العبرانيين 1:12-29
العبرانيين 1:12-29 كتاب الحياة (KEH)
فَبِمَا أَنَّ هَذَا الْعَدَدَ الْكَبِيرَ مِنَ الشَّاهِدِينَ لِلإِيمَانِ، يَتَجَمَّعُ حَوْلَنَا كَأَنَّهُ سَحَابَةٌ عَظِيمَةٌ، فَلْنَطْرَحْ جَانِباً كُلَّ ثِقْلٍ يُعِيقُنَا عَنِ التَّقَدُّمِ، وَنَتَخَلَّصْ مِنْ تِلْكَ الْخَطِيئَةِ الَّتِي نَتَعَرَّضُ لِلسُّقُوطِ فِي فَخِّهَا بِسُهُولَةٍ، لِكَيْ نَتَمَكَّنَ، نَحْنُ أَيْضاً، أَنْ نَرْكُضَ بِاجْتِهَادٍ فِي السِّبَاقِ الْمُمْتَدِّ أَمَامَنَا، مُتَطَلِّعِينَ دَائِماً إِلَى يَسُوعَ: رَائِدِ إِيمَانِنَا وَمُكَمِّلِهِ. فَهُوَ قَدْ تَحَمَّلَ الْمَوْتَ صَلْباً، هَازِئاً بِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ عَارٍ، إِذْ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى السُّرُورِ الَّذِي يَنْتَظِرُهُ، ثُمَّ جَلَسَ عَنْ يَمِينِ عَرْشِ اللهِ. فَتَأَمَّلُوا مَلِيًّا مَا قَاسَاهُ بِتَحَمُّلِهِ تِلْكَ الْمُعَامَلَةَ الْعَنِيفَةَ الَّتِي عَامَلَهُ بِها الْخَاطِئُونَ، لِكَيْ لَا تَتْعَبُوا وَتَنْهَارُوا! لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى بَذْلِ الدَّمِ فِي مُجَاهَدَتِكُمْ ضِدَّ الْخَطِيئَةِ. فَهَلْ نَسِيتُمُ الْوَعْظَ الَّذِي يُخَاطِبُكُمْ بِهِ اللهُ بِوَصْفِكُمْ أَبْنَاءً لَهُ؟ إِذْ يَقُولُ: «يَا ابْنِي، لَا تَسْتَخِفَّ بِتَأْدِيبِ الرَّبِّ. وَلا تَفْقِدِ الْعَزِيمَةَ حِينَ يُوَبِّخُكَ عَلَى الْخَطَأِ. فَإِنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ. وَهُوَ يَجْلِدُ كُلَّ مَنْ يَتَّخِذُهُ لَهُ ابْناً!» إِذَنْ، تَحَمَّلُوا تَأْدِيبَ الرَّبِّ. فَهُوَ يُعَامِلُكُمْ مُعَامَلَةَ الأَبْنَاءِ: وَأَيُّ ابْنٍ لَا يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ فَإِنْ كُنْتُمْ لَا تَتَلَقَّوْنَ التَّأْدِيبَ الَّذِي يَشْتَرِكُ فِيهِ أَبْنَاءُ اللهِ جَمِيعاً، فَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّكُمْ لَسْتُمْ أَبْنَاءَ شَرْعِيِّينَ لَهُ. كَانَ آبَاؤنَا الأَرْضِيُّونَ يُؤَدِّبُونَنَا وَنَحْنُ أَوْلادٌ، وَكُنَّا نَحْتَرِمُهُمْ. أَفَلا يَجْدُرُ بِنَا الآنَ أَنْ نَخْضَعَ خُضُوعاً تَامّاً لِتَأْدِيبِ أَبِي الأَرْوَاحِ، لِنَحْيَا حَيَاةً فُضْلَى؟ وَقَدْ أَدَّبَنَا آبَاؤُنَا فَتْرَةً مِنَ الزَّمَانِ، حَسَبَ مَا رَأَوْهُ مُنَاسِباً. أَمَّا اللهُ، فَيُؤَدِّبُنَا دَائِماً مِنْ أَجْلِ مَنْفَعَتِنَا: لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ. وَطَبْعاً، كُلُّ تَأْدِيبٍ لَا يَبْدُو فِي الْحَالِ بَاعِثاً عَلَى الْفَرَحِ، بَلْ عَلَى الْحُزْنِ. وَلَكِنَّهُ فِيمَا بَعْدُ، يُنْتِجُ بِسَلامٍ فِي الَّذِينَ يَتَلَقَّوْنَهُ ثَمَرَ الْبِرِّ. لِذَلِكَ، شَدِّدُوا أَيْدِيَكُمُ الْمُرْتَخِيَةَ، وَرُكَبَكُمُ الْمُنْحَلَّةَ. وَمَهِّدُوا لأَقْدَامِكُمْ طُرُقاً مُسْتَقِيمَةً، حَتَّى لَا تَنْحَرِفَ أَرْجُلُ الْعُرْجِ، بَلْ تُشْفَى! اجْعَلُوا هَدَفَكُمْ أَنْ تُسَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ، وَتَعِيشُوا حَيَاةً مُقَدَّسَةً. فَبِغَيْرِ قَدَاسَةٍ، لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَرَى الرَّبَّ. انْتَبِهُوا أَلّا يَسْقُطَ أَحَدُكُمْ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ، حَتَّى لَا يَتَأَصَّلَ بَيْنَكُمْ جَذْرُ مَرَارَةٍ، فَيُسَبِّبَ بَلْبَلَةً، وَيُنَجِّسَ كَثِيرِينَ مِنْكُمْ. وَحَذَارِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَكُمْ زَانٍ أَوْ مُسْتَهْتِرٌ مِثْلُ عِيسُو الَّذِي بَاعَ حُقُوقَهُ الَّتِي كَانَتْ لَهُ بِوَصْفِهِ الابْنَ الْبِكْرَ، لِقَاءَ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ. فَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ جَيِّداً أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ اسْتِعَادَةَ الْبَرَكَةِ مِنْ أَبِيهِ، بَعْدَمَا كَانَ قَدِ اسْتَخَفَّ بِها، رُفِضَ لأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَجَالاً لِلتَّوْبَةِ، مَعَ أَنَّهُ طَلَبَ الْبَرَكَةَ وَهُوَ يَذْرِفُ الدُّمُوعَ. إِنَّكُمْ لَمْ تَقْتَرِبُوا إِلَى جَبَلٍ مَلْمُوسٍ، مُشْتَعِلٍ بِالنَّارِ، وَلا إلى ضَبَابٍ وَظَلامٍ وَرِيحٍ عَاصِفَةٍ، حَيْثُ انْطَلَقَ صَوْتُ بُوقٍ هَاتِفاً بِكَلِمَاتٍ وَاضِحَةٍ، وَقَدْ كَانَ مُرْعِباً حَتَّى إِنَّ سَامِعِيهِ الْتَمَسُوا أَنْ يَتَوَقَّفَ عَنِ الْكَلامِ. فَإِنَّهُمْ لَمْ يُطِيقُوا احْتِمَالَ هَذَا الأَمْرِ الصَّادِرِ إِلَيْهِمْ: «حَتَّى الْحَيَوَانُ الَّذِي يَمَسُّ الْجَبَلَ، يَجِبُ أَنْ تَقْتُلُوهُ رَجْماً!» وَالْوَاقِعُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَشْهَدَ كَانَ مُرْعِباً إِلَى دَرَجَةٍ جَعَلَتْ مُوسَى يَقُولُ: «أَنَا خَائِفٌ جِدّاً، بَلْ مُرْتَجِفٌ خَوْفاً!» وَلَكِنَّكُمْ قَدِ اقْتَرَبْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، إِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ، أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ. بَلْ تَقَدَّمْتُمْ إِلَى حَفْلَةٍ يَجْتَمِعُ فِيهَا عَدَدٌ لَا يُحْصَى مِنَ الْمَلائِكَةِ، إِلَى كَنِيسَةٍ تَجْمَعُ أَبْنَاءً لِلهِ أَبْكَاراً، أَسْمَاؤُهُمْ مَكْتُوبَةٌ فِي السَّمَاءِ. بَلْ إِلَى اللهِ نَفْسِهِ، دَيَّانِ الْجَمِيعِ، وَإِلَى أَرْوَاحِ أُنَاسٍ بَرَّرَهُمُ اللهُ وَجَعَلَهُمْ كَامِلِينَ. كَذلِكَ، تَقَدَّمْتُمْ إِلَى يَسُوعَ، وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، وَإِلَى دَمِهِ الْمَرْشُوشِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ مُطَالِباً بِأَفْضَلَ مِمَّا طَالَبَ بِهِ دَمُ هَابِيلَ. إِذَنْ حَذَارِ أَنْ تَرْفُضُوا الَّذِي يَتَكَلَّمُ! فَمَادَامَ أُولئِكَ الَّذِينَ رَفَضُوا الاسْتِمَاعَ لِمَنْ كَلَّمَهُمْ عَلَى هذِهِ الأَرْضِ، لَمْ يُفْلِتُوا (مِنَ الْعِقَابِ) قَطُّ، فَكَمْ بِالأَحْرَى لَا نُفْلِتُ نَحْنُ أَبَداً إِنْ تَحَوَّلْنَا عَنِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ إِلَيْنَا مِنَ السَّمَاءِ عَيْنِهَا! وَإِذْ تَكَلَّمَ اللهُ قَدِيماً، زَلْزَلَ صَوْتُهُ الأَرْضَ، أَمَّا الآنَ، فَيَعِدُ قَائِلاً: «إِنِّي مَرَّةً أُخْرَى، سَوْفَ أُزَلْزِلُ لَا الأَرْضَ وَحْدَهَا، بَلِ السَّمَاءَ أَيْضاً!» وَبِقَوْلِهِ: «مَرَّةً أُخْرَى»، يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ سَوْفَ يُزِيلُ كُلَّ مَا لَيْسَ لَهُ أَسَاسٌ مَتِينٌ بِاعْتِبَارِهِ مَخْلُوقاً، حَتَّى لَا تَبْقَى إِلّا تِلْكَ الأَشْيَاءُ الثَّابِتَةُ الأَسَاسِ. فَبِمَا أَنَّنَا قَدْ حَصَلْنَا عَلَى مَمْلَكَةٍ ثَابِتَةٍ لَا تَتَزَلْزَلُ، لِنَعْبُدِ اللهَ وَنَخْدِمْهُ شَاكِرِينَ، بِصُورَةٍ تُرْضِيهِ، بِكُلِّ احْتِرَامٍ وَمَخَافَةٍ، مُتَذَكِّرِينَ أَنَّ «إِلَهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ!»
العبرانيين 1:12-29 الترجمة العربية المشتركة مع الكتب اليونانية (المشتركة)
أمّا ونَحنُ مُحاطونَ بِسَحابَةٍ كَثيفَةٍ مِنَ الشّهودِ، فعلَينا أنْ نُلقِـيَ عَنّا كُلّ ثِقلٍ وكُلّ خَطيئَةٍ عالِقَةٍ بِنا، فنَجري بِعَزمٍ في ميدانِ الجِهادِ المُمتَدّ أمامَنا، ناظِرينَ إلى رَأسِ إيمانِنا ومُكَمّلِهِ، يَسوعَ الذي تَحَمّلَ الصّليبَ مُستَخِفّا بِالعارِ، مِنْ أجلِ الفَرَحِ الذي يَنتَظِرُهُ، فجَلَسَ عنْ يَمينِ عَرشِ اللهِ. فكّروا في هذا الذي اَحتَمَلَ مِنَ الخاطِئينَ مِثلَ هذِهِ العَداوَةِ لِئَلاّ تَيأَسوا وتَضعُفَ نُفوسُكُم. فما قاوَمتُم أنتُم بَعدُ حتّى بَذْلِ الدّمِ في مُصارَعَةِ الخَطيئَةِ. ولعَلّكُم نَسِيتُمُ الكلامَ الذي يُخاطِبُكُم كبَنينَ: لا تَحَتقِرْ، يا اَبني، تأديبَ الرّبّ ولا تيأَسْ إذا وَبّخَكَ، لأنّ مَن يُحِبّهُ الرّبّ يُؤَدّبُه ويَجلِدُ كُلّ اَبنٍ يَرتَضيهِ». فتَحَمّلوا التّأديبَ، واللهُ إنّما يُعامِلُكُم مُعامَلَةَ البنينَ، وأيّ اَبنٍ لا يُؤدّبُهُ أبوهُ؟ فإذا كانَ لا نَصيبَ لكُم مِنْ هذا التّأديبِ، وهوَ مِنْ نَصيبِ جميعِ البَنينَ، فأنتُم ثَمَرَةُ الزّنى لا بَنