِ، ويَهدي كثيرينَ مِنْ بَني إِسرائيلَ إلى الرّبّ إلهِهِم، ويسيرُ أمامَ اللهِ بِرُوحِ إيليّا وقُوّتِهِ، ليُصالِحَ الآباءَ معَ الأبناءِ ويُرجِعَ العُصاةَ إلى حِكمةِ الأبرارِ، فَيُهيّئَ لِلرّبّ شَعبًا مُستعِدّا لهُ». فقالَ زكَرِيّا لِلمَلاكِ: «كيفَ يكونُ هذا وأنا شَيخٌ كَبيرٌ واَمرأتي عَجوزٌ؟» فأجابَهُ المَلاكُ: «أنا جِبرائيلُ القائِمُ في حضرَةِ اللهِ، وهوَ أرسَلَني لأُكلّمَكَ وأحمِلَ إليكَ هذِهِ البُشرى. لكنّكَ ستُصابُ بالخَرَسِ، فلا تَقدِرُ على الكلامِ إلى اليومِ الذي يَحدُثُ فيهِ ذلِكَ، لأنّكَ ما آمنتَ بِكلامي، وكلامي سيَتِمّ في حينِهِ». وكانَتِ الجُموعُ تَنتَظِرُ زكَرِيّا وتتَعَجّبُ منِْ إبطائِهِ في داخِلِ الهَيكَلِ. فلمّا خرَجَ، كانَ لا يَقدِرُ أنْ يُكَلّمَهُم، ففَهِموا أنّهُ رأى رُؤيا في داخِلِ الهَيكَلِ. وكانَ يُخاطِبُهُم بالإشارَةِ، وبَقيَ أخرَسَ. فلمّا اَنتهَتْ أيّامُ خِدمَتِهِ رَجِعَ إلى بَيتِهِ. وبَعدَ مُدّةٍ حَبِلَتِ اَمرأتُهُ أليصاباتُ، فأَخفَت أمرَها خَمسةَ أشهُرٍ. وكانَت تَقولُ: «هذا ما أعطاني الرّبّ يومَ نظَرَ إليّ ليُزيلَ عَنّي العارَ مِنْ بَينِ النّاسِ». وحينَ كانَت أليصاباتُ في شَهرِها السّادسِ، أرسَلَ اللهُ المَلاكَ جِبرائيلَ إلى بَلدَةٍ في الجَليلِ اَسمُها النّاصِرَةُ، إلى عذراءَ اَسمُها مَريَمُ، كانَت مَخطوبَةً لِرَجُلٍ مِنْ بَيتِ داودَ اَسمُهُ يوسُفُ. فدخَلَ إليها المَلاكُ وقالَ لها: «السّلامُ علَيكِ، يا مَنْ أنعمَ اللهُ علَيها. الرّبّ مَعكِ». فاضطرَبَت مَريَمُ لِكلامِ المَلاكِ وقالَت في نَفسِها: «ما مَعنى هذِهِ التّحيةِ؟» فقالَ لها المَلاكُ: «لا تَخافي يا مَريَمُ، نِلتِ حُظْوةً عِندَ اللهِ: فسَتَحبَلينَ وتَلِدينَ اَبنًا تُسَمّينَهُ يَسوعَ. فيكونُ عظيمًا واَبنَ اللهِ العَليّ يُدعى، ويُعطيهِ الرّبّ الإلهُ عرشَ أبيهِ داودَ، ويَملِكُ على بَيتِ يَعقوبَ إلى الأبدِ، ولا يكونُ لمُلْكِهِ نِهايةٌ!» فقالَت مَريَمُ لِلملاكِ: «كيفَ يكونُ هذا وأنا عَذراءُ لا أعرِفُ رَجُلاً؟» فأجابَها المَلاكُ: «الرّوحُ القُدُسُ يَحِلّ علَيكِ، وقُدرَةُ العليّ تُظَلّلُكِ، لذلِكَ فالقدّوسُ الذي يولَدُ مِنكِ يُدعى اَبنَ اللهِ. ها قَريبَتُكِ أليصاباتُ حُبلى باَبنٍ في شَيْخوخَتِها، وهذا هوَ شَهرُها السّادِسُ، وهيَ التي دَعاها النّاسُ عاقِرًا. فما مِنْ شيءٍ غَيرَ مُمكنٍ عِندَ اللهِ». فقالَت مَريَمُ: «أنا خادِمَةُ الرّبّ: فَلْيكُنْ لي كَما تَقولُ». ومَضى مِنْ عِندِها المَلاكُ. وفي تِلكَ الأيّامِ، قامَت مَريَمُ وأسرَعَت إلى مَدينةِ يَهوذا في جِبالِ اليهوديّةِ. ودخلَت بَيتَ زكَرِيّا وسَلّمَت على أليصاباتَ. فلمّا سَمِعَت أليصاباتُ سلامَ مَريَمَ، تحرّكَ الجَنينُ في بَطنِها، واَمتلأت أليصاباتُ مِنَ الرّوحِ القُدُسِ، فهَتفَت بِأَعلى صَوتِها: «مُباركَةٌ أنتِ في النّساءِ ومُبارَكٌ اَبنُكِ ثَمرةُ بَطنِكِ! مَنْ أنا حتى تَجيءَ إليّ أُمّ رَبّي؟ ما إنْ سَمِعتُ صوتَ سَلامِكِ حتى تَحرّكَ الجَنينُ مِنَ الفرَحِ في بَطني. هَنيئًا لَكِ، يا مَنْ آمَنتْ بأنّ ما جاءَها مِنْ عِندِ الرّبّ سيَتِمّ». فقالَت مَريَمُ: «تُعَظّمُ نَفْسي الرّبّ وتَبتَهِجُ رُوحي بِاللهِ مُخَلّصي لأنّهُ نظَرَ إليّ، أنا خادِمَتُهُ الوضيعةُ! جميعُ الأجيالِ سَتُهَنّئُني لأنّ القَديرَ صنَعَ لي عظائِمَ. قُدّوسٌ اَسمُهُ ورَحمتُهُ مِنْ جِيلٍ إلى جِيلٍ لِلذينَ يَخافونَهُ. أظهرَ شِدّةَ ساعدِهِ فبَدّدَ المُتكبّرينَ في قُلوبِهِم. أنزَلَ الجبابِرَةَ عَنْ عُروشِهِم ورفَعَ المُتّضِعينَ. أشبَعَ الجياعَ مِنْ خيراتِهِ وصرَفَ الأغنياءَ فارِغينَ. أعانَ عَبدَهُ إِسرائيلَ فتَذكّرَ رَحمتَهُ، كما وعَدَ آباءَنا، لإبراهيمَ ونَسلِهِ إلى الأبدِ». وأقامَت مَريَمُ عِندَ أليصاباتَ نحوَ ثلاثَةِ أشهُرٍ، ثُمّ رجَعَت إلى بَيتِها. وجاءَ وقتُ أليصاباتَ لتَلِدَ، فولَدَتِ اَبنًا. وسَمِعَ جيرانُها وأقاربُها أنّ اللهَ غَمَرها برحمتِهِ، ففَرِحوا معَها. ولمّا بلَغَ الطّفلُ يومَهُ الثّامنَ، جاؤوا ليَختِنوهُ. وأرادوا أنْ يُسمّوهُ زكَرِيّا باَسمِ أبيهِ، فقالَت أُمّهُ: «لا، بل نُسمّيهِ يوحنّا». فقالوا: «لا أحَدَ مِنْ عَشيرَتِكِ تَسَمّى بِهذا الاسمِ». وسألوا أباهُ بِالإشارَةِ ماذا يُريدُ أنْ يُسمّى الطّفلُ، فطَلَبَ لوحًا وكتَبَ علَيهِ: «اَسمُهُ يوحنّا». فتَعجّبوا كُلّهُم. وفي الحالِ اَنفتَحَ فمُهُ واَنطلَقَ لِسانُهُ فتكَلّمَ ومَجّدَ اللهَ. فمَلأ الخوفُ جميعَ الجيرانِ. وتحدّثَ النّاسُ بجميعِ هذِهِ الأُمورِ في جِبالِ اليهوديّةِ كُلّها. وكانَ كُلّ مَنْ يسمَعُ بِها يحفَظُها في قلبِهِ قائِلاً: «ما عسى أن يكونَ هذا الطّفلُ؟» لأنّ يَدَ الرّبّ كانَت معَهُ. واَمتلأَ أبوهُ زكَرِيّا مِنَ الرّوحِ القُدُسِ، فتَنبّأَ قالَ: «تبارَكَ الرّبّ، إلهُ إِسرائيلَ لأنّهُ تَفَقّدَ شَعبَهُ واَفتَداهُ، فأقامَ لنا مُخَلّصًا قَديرًا في بَيتِ عَبدِهِ داودَ كما وعَدَ مِنْ قَديمِ الزّمانِ بِلسانِ أنبيائِهِ القدّيسينَ خَلاصًا لنا مِنْ أعدائِنا، ومِنْ أيدي جميعِ مُبغِضينا، ورَحمةً مِنهُ لآبائِنا وذِكرًا لِعَهدِه المُقدّسِ وللقَسَمِ الذي أقسَمَهُ لإبراهيمَ أبينا بأنْ يُخَلّصَنا مِنْ أعدائِنا، حتى نَعبُدَهُ غيرَ خائِفينَ، في قداسةٍ وتَقوَى عِندَهُ طُوالَ أيّامِ حياتِنا. وأنتَ، أيّها الطّفلُ، نَبيّ العليّ تُدعى، لأنّكَ تتَقدّمُ الرّبّ لتُهيّئَ الطّريقَ لَهُ وتُعَلّمَ شَعبَهُ أنّ الخلاصَ هوَ في غُفرانِ خطاياهُم. لأنّ إلَهَنا رَحيمٌ رَؤوفٌ يَتَفقّدُنا مُشرِقًا مِنَ العُلى ليُضيءَ لِلقاعِدينَ في الظّلامِ وفي ظِلالِ الموتِ ويَهدي خُطانا في طريقِ السّلامِ». وكانَ الطّفلُ يَنمو ويتقَوّى في الرّوحِ. وأقامَ في البرّيّةِ إلى أنْ ظهَرَ لِبَني إِسرائيلَ.

إنجيل لوقا 3:1-80 الكِتاب المُقَدَّس: التَّرْجَمَةُ العَرَبِيَّةُ المُبَسَّطَةُ (ت ع م)

وَحَيْثُ إنِّي قَدْ تَحَقَّقتُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ بِدِقَّةٍ، رَأيْتُ أنَا أيْضًا أنْ أكتُبَ إلَيْكَ، يَا صَاحِبَ السَّعَادَةِ ثَاوْفِيلُسَ، وَصْفًا مُتَسَلسِلًا لِتِلْكَ الأحْدَاثِ مُنْذُ البِدَايَةِ، لِكَي تَتَيَقَّنَ مِنْ أنَّ مَا تَعَلَّمتَهُ صَحِيحٌ. كَانَ فِي أيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ إقْلِيمِ اليَهُودِيَّةِ، كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا، وَهُوَ مِنْ مَجمُوعَةِ أبِيَّا الكَهنُوتِيَّةِ، وَزَوْجَتُهُ ألِيصَابَاتُ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ. وَكَانَا كِلَاهُمَا بَارَّينِ وَبِلَا عَيْبٍ فِي حِفظِهِمَا لِوَصَايَا الرَّبِّ وَفَرَائِضِهِ. لَكِنَّهُمَا كَانَا بِلَا أبْنَاءٍ، فَقَدْ كَانَتْ ألِيصَابَاتُ عَاقِرًا، وَكَانَ الاثْنَانِ كَبِيرَينِ فِي السِّنِّ. وَكَانَ زَكَرِيَّا يَخْدِمُ كَكَاهِنٍ للهِ فِي الهَيْكَلِ فِي نَوبَةِ مَجمُوعَتِهِ الكَهنُوتِيَّةِ، فَتَمَّ اختِيَارُهُ بِالقُرعَةِ، حَسَبَ العَادَةِ المُتَّبَعَةِ لَدَى الكَهَنَةِ، لِلدُّخُولِ إلَى هَيْكَلِ الرَّبِّ وَتَقْدِيمِ البَخُورِ. وَحِينَ جَاءَ وَقْتُ تَقْدِيمِ البَخُورِ، كَانَ كُلُّ الشَّعْبِ مُجتَمِعِينَ خَارِجًا يُصَلُّونَ. فَظَهَرَ لَهُ مَلَاكٌ مِنْ عِندِ الرَّبِّ وَاقِفًا عَنْ يَمِينِ مَذْبَحِ البَخُورِ. فَلَمَّا رَأى زَكَرِيَّا المَلَاكَ، اضطَرَبَ وَخَافَ خَوْفًا شَدِيدًا. فَقَالَ لَهُ المَلَاكُ: «لَا تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا. لَقَدْ سَمِعَ اللهُ صَلَاتَكَ. وَسَتَلِدُ لَكَ زَوْجَتُكَ ألِيصَابَاتُ ابنًا، فَسَمِّهِ يُوحَنَّا. سَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابتِهَاجٌ، وَسَيَفْرَحُ كَثِيرُونَ أيْضًا بِمَولِدِهِ. سَيَكُونُ عَظِيمًا فِي نَظَرِ الرَّبِّ. لَنْ يَشْرَبَ نَبِيذًا وَلَا شَرَابًا مُسْكِرًا، وَسَيَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ حَتَّىْ قَبْلَ وِلَادَتِهِ! «سَيَجْعَلُ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ يَرْجِعُونَ إلَى الرَّبِّ إلَهِهِمْ. وَسَيَأْتِي قَبْلَ الرَّبِّ بِرُوحِ إيلِيَّا وَقُوَّتِهِ، لِكَي يَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ لِأبنَائِهِمْ، وَيَرُدَّ أفْكَارَ العُصَاةِ إلَى الطَّريقِ الصَّحيحِ، فَيُهَيئَ شَعْبًا مُسْتَعِدًا لِلرَّبِّ.» فَقَالَ زَكَرِيَّا لِلمَلَاكِ: «كَيْفَ لِي أنْ أتَيَقَّنَ مِنْ هَذَا الكَلَامِ؟ فَأنَا عَجُوزٌ، وَزَوْجَتِي فِي شَيخُوخَتِهَا!» فَأجَابَهُ المَلَاكُ: «أنَا جِبْرَائِيلُ الَّذِي أقِفُ فِي حَضْرَةِ اللهِ. لَقَدْ أُرسِلتُ لِأُكَلِّمَكَ، وَأنقُلَ إلَيْكَ هَذِهِ البُشرَى. لَكِنِ انتَبِه لِهَذَا: سَتَكُونُ صَامِتًا، وَلَنْ تَقْدِرَ عَلَى الكَلَامِ إلَى أنْ يَتَحَقَّقَ كُلُّ هَذَا، لِأنَّكَ لَمْ تُصَدِّقْ كَلَامِي الَّذِي سَيَتَحَقَّقُ فِي وَقْتِهِ.» وَكَانَ النَّاسُ خَارِجًا فِي انتِظَارِ زَكَرِيَّا وَهَمْ يَتَسَاءَلُونَ عَنْ سَبَبِ تَأخُّرِهِ فِي الهَيْكَلِ. وَحِينَ خَرَجَ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى التَّحَدُّثِ إلَيْهِمْ، فَأدرَكُوا أنَّهُ رَأى رُؤْيَا فِي الهَيْكَلِ. وَكَانَ يُكَلِّمُهُمْ بِالإشَارَاتِ، وَبَقِيَ أخرَسَ. وَحِينَ انْتَهَتْ فَترَةُ خِدمَتِهِ عَادَ إلَى بَيْتِهِ. وَبَعْدَ زَمَنٍ حَبِلَتْ زَوْجَتُهُ ألِيصَابَاتُ، فَعَزَلَتْ نَفْسَهَا عَنِ النَّاسِ خَمْسَةَ أشهُرٍ، وَقَالَتْ: «هَا قَدْ أعَانَنِي الرَّبُّ أخِيرًا. اهتَمَّ بِي، وَأزَالَ عَارَ عُقمِي مِنْ بَيْنِ النَّاسِ.» وَحِينَ كَانَتْ ألِيصَابَاتُ فِي شَهرِهَا السَّادِسِ، أرْسَلَ اللهُ المَلَاكَ جِبْرَائِيلَ إلَى بَلدَةٍ فِي إقْلِيمِ الجَلِيلِ تُدعَى النَّاصِرَةُ، إلَى فَتَاةٍ عَذرَاءَ اسْمُهَا مَريَمُ، مَخطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. فَجَاءَ إلَيْهَا جِبْرَائِيلُ وَقَالَ لَهَا: «السَّلَامُ عَلَيْكِ أيَّتُهَا المُمتَلِئَةُ نِعْمَةً، الرَّبُّ مَعكِ.» فَاضطَرَبَتْ مِنْ رِسَالَتِهِ هَذِهِ، وَتَعَجَّبَتْ مَا عَسَى أنْ يَكُونَ مَعنَى هَذِهِ التَّحِيَّةِ! فَقَالَ المَلَاكُ لَهَا: «لَا تَخَافِي يَا مَريَمُ، فَقَدْ نِلتِ نِعْمَةً مِنَ اللهِ. وَهَا أنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابنًا، وَتُسَمينَهُ يَسُوعَ. سَيَكُونُ عَظِيمًا، وَسَيُدْعَى ابْنَ اللهِ العَلِيِّ. وَسَيُعطِيهِ الرَّبُّ الإلَهُ عَرشَ أبِيهِ دَاوُدَ. وَسَيَحْكُمُ بَيْتَ يَعْقُوبَ إلَى الأبَدِ، وَلَنْ يَنْتَهِيَ مُلكُهُ أبَدًا.» فَقَالَتْ مَريَمُ لِلمَلَاكِ: «كَيْفَ سَيَحْدُثُ هَذَا؟ فَأنَا لَمْ يَلْمِسْنِي رَجُلٌ قَطُّ!» فَأجَابَهَا المَلَاكُ: «الرُّوحُ القُدُسُ سَيَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ العَلِيِّ سَتُغَطِّيكِ. لِهَذَا فَإنَّ القُدُّوسَ الَّذِي سَيُولَدُ مِنكِ سَيُدْعَى ابْنَ اللهِ. وَاعلَمِي هَذَا: هَا هِيَ قَرِيبَتُكِ ألِيصَابَاتُ حُبلَى بَابنٍ رُغْمَ شَيخُوخَتِهَا. فَالمَرْأةُ الَّتِي يَدْعُونَهَا عَاقِرًا هِيَ فِي شَهرِهَا السَّادِسِ! إذْ لَيْسَ هُنَاكَ مُسْتَحِيلٌ عِنْدَ اللهِ.» فَقَالَتْ مَريَمُ: «أنَا خَادِمَةُ الرَّبِّ، فَليَحْدُثْ لِي كَمَا قُلْتَ.» فَتَرَكَهَا المَلَاكُ. وَفِي أثنَاءِ تِلْكَ الفَترَةِ، استَعَدَّتْ مَريَمُ وَأسرَعَتْ إلَى بَلدَةٍ فِي إقْلِيمِ يَهُوذَا الجَبَلِيِّ. وَتَوَجَّهَتْ إلَى بَيْتِ زَكَرِيَّا، وَحَيَّتْ ألِيصَابَاتَ. فَمَا إنْ سَمِعَتْ ألِيصَابَاتُ تَحِيَّتَهَا حَتَّى تَحَرَّكَ الطِّفلُ فِي بَطنِهَا. فَامتَلأتْ ألِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ. وَرَفَعَتْ صَوْتَهَا وَقَالَتْ: «لَقَدْ بَارَكَكِ اللهُ أكْثَرَ مِنْ كُلِّ النِّسَاءِ، وَمُبَارَكٌ أيْضًا الطِّفلُ الَّذِي سَتَلِدِينَهُ. لَكِنْ مَا هَذَا الشَّرَفُ العَظِيمُ الَّذِي حَظِيتُ بِهِ حَتَّى تَأْتِيَ أُمُّ سَيِّدِي إلَيَّ؟ لِأنَّهُ مَا إنْ وَصَلَ صَوْتُ تَحِيَّتِكِ إلَى أُذُنَيَّ، حَتَّى وَثَبَ الطِّفلُ بِفَرَحٍ فِي بَطنِي. فَمُبَارَكَةٌ أنْتِ لِأنَّكِ صَدَّقْتِ أنَّ مَا وَعَدَكِ بِهِ الرَّبُّ سَيَتَحَقَّقُ.» فَقَالَتْ مَريَمُ: «تُمَجِّدُ نَفْسِي الرَّبَّ. وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لِأنَّهُ نَظَرَ إلَى خَادِمَتِهِ المُتَوَاضِعَةِ. فَمُنذُ الآنَ، يَدْعُونِي جَمِيعُ النَّاسِ ‹مُبَارَكَةً› لِأنَّ اللهَ القَوِيَّ صَنَعَ لِي أشْيَاءَ مَجِيدَةً. وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ. هُوَ يُعْطِي رَحْمَةً مِنْ جِيلٍ إلَى جِيلٍ لِلَّذِينَ يَعْبُدُونَهُ. أظْهَرَ قُوَّةَ ذِرَاعِهِ، وَشَتَّتَ المُتَكَبِّرِينَ بِأفكَارِهِمُ المُتَبَجِّحَةِ. أنزَلَ الحُكَّامَ عَنْ عُرُوشِهِمْ، وَرَفَعَ مَنزِلَةَ المُتَوَاضِعِينَ. أشبَعَ الجِيَاعَ بِعَطَايَاهُ الصَّالِحَةَ، وَصَرَفَ الأغنِيَاءَ فَارِغِي الأيدِي. جَاءَ لِيُعِينَ خَادِمَهُ يَعْقُوبَ. تَذَكَّرَ فَأظْهَرَ رَحْمَتَهُ كَمَا وَعَدَ آبَاءَنَا، لإبرَاهِيمَ وَأبنَائِهِ إلَى الأبَدِ.» وَأقَامَتْ مَريَمُ عِنْدَ ألِيصَابَاتَ نَحْوَ ثَلَاثَةِ شُهورٍ، ثُمَّ رَجِعَتْ إلَى بَيْتِهَا. وَحَانَ الوَقْتُ لِتَضَعَ ألِيصَابَاتُ طِفلَهَا، فَأنْجَبَتْ صَبِيًّا. فَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأقَارِبُهَا أنَّ اللهَ قَدْ أظْهَرَ لَهَا رَحْمَةً عَظِيمَةً، فَابْتَهَجُوا مَعَهَا. وَفِي اليَوْمِ الثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا الطِّفْلَ، وَأرَادُوا أنْ يُسَمُّوهُ زَكَرِيَّا عَلَى اسْمِ أبيهِ. لَكِنَّ أُمَّهُ قَالَتْ: «لَا، بَلْ سَيُدْعَى يُوحَنَّا.» فَقَالُوا لَهَا: «لَيْسَ بَيْنَ أقَارِبِكِ مَنْ يَحْمِلُ هَذَا الاسْمَ.» فَأشَارُوا بِأيدِيهِمْ إلَى أبِيهِ يَسألُونَهُ أيَّ اسْمٍ يُرِيدُ أنْ يُسَمِّيَهُ! فَطَلَبَ لَوحًا وَكَتَبَ عَلَيْهِ: «اسْمُهُ يُوحَنَّا،» فَدُهِشُوا جَمِيعًا! وَفي الْحَالِ انفَتَحَ فَمُ زَكَرِيَّا وَانحَلَّ لِسَانُهُ، وَبَدَأ يَتَكَلَّمُ وَيُسَبِّحُ اللهَ. فَتَمَلَّكَ الخَوفُ الجِيرَانَ كُلَّهُمْ. وَرَاحَ النَّاسُ فِي كُلِّ أنْحَاءِ المِنْطَقَةِ الجَبَلِيَّةِ مِنَ الجَلِيلِ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ هَذِهِ الأُمُورِ. فَتَعَجَّبَ كُلُّ مَنْ سَمِعَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: «تُرَى مَاذَا سَيُصبِحُ هَذَا الطِّفلُ؟» لِأنَّ قُوَّةَ الرَّبِّ كَانَتْ مَعَهُ. ثُمَّ امتَلأ أبُوهُ زَكَرِيَّا بِالرُّوحِ القُدُسِ وَتَنَبَّأ فَقَالَ: «مُبَارَكٌ هُوَ الرَّبُّ إلَهُ إسْرَائِيلَ، لِأنَّهُ جَاءَ لِيُعِينَ شَعْبَهُ وَيُحَرِّرَهُمْ. قَدَّمَ لَنَا مُخَلِّصًا قَوِيًّا مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ خَادِمِهِ. هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ بِهِ مُنْذُ القَدِيمِ. وَعَدَنَا بِالخَلَاصِ مِنْ أعْدَائِنَا وَمِنْ أيدِي جَمِيعِ مُبغِضِينَا. وَعَدَ بِأنْ يُظهِرَ رَحْمَةً لآبَائِنَا وَيَتَذَكَّرَ عَهْدَهُ المُقَدَّسَ مَعَهُمْ. وَحَفِظَ الوَعدَ الَّذِي أقْسَمَ بِهِ لِأبِينَا إبْرَاهِيمَ. وَعَدَ بِأنْ يُنقِذَنَا مِنْ أيدِي أعْدَائِنَا، لِكَي نَخدِمَهُ دُونَ خَوفٍ، وَنَحيَا بِالقَدَاسَةِ وَالبِرِّ جَمِيعَ أيَّامِ حَيَاتِنَا. أمَّا أنْتَ، يَا ابنِي، فَسَتُدعَى نَبِيًّا لِلعَلِيِّ. فَأنْتَ سَتَتَقَدَّمُ الرَّبَّ لِتُعِدَّ لَهُ الطَّرِيقَ. سَتَتَقَدَّمُهُ لِتُخْبِرَ شَعْبَهُ بِأنَّهُم سَيُخَلَّصُونَ، وَسَتُغْفَرُ خَطَايَاهُمْ. هَذَا بِفَضْلِ رَحمَةِ إلَهِنَا المُحِبَّةِ، فَسَيُشْرِقُ نُورٌ عَلَيْنَا مِنَ السَّمَاءِ. وَسَيُضِيءُ عَلَى الَّذِينَ يَعِيشُونَ فِي ظِلِّ المَوْتِ المُظلِمِ. وَسَيَهْدِي خُطُوَاتِنَا فِي طَرِيقِ السَّلَامِ.» فَنَمَا الصَّبِيُّ، وَكَانَ يَتَقَوَّى دَائِمًا فِي الرُّوحِ. وَعَاشَ فِي البَرِّيَّةِ إلَى حِينِ ظُهُورِهِ عَلَنًا لِبَنِي إسْرَائِيلَ.

إنجيل لوقا 3:1-80 كتاب الحياة (KEH)

رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً، بَعْدَمَا تَفَحَّصْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَوَّلِ الأَمْرِ تَفَحُّصاً دَقِيقاً، أَنْ أَكْتُبَهَا إِلَيْكَ مُرَتَّبَةً يَا صَاحِبَ السُّمُوِّ ثَاوُفِيلُسَ لِتَتَأَكَّدَ لَكَ صِحَّةُ الْكَلامِ الَّذِي تَلَقَّيْتَهُ. كَانَ فِي زَمَنِ هِيرُودُسَ مَلِكِ الْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا، مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، وَزَوْجَتُهُ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ، وَاسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ. وَكَانَ كِلاهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ اللهِ، يَسْلُكَانِ وَفْقاً لِوَصَايَا الرَّبِّ وَأَحْكَامِهِ كُلِّهَا بِغَيْرِ لَوْمٍ. وَلكِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَدٌ، إِذْ كَانَتْ أَلِيصَابَاتُ عَاقِراً وَكِلاهُمَا قَدْ تَقَدَّمَا فِي السِّنِّ كَثِيراً. وَبَيْنَمَا كَانَ زَكَرِيَّا يُؤَدِّي خِدْمَتَهُ الْكَهَنُوتِيَّةَ أَمَامَ اللهِ فِي دَوْرِ فِرْقَتِهِ، وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ الَّتِي أُلْقِيَتْ حَسَبَ عَادَةِ الْكَهَنُوتِ لِيَدْخُلَ هَيْكَلَ الرَّبِّ وَيُحْرِقَ الْبَخُورَ. وَكَانَ جُمْهُورُ الشَّعْبِ جَمِيعاً يُصَلُّونَ خَارِجاً فِي وَقْتِ إِحْرَاقِ الْبَخُورِ. فَظَهَرَ لَهُ مَلاكٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ وَاقِفاً عَنْ يَمِينِ مَذْبَحِ الْبَخُورِ. فَاضْطَرَبَ زَكَرِيَّا لَمَّا رَآهُ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْخَوْفُ. فَقَالَ لَهُ الْمَلاكُ: «لا تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا، لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَزَوْجَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْناً، وَأَنْتَ تُسَمِّيهِ يُوحَنَّا، وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلادَتِهِ. وَسَوْفَ يَكُونُ عَظِيماً أَمَامَ الرَّبِّ، وَلا يَشْرَبُ خَمْراً وَلا مُسْكِراً، وَيَمْتَلِئُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَهُوَ بَعْدُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَيَرُدُّ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ إِلهِهِمْ، فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ وَلَهُ رُوحُ إِيلِيَّا وَقُدْرَتُهُ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَوْلادِ، وَالْعُصَاةَ إِلَى حِكْمَةِ الأَبْرَارِ، لِيُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْباً مُعَدّاً!» فَسَأَلَ زَكَرِيَّا الْمَلاكَ: «بِمَ يَتَأَكَّدُ لِي هَذَا، فَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ وَزَوْجَتِي مُتَقَدِّمَةٌ فِي السِّنِّ؟» فَأَجَابَهُ الْمَلاكُ: «أَنَا جِبْرَائِيلُ، الْوَاقِفُ أَمَامَ اللهِ، وَقَدْ أُرْسِلْتُ لأُكَلِّمَكَ وَأُبَشِّرَكَ بِهَذَا. وَهَا أَنْتَ سَتَبْقَى صَامِتاً لَا تَسْتَطِيعُ الْكَلامَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي يَحْدُثُ فِيهِ هَذَا، لأَنَّكَ لَمْ تُصَدِّقْ كَلامِي، وَهُوَ سَيَتِمُّ فِي حِينِهِ». وَكَانَ الشَّعْبُ مُنْتَظِرِينَ زَكَرِيَّا، وَهُمْ مُتَعَجِّبُونَ مِنْ تَأَخُّرِهِ دَاخِلَ الْهَيْكَلِ. وَلكِنَّهُ لَمَّا خَرَجَ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ، فَأَدْرَكُوا أَنَّهُ رَأَى رُؤْيَا دَاخِلَ الْهَيْكَلِ. فَأَخَذَ يُشِيرُ لَهُمْ وَظَلَّ أَخْرَسَ. وَلَمَّا أَتَمَّ أَيَّامَ خِدْمَتِهِ، رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ. وَبَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ، حَبِلَتْ أَلِيصَابَاتُ زَوْجَتُهُ، فَكَتَمَتْ أَمْرَهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، قَائِلَةً: «هَكَذَا فَعَلَ الرَّبُّ بِي، فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا نَظَرَ إِلَيَّ لِيَنْزِعَ عَنِّي الْعَارَ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ!» وَفِي شَهْرِهَا السَّادِسِ، أُرْسِلَ الْمَلاكُ جِبْرَائِيلُ مِنْ قِبَلِ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ بِالْجَلِيلِ اسْمُهَا النَّاصِرَةُ، إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ اسْمُهُ يُوسُفُ، مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ، وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. فَدَخَلَ الْمَلاكُ وَقَالَ لَهَا: «سَلامٌ، أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! الرَّبُّ مَعَكِ: مُبَارَكَةٌ أَنْتِ بَيْنَ النِّسَاءِ». فَاضْطَرَبَتْ لِكَلامِ الْمَلاكِ، وَسَاءَلَتْ نَفْسَهَا: «مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ!» فَقَالَ لَهَا الْمَلاكُ: «لا تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، فَإِنَّكِ قَدْ نِلْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ! وَها أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً، وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. إِنَّهُ يَكُونُ عَظِيماً، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيَمْنَحُهُ الرَّبُ الإِلهُ عَرْشَ دَاوُدَ أَبِيهِ، فَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلَنْ يَكُونَ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاكِ: «كَيْفَ يَحْدُثُ هَذَا، وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟» فَأَجَابَهَا الْمَلاكُ: «الرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُدْرَةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ. لِذلِكَ أَيْضاً فَالْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. وَهَا هِيَ نَسِيبَتُكِ أَلِيصَابَاتُ أَيْضاً قَدْ حَبِلَتْ بِابْنٍ فِي سِنِّهَا الْمُتَقَدِّمَةِ. وَهَذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الَّتِي كَانَتْ تُدْعَى عَاقِراً. فَلَيْسَ لَدَى اللهِ وَعْدٌ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ إِتْمَامُهُ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَمَا تَقُولُ!» ثُمَّ انْصَرَفَ الْمَلاكُ مِنْ عِنْدِهَا. وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ، قَامَتْ مَرْيَمُ وَذَهَبَتْ مُسْرِعَةً إِلَى الْجِبَالِ، قَاصِدَةً إِلَى مَدِينَةٍ مِنْ مُدُنِ يَهُوذَا. فَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. وَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلامَ مَرْيَمَ، قَفَزَ الْجَنِينُ دَاخِلَ بَطْنِهَا. وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَهَتَفَتْ بِصَوْتٍ عَالٍ قَائِلَةٍ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ بَيْنَ النِّسَاءِ! وَمُبَارَكَةٌ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هَذَا: أَنْ تَأْتِيَ إِلَيَّ أُمُّ رَبِّي؟ فَإِنَّهُ مَا إِنْ وَقَعَ صَوْتُ سَلامِكِ فِي أُذُنَيَّ حَتَّى قَفَزَ الْجَنِينُ ابْتِهَاجاً فِي بَطْنِي: فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنَّهُ سَيَتِمُّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ!» فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي. فَإِنَّهُ نَظَرَ إِلَى تَوَاضُعِ أَمَتِهِ، وَهَا إِنَّ جَمِيعَ الأَجْيَالِ مِنَ الآنَ فَصَاعِداً سَوْفَ تُطَوِّبُنِي. فَإِنَّ الْقَدِيرَ قَدْ فَعَلَ بِي أُمُوراً عَظِيمَةً، قُدُّوسٌ اسْمُهُ، وَرَحْمَتُهُ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ جِيلاً بَعْدَ جِيلٍ. عَمِلَ بِذِرَاعِهِ قُوَّةً؛ شَتَّتَ الْمُتَكَبِّرِينَ فِي نِيَّاتِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ الْمُقْتَدِريِنَ عَنْ عُرُوشِهِمْ، وَرَفَعَ الْمُتَوَاضِعِينَ. أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ، وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. أَعَانَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ، مُتَذَكِّراً الرَّحْمَةَ، كَمَا تَكَلَّمَ إِلَى آبَائِنَا، لإِبْرَاهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ». وَأَقَامَتْ مَرْيَمُ عِنْدَ أَلِيصَابَاتَ نَحْوَ ثَلاثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا. وَأَمَّا أَلِيصَابَاتُ فَتَمَّ زَمَانُهَا لِتَلِدَ فَوَلَدَتِ ابْناً. وَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأَقَارِبُهَا أَنَّ الرَّبَّ أَفَاضَ رَحْمَتَهُ عَلَيْهَا، فَفَرِحُوا مَعَهَا. وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ حَضَرُوا لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ، وَكَادُوا يُسَمُّونَهُ زَكَرِيَّا عَلَى اسْمِ أَبِيهِ. وَلَكِنَّ أُمَّهُ قَالَتْ: «لا، بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا!» فَقَالُوا لَهَا: «لَيْسَ فِي عَشِيرَتِكِ أَحَدٌ تَسَمَّى بِهَذَا الاسْمِ». وَأَشَارُوا لأَبِيهِ، مَاذَا يُرِيدُ أَنْ يُسَمَّى. فَطَلَبَ لَوْحاً وَكَتَبَ فِيهِ: «اسْمُهُ يُوحَنَّا». فَتَعَجَّبُوا جَمِيعاً. وَانْفَتَحَ فَمُ زَكَرِيَّا فِي الْحَالِ وَانْطَلَقَ لِسَانُهُ، فَتَكَلَّمَ مُبَارِكاً اللهَ. فَاسْتَوْلَى الْخَوْفُ عَلَى جَمِيعِ السَّاكِنِينَ فِي جُوَارِهِمْ، وَصَارَتْ هذِهِ الأُمُورُ مَوْضُوعَ الْحَدِيثِ فِي جِبَالِ الْيَهُودِيَّةِ كُلِّهَا. وَكَانَ جَمِيعُ السَّامِعِينَ يَضَعُونَهَا فِي قُلُوبِهِمْ، قَائِلِينَ: «تُرَى، مَاذَا سَيَصِيرُ هَذَا الطِّفْلُ؟» فَقَدْ كَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُ. وَامْتَلأَ زَكَرِيَّا أَبُوهُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، فَتَنَبَّأَ قَائِلاً: «تَبَارَكَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ تَفَقَّدَ شَعْبَهُ وَعَمِلَ لَهُ فِدَاءً، وَأَقَامَ لَنَا قَرْنَ خَلاصٍ فِي بَيْتِ دَاوُدَ فَتَاهُ، كَمَا تَكَلَّمَ بِلِسَانِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ جَاءُوا مُنْذُ الْقَدِيمِ: خَلاصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا وَمِنْ أَيْدِي جَمِيعِ مُبْغِضِينَا، لِيُتِمَّ الرَّحْمَةَ نَحْوَ آبَائِنَا وَيَتَذَكَّرَ عَهْدَهُ الْمُقَدَّسَ ذلِكَ الْقَسَمَ الَّذِي أَقْسَمَ لإِبْرَاهِيمَ أَبِينَا: بِأَنْ يَمْنَحَنَا، بَعْدَ تَخْلِيصِنَا مِنْ أَيْدِي أَعْدَائِنَا، أَنْ نَعْبُدَهُ بِلا خَوْفٍ، بِقَدَاسَةٍ وَتَقْوَى أَمَامَهُ، طَوَالَ حَيَاتِنَا. وَأَنْتَ، أَيُّهَا الطِّفْلُ، سَوْفَ تُدْعَى نَبِيَّ الْعَلِيِّ، لأَنَّكَ سَتَتَقَدَّمُ أَمَامَ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ، لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ الْمَعْرِفَةَ بِأَنَّ الْخَلاصَ هُوَ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُمْ بِفَضْلِ مَشَاعِرِ الرَّحْمَةِ لَدَى إِلهَنَا، تِلْكَ الَّتِي تَفَقَّدَنَا بِها الْفَجْرُ الْمُشْرَقُ مِنَ الْعَلاءِ، لِيُضِيءَ عَلَى الْقَابِعِينَ فِي الظَّلامِ وَظِلِّ الْمَوْتِ، وَيَهْدِيَ خُطَانَا فِي طَرِيقِ السَّلامِ». وَكَانَ الطِّفْلُ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ؛ وَأَقَامَ فِي الْبَرَارِي إِلَى يَوْمِ ظُهُورِهِ لإِسْرَائِيلَ.

إنجيل لوقا 3:1-80 الكتاب المقدس (AVD)

رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ ٱلْأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى ٱلتَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، لِتَعْرِفَ صِحَّةَ ٱلْكَلَامِ ٱلَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ. كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ ٱلْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ ٱسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، وَٱمْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هارُونَ وَٱسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ. وَكَانَا كِلَاهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ ٱللهِ، سَالِكَيْنِ فِي جَمِيعِ وَصَايَا ٱلرَّبِّ وَأَحْكَامِهِ بِلَا لَوْمٍ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَدٌ، إِذْ كَانَتْ أَلِيصَابَاتُ عَاقِرًا. وَكَانَا كِلَاهُمَا مُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَيَّامِهِمَا. فَبَيْنَمَا هُوَ يَكْهَنُ فِي نَوْبَةِ فِرْقَتِهِ أَمَامَ ٱللهِ، حَسَبَ عَادَةِ ٱلْكَهَنُوتِ، أَصَابَتْهُ ٱلْقُرْعَةُ أَنْ يَدْخُلَ إِلَى هَيْكَلِ ٱلرَّبِّ وَيُبَخِّرَ. وَكَانَ كُلُّ جُمْهُورِ ٱلشَّعْبِ يُصَلُّونَ خَارِجًا وَقْتَ ٱلْبَخُورِ. فَظَهَرَ لَهُ مَلَاكُ ٱلرَّبِّ وَاقِفًا عَنْ يَمِينِ مَذْبَحِ ٱلْبَخُورِ. فَلَمَّا رَآهُ زَكَرِيَّا ٱضْطَرَبَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ خَوْفٌ. فَقَالَ لَهُ ٱلْمَلَاكُ: «لَا تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا، لِأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَٱمْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ٱبْنًا وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا. وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَٱبْتِهَاجٌ، وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلَادَتِهِ، لِأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لَا يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. وَيَرُدُّ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى ٱلرَّبِّ إِلَهِهِمْ. وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ ٱلْآبَاءِ إِلَى ٱلْأَبْنَاءِ، وَٱلْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ ٱلْأَبْرَارِ، لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا». فَقَالَ زَكَرِيَّا لِلْمَلَاكِ: «كَيْفَ أَعْلَمُ هَذَا، لِأَنِّي أَنَا شَيْخٌ وَٱمْرَأَتِي مُتَقَدِّمَةٌ فِي أَيَّامِهَا؟». فَأَجَابَ ٱلْمَلَاكُ وَقَالَ لَهُ: «أَنَا جِبْرَائِيلُ ٱلْوَاقِفُ قُدَّامَ ٱللهِ، وَأُرْسِلْتُ لِأُكَلِّمَكَ وَأُبَشِّرَكَ بِهَذَا. وَهَا أَنْتَ تَكُونُ صَامِتًا وَلَا تَقْدِرُ أَنْ تَتَكَلَّمَ، إِلَى ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي يَكُونُ فِيهِ هَذَا، لِأَنَّكَ لَمْ تُصَدِّقْ كَلَامِي ٱلَّذِي سَيَتِمُّ فِي وَقْتِهِ». وَكَانَ ٱلشَّعْبُ مُنْتَظِرِينَ زَكَرِيَّا وَمُتَعّجِّبِينَ مِنْ إِبْطَائِهِ فِي ٱلْهَيْكَلِ. فَلَمَّا خَرَجَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ، فَفَهِمُوا أَنَّهُ قَدْ رَأَى رُؤْيَا فِي ٱلْهَيْكَلِ. فَكَانَ يُومِئُ إِلَيْهِمْ وَبَقِيَ صَامِتًا. وَلَمَّا كَمِلَتْ أَيَّامُ خِدْمَتِهِ مَضَى إِلَى بَيْتِهِ. وَبَعْدَ تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ حَبِلَتْ أَلِيصَابَاتُ ٱمْرَأَتُهُ، وَأَخْفَتْ نَفْسَهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ قَائِلَةً: «هَكَذَا قَدْ فَعَلَ بِيَ ٱلرَّبُّ فِي ٱلْأَيَّامِ ٱلَّتِي فِيهَا نَظَرَ إِلَيَّ، لِيَنْزِعَ عَارِي بَيْنَ ٱلنَّاسِ». وَفِي ٱلشَّهْرِ ٱلسَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ ٱلْمَلَاكُ مِنَ ٱللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ ٱلْجَلِيلِ ٱسْمُهَا نَاصِرَةُ، إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ ٱسْمُهُ يُوسُفُ. وَٱسْمُ ٱلْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. فَدَخَلَ إِلَيْهَا ٱلْمَلَاكُ وَقَالَ: «سَلَامٌ لَكِ أَيَّتُهَا ٱلْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي ٱلنِّسَاءِ». فَلَمَّا رَأَتْهُ ٱضْطَرَبَتْ مِنْ كَلَامِهِ، وَفَكَّرَتْ: «مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ ٱلتَّحِيَّةُ!». فَقَالَ لَهَا ٱلْمَلَاكُ: «لَا تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لِأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ ٱللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ٱبْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هَذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَٱبْنَ ٱلْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى ٱلْأَبَدِ، وَلَا يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلَاكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟». فَأَجَابَ ٱلْمَلَاكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ ٱلْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذَلِكَ أَيْضًا ٱلْقُدُّوسُ ٱلْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ٱبْنَ ٱللهِ. وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِٱبْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهَذَا هُوَ ٱلشَّهْرُ ٱلسَّادِسُ لِتِلْكَ ٱلْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى ٱللهِ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ ٱلرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا ٱلْمَلَاكُ. فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى ٱلْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا، وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلَامَ مَرْيَمَ ٱرْتَكَضَ ٱلْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَٱمْتَلَأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي ٱلنِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هَذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلَامِكِ فِي أُذُنَيَّ ٱرْتَكَضَ ٱلْجَنِينُ بِٱبْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي ٱلرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِٱللهِ مُخَلِّصِي، لِأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى ٱتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ ٱلْآنَ جَمِيعُ ٱلْأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، لِأَنَّ ٱلْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَٱسْمُهُ قُدُّوسٌ، وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ ٱلْأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ ٱلْأَعِزَّاءَ عَنِ ٱلْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ ٱلْمُتَّضِعِينَ. أَشْبَعَ ٱلْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ ٱلْأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لِإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى ٱلْأَبَدِ». فَمَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا. وَأَمَّا أَلِيصَابَاتُ فَتَمَّ زَمَانُهَا لِتَلِدَ، فَوَلَدَتِ ٱبْنًا. وَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأَقْرِبَاؤُهَا أَنَّ ٱلرَّبَّ عَظَّمَ رَحْمَتَهُ لَهَا، فَفَرِحُوا مَعَهَا. وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا ٱلصَّبِيَّ، وَسَمَّوْهُ بِٱسْمِ أَبِيهِ زَكَرِيَّا. فَأَجَابَتْ أمُّهُ وَقَالَتْ: «لَا! بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا». فَقَالُوا لَهَا: «لَيْسَ أَحَدٌ فِي عَشِيرَتِكِ تَسَمَّى بِهَذَا ٱلِٱسْمِ». ثُمَّ أَوْمَأُوا إِلَى أَبِيهِ، مَاذَا يُرِيدُ أَنْ يُسَمَّى. فَطَلَبَ لَوْحًا وَكَتَبَ قَائِلًا: «ٱسْمُهُ يُوحَنَّا». فَتَعَجَّبَ ٱلْجَمِيعُ. وَفِي ٱلْحَالِ ٱنْفَتَحَ فَمُهُ وَلِسَانُهُ وَتَكَلَّمَ وَبَارَكَ ٱللهَ. فَوَقَعَ خَوْفٌ عَلَى كُلِّ جِيرَانِهِمْ. وَتُحُدِّثَ بِهَذِهِ ٱلْأُمُورِ جَمِيعِهَا فِي كُلِّ جِبَالِ ٱلْيَهُودِيَّةِ، فَأَوْدَعَهَا جَمِيعُ ٱلسَّامِعِينَ فِي قُلُوبِهِمْ قَائِلِينَ: «أَتَرَى مَاذَا يَكُونُ هَذَا ٱلصَّبِيُّ؟». وَكَانَتْ يَدُ ٱلرَّبِّ مَعَهُ. وَٱمْتَلَأَ زَكَرِيَّا أَبُوهُ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، وَتَنَبَّأَ قَائِلًا: «مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ لِأَنَّهُ ٱفْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ، وَأَقَامَ لَنَا قَرْنَ خَلَاصٍ فِي بَيْتِ دَاوُدَ فَتَاهُ. كَمَا تَكَلَّمَ بِفَمِ أَنْبِيَائِهِ ٱلْقِدِّيسِينَ ٱلَّذِينَ هُمْ مُنْذُ ٱلدَّهْرِ، خَلَاصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا وَمِنْ أَيْدِي جَمِيعِ مُبْغِضِينَا. لِيَصْنَعَ رَحْمَةً مَعَ آبَائِنَا وَيَذْكُرَ عَهْدَهُ ٱلْمُقَدَّسَ، ٱلْقَسَمَ ٱلَّذِي حَلَفَ لِإِبْرَاهِيمَ أَبِينَا: أَنْ يُعْطِيَنَا إِنَّنَا بِلَا خَوْفٍ، مُنْقَذِينَ مِنْ أَيْدِي أَعْدَائِنَا، نَعْبُدُهُ بِقَدَاسَةٍ وَبِرٍّ قُدَّامَهُ جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِنَا. وَأَنْتَ أَيُّهَا ٱلصَّبِيُّ نَبِيَّ ٱلْعَلِيِّ تُدْعَى، لِأَنَّكَ تَتَقَدَّمُ أَمَامَ وَجْهِ ٱلرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ. لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ مَعْرِفَةَ ٱلْخَلَاصِ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُمْ، بِأَحْشَاءِ رَحْمَةِ إِلَهِنَا ٱلَّتِي بِهَا ٱفْتَقَدَنَا ٱلْمُشْرَقُ مِنَ ٱلْعَلَاءِ. لِيُضِيءَ عَلَى ٱلْجَالِسِينَ فِي ٱلظُّلْمَةِ وَظِلَالِ ٱلْمَوْتِ، لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ ٱلسَّلَامِ». أَمَّا ٱلصَّبِيُّ فَكَانَ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِٱلرُّوحِ، وَكَانَ فِي ٱلْبَرَارِي إِلَى يَوْمِ ظُهُورِهِ لِإِسْرَائِيلَ.

إنجيل لوقا 3:1-80 الكتاب الشريف (SAB)

لِذَلِكَ، بِمَا أَنِّي أَنَا نَفْسِي فَحَصْتُ كُلَّ شَيْءٍ بِدِقَّةٍ مِنَ الْبِدَايَةِ، رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا أَنْ أَكْتُبَهَا لَكَ مُرَتَّبَةً، أَيُّهَا الْعَزِيزُ حَبِيبُ اللهِ، لِكَيْ تَعْرِفَ أَنَّ الْأُمُورَ الَّتِي تَعَلَّمْتَهَا هِيَ عَلَى أَسَاسٍ صَحِيحٍ. كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودِسَ مَلِكِ مَنْطِقَةِ يَهُوذَا، حَبْرٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا وَهُوَ مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، وَامْرَأَتُهُ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ وَاسْمُهَا أَلِيشَبَعُ. وَكَانَ كِلَاهُمَا صَالِحًا فِي نَظَرِ اللهِ، وَيَعْمَلُ بِكُلِّ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضِهِ بِكَيْفِيَّةٍ لَا عَيْبَ فِيهَا. لَكِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَدٌ لِأَنَّ أَلِيشَبَعَ كَانَتْ عَاقِرًا. وَكَانَ كِلَاهُمَا كَبِيرَ السِّنِّ. وَذَاتَ مَرَّةٍ كَانَ زَكَرِيَّا يَقُومُ بِفَرَائِضِ الْعِبَادَةِ فِي نَوْبَةِ فِرْقَتِهِ، كَحَبْرٍ فِي مَحْضَرِ اللهِ. فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ حَسَبَ الْعَادَةِ الَّتِي كَانَ يَتْبَعُهَا الْأَحْبَارُ، لِيَدْخُلَ بَيْتَ اللهِ وَيَحْرِقَ الْبَخُورَ. وَكَانَ جُمْهُورُ الشَّعْبِ كُلِّهِ يُصَلِّي فِي الْخَارِجِ وَقْتَ إِحْرَاقِ الْبَخُورِ. فَظَهَرَ لَهُ مَلَاكُ اللهِ وَاقِفًا عَنْ يَمِينِ مَنَصَّةِ الْبَخُورِ، فَاضْطَرَبَ زَكَرِيَّا لَمَّا رَآهُ، وَخَافَ جِدًّا. فَقَالَ لَهُ الْمَلَاكُ: ”لَا تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا! قَدْ سَمِعَ اللهُ دُعَاءَكَ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيشَبَعُ سَتَلِدُ لَكَ ابْنًا وَأَنْتَ تُسَمِّيهِ يَحْيَى. فَيَكُونُ فَرَحًا وَسُرُورًا لَكَ، وَكَثِيرُونَ يَبْتَهِجُونَ بِوِلَادَتِهِ. وَيَكُونُ عَظِيمًا عِنْدَ اللهِ، وَلَنْ يَشْرَبَ خَمْرًا وَلَا مُسْكِرًا. وَيَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُّوسِ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ. وَيُرْجِعُ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الْمَوْلَى إِلَهِهِمْ. وَيَسِيرُ فِي مَحْضَرِ الْمَوْلَى بِقُوَّةِ رُوحِ اللهِ الَّذِي كَانَ فِي إِلْيَاسَ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الْآبَاءِ إِلَى أَبْنَائِهِمْ وَالْعُصَاةَ إِلَى الْحِكْمَةِ وَالصَّلَاحِ، فَيُجَهِّزَ لِرَبِّنَا شَعْبًا مُسْتَعِدًّا.“ فَقَالَ زَكَرِيَّا لِلْمَلَاكِ: ”كَيْفَ أَتَأَكَّدُ مِنْ هَذَا؟ فَأَنَا رَجُلٌ عَجُوزٌ وَامْرَأَتِي كَبِيرَةُ السِّنِّ!“ أَجَابَهُ الْمَلَاكُ: ”أَنَا جِبْرِيلُ الَّذِي أَقِفُ فِي مَحْضَرِ اللهِ، وهوَ أَرْسَلَنِي لِأُكَلِّمَكَ وَأَزُفَّ إِلَيْكَ هَذِهِ الْبُشْرَى. وَالْآنَ سَتَكُونُ صَامِتًا فَلَا تَقْدِرُ أَنْ تَتَكَلَّمَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي يَحْدُثُ فِيهِ هَذَا، لِأَنَّكَ لَمْ تُصَدِّقْ كَلَامِيَ الَّذِي سَيَتِمُّ فِي وَقْتِهِ.“ وَكَانَ الشَّعْبُ يَنْتَظِرُ زَكَرِيَّا وَيَتَعَجَّبُ مِنْ تَأَخُّرِهِ دَاخِلَ بَيْتِ اللهِ. فَلَمَّا خَرَجَ، لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ، فَعَرَفُوا أَنَّهُ رَأَى رُؤْيَا فِي بَيْتِ اللهِ. وَكَانَ يُخَاطِبُهُمْ بِالْإِشَارَةِ، وَبَقِيَ أَخْرَسَ. وَلَمَّا انْتَهَتْ أَيَّامُ خِدْمَتِهِ، رَجَعَ إِلَى دَارِهِ. ثُمَّ حَبِلَتْ أَلِيشَبَعُ امْرَأَتُهُ، وَخَبَّأَتْ ذَلِكَ 5 أَشْهُرٍ، وَكَانَتْ تَقُولُ: ”رَبِّي صَنَعَ بِي هَذَا! إِنَّهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَنْعَمَ عَلَيَّ وَأَزَالَ عَنِّيَ الْعَارَ بَيْنَ النَّاسِ.“ وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ، أَرْسَلَ اللهُ الْمَلَاكَ جِبْرِيلَ إِلَى بَلْدَةٍ اسْمُهَا النَّاصِرَةُ فِي مَنْطِقَةِ الْجَلِيلِ، إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ اسْمُهُ يُوسِفُ، وَهُوَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. فَجَاءَ وَقَالَ لَهَا: ”السَّلَامُ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! الْمَوْلَى مَعَكِ.“ فَاضْطَرَبَتْ مِنْ كَلَامِهِ جِدًّا، وَأَخَذَتْ تُفَكِّرُ فِي مَعْنَى هَذِهِ التَّحِيَّةِ. فَقَالَ لَهَا الْمَلَاكُ: ”لَا تَخَافِي يَا مَرْيَمُ لِأَنَّ اللهَ رَضِيَ عَنْكِ، فَسَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا، وَتُسَمِّينَهُ عِيسَى. سَيَكُونُ عَظِيمًا، وَيُدْعَى ابْنَ الْعَلِيِّ وَيُعْطِيهِ اللهُ عَرْشَ دَاوُدَ أَبِيهِ. وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الْأَبَدِ، وَلَنْ يَكُونَ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ.“ فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلَاكِ: ”كَيْفَ يُمْكِنُ هَذَا وَأَنَا عَذْرَاءُ؟“ أَجَابَهَا الْمَلَاكُ: ”الرُّوحُ الْقُدُّوسُ يَأْتِي عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، لِذَلِكَ فَإِنَّ الْقُدُّوسَ الْمَوْلُودَ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. وَإِنَّ أَلِيشَبَعَ قَرِيبَتَكِ، حَبِلَتْ هِيَ أَيْضًا بِابْنٍ وَهِيَ كَبِيرَةُ السِّنِّ. فَالَّتِي كَانُوا يَدْعُونَهَا عَاقِرًا هِيَ الْآنَ فِي شَهْرِهَا السَّادِسِ. لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِيلُ عَلَى اللهِ شَيْءٌ.“ فَقَالَتْ مَرْيَمُ: ”أَنَا خَادِمَةُ الْمَوْلَى، فَلْيَكُنْ لِي كَمَا قُلْتَ.“ وَمَضَى الْمَلَاكُ مِنْ عِنْدِهَا. وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَامَتْ مَرْيَمُ، وَرَاحَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ، إِلَى بَلْدَةٍ فِي يَهُوذَا. وَدَخَلَتْ دَارَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيشَبَعَ. فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيشَبَعُ سَلَامَ مَرْيَمَ، قَفَزَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلَأَتْ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُّوسِ، فَهَتَفَتْ بِأَعْلَى صَوْتِهَا: ”مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ، وَمُبَارَكٌ ابْنُكِ الَّذِي تَلِدِينَهُ. هَذَا شَرَفٌ كَبِيرٌ لِي أَنْ تَزُورَنِي أُمُّ سَيِّدِي، فَإِنَّهُ لَمَّا بَلَغَ سَلَامُكِ إِلَى أُذُنَيَّ، قَفَزَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِي مِنَ الْفَرَحِ. هَنِيئًا لَكِ يَا مَنْ آمَنْتِ بِأَنَّ كَلَامَ اللهِ لَكِ سَيَتِمُّ.“ فَقَالَتْ مَرْيَمُ: ”مِنْ كُلِّ قَلْبِي أَحْمَدُ رَبِّي، رُوحِي تَفْرَحُ بِاللّٰهِ مُنْقِذِي، لِأَنَّهُ نَظَرَ إِلَيَّ أَنَا خَادِمَتَهُ الْوَضِيعَةَ. فَمِنَ الْآنَ كُلُّ الْأَجْيَالِ تَدْعُونِي مُبَارَكَةً، لِأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ لِي أُمُورًا عَظِيمَةً. اِسْمُهُ قُدُّوسٌ، وَرَحْمَتُهُ هِيَ فِي كُلِّ الْأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. عَمِلَ بِذِرَاعِهِ أَعْمَالًا عَظِيمَةً. الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ بِأَفْكَارِهِمْ وَقُلُوبِهِمْ بَعْثَرَهُمْ، وَالْحُكَّامُ مِنْ عُرُوشِهِمْ خَلَعَهُمْ، وَالْمُتَوَاضِعُونَ رَفَعَهُمْ. الْجِيَاعُ أَشْبَعَهُمْ بِالْخَيْرِ، وَالْأَغْنِيَاءُ صَرَفَهُمْ فَارِغِينَ. سَاعَدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَبِيدَهُ، وَفَاءً بِعَهْدِهِ أَنْ يَرْحَمَ إِبْرَاهِيمَ وَنَسْلَهُ إِلَى الْأَبَدِ، كَمَا قَالَ لِآبَائِنَا.“ وَأَقَامَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا حَوَالَيْ 3 أَشْهُرٍ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى دَارِهَا. أَمَّا أَلِيشَبَعُ فَحَانَ وَقْتُهَا لِتَلِدَ، فَوَلَدَتِ ابْنًا. وَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأَقَارِبُهَا أَنَّ اللهَ غَمَرَهَا بِرَحْمَتِهِ، فَفَرِحُوا مَعَهَا. وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا الطِّفْلَ، وَأَرَادُوا أَنْ يُسَمُّوهُ زَكَرِيَّا عَلَى اسْمِ أَبِيهِ. لَكِنَّ أُمَّهُ قَالَتْ: ”لَا، بَلْ نُسَمِّيهِ يَحْيَى.“ فَقَالُوا لَهَا: ”لَا أَحَدَ فِي أَقَارِبِكِ يُدْعَى بِهَذَا الْاِسْمِ.“ وَأَشَارُوا إِلَى وَالِدِهِ لِيَعْرِفُوا مَاذَا يُرِيدُ أَنْ يُسَمِّيَهُ. فَطَلَبَ لَوْحًا وَكَتَبَ عَلَيْهِ ”اِسْمُهُ يَحْيَى.“ فَتَعَجَّبُوا كُلُّهُمْ. وَفِي الْحَالِ انْفَتَحَ فَمُ زَكَرِيَّا وَانْطَلَقَ لِسَانُهُ، فَتَكَلَّمَ وَسَبَّحَ اللهَ. فَامْتَلَأَ الْجِيرَانُ بِالْخَوْفِ، وَكَانَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي جِبَالِ يَهُوذَا كُلِّهَا. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوا كَانُوا يُفَكِّرُونَ وَيَقُولُونَ: ”يَا تُرَى مَاذَا سَيَكُونُ هَذَا الطِّفْلُ؟“ لِأَنَّ يَدَ اللهِ كَانَتْ مَعَهُ. وَامْتَلَأَ زَكَرِيَّا أَبُوهُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُّوسِ فَتَنَبَّأَ وَقَالَ: ”تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ، لِأَنَّهُ جَاءَ لِمَعُونَتِنَا وَفِدَائِنَا. فَأَقَامَ لَنَا مُنْقِذًا قَدِيرًا فِي بَيْتِ عَبْدِهِ دَاوُدَ، كَمَا قَالَ بِفَمِ أَنْبِيَائِهِ الصَّالِحِينَ مُنْذُ قَدِيمِ الزَّمَانِ. لِيُنْقِذَنَا مِنْ أَعْدَائِنَا، وَمِنْ أَيْدِي كُلِّ مَنْ يَكْرَهُونَا. وَبِذَلِكَ يُظْهِرُ رَحْمَتَهُ نَحْوَ آبَائِنَا، وَيَفِي بِعَهْدِهِ الْمُقَدَّسِ. لِأَنَّهُ أَقْسَمَ يَمِينًا لِإِبْرَاهِيمَ أَبِينَا، أَنْ يُنْقِذَنَا مِنْ أَيْدِي أَعْدَائِنَا، حَتَّى نَعْبُدَهُ بِلَا خَوْفٍ، وَنَحْيَا طُولَ الْعُمْرِ بِتَقْوَى وَصَلَاحٍ فِي مَحْضَرِهِ. وَأَنْتَ يَا وَلَدِي، تُدْعَى نَبِيَّ الْعَلِيِّ، لِأَنَّكَ تَتَقَدَّمُ فِي مَحْضَرِ الْمَوْلَى لِتُعِدَّ طُرُقَهُ، فَتُعَلِّمُ شَعْبَهُ أَنَّ النَّجَاةَ هِيَ بِمَغْفِرَةِ ذُنُوبِهِمْ. إِلَهُنَا رَحْمَانُ رَحِيمٌ، لِذَلِكَ يَزُورُنَا بِإِشْرَاقَةٍ مِنَ الْأَعَالِي. لِكَيْ يُنَوِّرَ عَلَى الَّذِينَ يَعِيشُونَ فِي الظَّلَامِ وَفِي الْعَتْمَةِ الشَّدِيدَةِ، وَيَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ السَّلَامِ.“ وَكَانَ الطِّفْلُ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ، وَكَانَ يَعِيشُ فِي الصَّحْرَاءِ إِلَى أَنْ ظَهَرَ عَلَنًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ.

إنجيل لوقا 3:1-80 الترجمة الكاثوليكيّة (اليسوعيّة) (ت.ك.ع)

رَأَيتُ أَنا أَيضًا، وقَد تقَصَّيتُها جَميعًا مِن أُصولِها، أَن أُكتُبَها لَكَ مُرَتَّبَةً يا تاوفيلُسُ المُكرَّم، لِتَتَيَقَّنَ صِحَّةَ ما تَلَقَّيتَ مِن تَعليم. كانَ في أَيَّامِ هيرودُس مَلِكِ اليَهودِيَّة كاهِنٌ ٱسمُه زَكَرِيَّا مِن فِرقَةِ أَبِيَّا، لَه ٱمرَأَةٌ مِن بَناتِ هارونَ ٱسمُها أَليصابات، وكانَ كِلاهما بارًّا عِندَ الله، تابعًا جَميعَ وَصايا الرَّبِّ وأَحكامِه، ولا لَومَ علَيه. ولَم يَكُنْ لَهما وَلَد لأَنَّ أَليصاباتَ كانَت عاقِرًا، وقَد طَعَنا كِلاهُما في السِّنّ. وبَينَما زَكَرِيَّا يَقومُ بِالخِدمَةِ الكَهنوتِيَّةِ أَمامَ اللهِ في دَورِ فِرقَتِه، أُلقِيَتِ القُرعَةُ جَرْيًا على سُنَّةِ الكَهَنوت، فأَصابَتهُ لِيَدخُلَ مَقدِسَ الرَّبِّ ويُحرِقَ البَخُور. وكانَت جَماعَةُ الشَّعبِ كُلُّها تُصَلِّي في خارِجِه عِندَ إِحراقِ البَخور. فَتَراءَى لَه مَلاكُ الرَّبِّ قائِمًا عن يَمينِ مَذبَحِ البَخُور. فَٱضطَرَبَ زَكَرِيَّا حينَ رآهُ وٱستَولى علَيهِ الخَوف. فقالَ لَه المَلاك: «لا تَخَفْ، يا زَكَرِيَّا، فقَد سُمِعَ دُعاؤُكَ وسَتَلِدُ لكَ ٱمرَأَتُكَ أَلِيصاباتُ ٱبنًا فَسَمِّه يوحَنَّا. وستَلْقى فَرَحًا وٱبتِهاجًا، ويَفرَحُ بِمَولِدِه أُناسٌ كثيرون. لأَنَّه سيَكونُ عَظيمًا أَمامَ الرَّبّ، ولَن يَشرَبَ خَمرًا ولا مُسكِرًا، ويَمتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ القُدُس وهوَ في بَطْنِ أُمِّه، ويَرُدُّ كَثيرًا مِن بَني إِسرائيلَ إِلى الرَّبِّ إِلٰهِهِم ويَسيرُ أَمامَه وفيهِ رُوحُ إِيليَّا وَقُوَّتُه، لِيَعطِفَ بِقُلوبِ الآباءِ على الأَبناء، ويَهْديَ العُصاةَ إِلى حِكمَةِ الأَبرار، فَيُعِدَّ لِلرَّبِّ شَعبًا مُتَأَهِّبًا». فَقالَ زَكَرِيَّا لِلمَلاك: «بِمَ أَعرِفُ هٰذا وأَنا شَيخٌ كَبير، وَٱمرَأَتي طاعِنَةٌ في السِّنّ؟» فأَجابَه المَلاك: «أَنا جِبرائيلُ القائِمُ لدى الله، أُرسِلتُ إِليكَ لأُكَلِّمَكَ وأُبَشِّرَكَ بِهٰذه الأُمور وستَظَلُّ صامِتًا، فلا تَستَطيعُ الكلامَ إِلى يَومَ يَحدُثُ ذٰلك، لأَنَّكَ لَم تُؤمِنْ بِأَقوالي وهي سَتَتِمُّ في أَوانِها». وكانَ الشَّعبُ يَنتَظِرُ زَكَرِيَّا، مُتَعَجِّبًا مِن إِبطائِه في المَقدِس. فلَمَّا خَرَجَ لم يَستَطِعْ أَن يُكَلِّمَهم، فَعَرفوا أَنَّه رأَى رُؤيا في المَقدِس، وكانَ يُخاطِبُهم بِالإِشارَة، وبَقِيَ أَخرَس. فَلَمَّا ٱنقَضَت أَيَّامُ خِدمَتِهِ ٱنصَرَفَ إِلى بَيتِه. وبَعدَ تِلكَ الأَيَّام حَمَلَتِ ٱمرَأَتُه أَليصابات، فَكَتَمَت أَمرَها خَمسَةَ أَشهُر وَكانَت تَقولُ في نَفسِها: «هٰذا ما صَنَعَ الرَّبُّ إِلَيَّ يَومَ نَظَرَ إِلَيَّ لِيُزيلَ عَنِّي العارَ بَينَ النَّاس». وفي الشَّهرِ السَّادِس، أَرسَلَ اللهُ المَلاكَ جِبرائيلَ إِلى مَدينَةٍ في الجَليلِ ٱسْمُها النَّاصِرَة، إِلى عَذْراءَ مَخْطوبَةٍ لِرَجُلٍ مِن بَيتِ داودَ ٱسمُه يوسُف، وَٱسمُ العَذْراءِ مَريَم. فدَخَلَ إِلَيها فَقال: «إِفرَحي، أَيَّتُها المُمتَلِئَةُ نِعْمَةً، الرَّبُّ مَعَكِ». فداخَلَها لِهٰذا الكَلامِ ٱضطرابٌ شديدٌ وسأَلَت نَفسَها ما مَعنى هٰذا السَّلام. فقالَ لَها المَلاك: «لا تَخافي يا مَريَم، فقَد نِلتِ حُظوَةً عِندَ الله. فَستَحمِلينَ وتَلِدينَ ٱبنًا فسَمِّيهِ يَسوع. سيَكونُ عَظيمًا وَٱبنَ العَلِيِّ يُدعى، وَيُوليه الرَّبُّ الإِلٰهُ عَرشَ أَبيه داود، ويَملِكُ على بَيتِ يَعقوبَ أَبَدَ الدَّهر، وَلَن يَكونَ لِمُلكِه نِهاية» فَقالَت مَريَمُ لِلمَلاك: «كَيفَ يَكونُ هٰذا وَلا أَعرِفُ رَجُلاً؟» فأَجابَها المَلاك: «إِنَّ الرُّوحَ القُدُسَ سيَنزِلُ علَيكِ وقُدرَةَ العَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، لِذٰلِكَ يَكونُ المَولودُ قُدُّوسًا وَٱبنَ اللهِ يُدعى. وها إِنَّ نَسيبَتَكِ أَليصابات قد حَبِلَت هي أَيضًا بِٱبنٍ في شَيخوخَتِها، وهٰذا هو الشَّهرُ السَّادِسُ لِتِلكَ الَّتي كانَت تُدعى عاقِرًا. فما مِن شَيءٍ يُعجِزُ الله». فَقالَت مَريَم: «أَنا أَمَةُ الرَّبّ، فَليَكُنْ لي بِحَسَبِ قَوْلِكَ». وَانصَرَفَ المَلاكُ مِن عِندِها. وفي تلكَ الأَيَّام قامَت مَريمُ فمَضَت مُسرِعَةً إِلى الجَبَل إِلى مَدينةٍ في يَهوذا. ودَخَلَت بَيتَ زَكَرِيَّا، فَسَلَّمَت على أَليصابات. فلَمَّا سَمِعَت أَليصاباتُ سَلامَ مَريَم، ارتَكَضَ الجَنينُ في بَطنِها، وَٱمتَلأَت مِنَ الرُّوحِ القُدُس، فَهَتَفَت بِأَعلى صَوتِها: «مُبارَكَةٌ أَنتِ في النِّساء! وَمُبارَكَةٌ ثَمَرَةُ بَطنِكِ! مِن أَينَ لي أَن تَأتِيَني أُمُّ رَبِّي؟ فما إِن وَقَعَ صَوتُ سَلامِكِ في أُذُنَيَّ حتَّى ٱرتَكَضَ الجَنينُ ٱبتِهاجًا في بَطْني. فَطوبى لِمَن آمَنَت: فسَيَتِمُّ ما بَلَغها مِن عِندِ الرَّبّ». فقالَت مَريَم: «تُعَظِّمُ الرَّبَّ نَفْسي، وتَبْتَهِجُ روحي بِاللهِ مُخَلِّصي لأَنَّه نَظَرَ إِلى أَمَتِه الوَضيعة. سَوفَ تُهَنِّئُني بَعدَ اليَومِ جَميعُ الأَجيال، لأَنَّ القَديرَ صَنَعَ إِلَيَّ أُمورًا عَظيمة: قُدُّوسٌ ٱسمُه، ورَحمَتُه مِن جيلٍ إِلى جيلٍ لِلَّذينَ يَتَّقونَه. كَشَفَ عَن شِدَّةِ ساعِدِه، فشَتَّتَ المُتَكَبِّرينَ في قُلوبِهم. حَطَّ الأَقوِياءَ عنِ العُروش، ورَفَعَ الوُضَعاء. أَشبَعَ الجِياعَ مِنَ الخَيرات، والأَغنِياءُ صَرَفَهم فارِغين. نَصَرَ عَبدَه إِسرائيل، ذاكِرًا، كما قالَ لِآبائِنا، رَحمَتَه لإِبراهيمَ ونَسْلِه لِلأَبد». وأَقامَت مَريمُ عِندَ أَليصاباتَ نَحوَ ثَلاثَةِ أَشهُر، ثُمَّ عادَت إِلى بَيتِها. وأَمَّا أَليصابات، فَلَمَّا تَمَّ زمانُ وِلادَتِها وَضَعَتِ ٱبنًا. فسَمِعَ جيرانُها وأَقارِبُها بِأَنَّ الرَّبَّ رَحِمَها رَحمَةً عَظيمة، ففَرِحوا مَعَها. وجاؤُوا في اليَومِ الثَّامِنِ لِيَختِنوا الطِّفْلَ وأَرادوا أَن يُسَمُّوهُ زَكَرِيَّا بِٱسمِ أَبيه. فتَكَلَّمَت أُمُّه وقالت: «لا، بل يُسَمَّى يوحَنَّا». قالوا لها: «لَيسَ في قَرابَتِكِ مَن يُدعى بِهٰذا الاِسم». وسَأَلوا أَباه بِالإِشارَةِ ماذا يُريدُ أَن يُسَمَّى، فطَلَبَ لَوحًا وكَتَب: «إِسمُه يوحَنَّا». فتَعَجَّبوا كُلُّهم. فَٱنفَتَحَ فَمُه لِوَقتِه وَٱنطَلَقَ لِسانُهُ فتَكَلَّمَ وبارَكَ الله. فَٱسْتَولى الخَوفُ على جيرانِهِم أَجمَعين، وتَحَدَّثَ النَّاسُ بِجَميعِ هٰذِهِ الأُمورِ في جِبالِ اليَهودِيَّةِ كُلِّها. وكانَ كُلُّ مَن يَسمَعُ بِذٰلِكَ يَحفَظُه في قَلبِهِ قائلاً: «ما عَسى أَن يَكونَ هٰذا الطِّفْل؟» فَإِنَّ يَدَ الرَّبِّ كانَت مَعَه. وَٱمتَلَأَ أَبوهُ زَكَرِيَّا مِنَ الرُّوحِ القُدُس فتَنَبَّأَ قال: «تَبارَكَ الرَّبُّ إِلٰهُ إِسرائيل، لأَنَّه ٱفتَقَدَ شَعبَهُ وَٱفتَداه، فَأَقامَ لَنا مُخَلِّصًا قَديرًا في بَيتِ عَبدِه داوُد، كما قالَ بِلِسانِ أَنبِيائِه الأَطهارِ في الزَّمَنِ القديم: يُخَلِّصُنا مِن أَعدائِنا وأَيدِي جَميعِ مُبغِضينا. فأَظهَرَ رَحمَتَه لِآبائِنا، وذَكَرَ عَهدَه المُقَدَّس ذاكَ القَسَمَ الَّذي أَقسَمَه لأَبينا إِبراهيم بِأَن يُنعِمَ علَينا أَن نَنجُوَ مِن أَيدي أَعدائِنا، فنَعبُدَه غَيرَ خائِفين بِالتَّقوى والبِرِّ أَمَامَ وَجهِه، طَوالَ أَيَّامِ حَياتِنا. وأَنتَ أَيُّها الطِّفْلُ ستُدعى نَبِيَّ العَلِيّ، لأَنَّكَ تَسيرُ أَمامَ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَه، وتُعَلِّمَ شَعبَهُ الخَلاصَ بِغُفرانِ خَطاياهم. تِلكَ رَحمَةٌ مِن حَنانِ إِلٰهِنا، بِها ٱفتَقَدَنا الشَّارِقُ مِنَ العُلى، فقَد ظَهَرَ لِلمُقِيمينَ في الظُّلمَةِ وَظِلالِ المَوت، لِيُسَدِّدَ خُطانا لِسَبيلِ السَّلام». وكانَ الطِّفْلُ يَترَعرَعُ وتَشتَدُّ رُوحُه. وأَقامَ في البَراري إِلى يَومِ ظُهورِ أَمرِه لإِسرائيل.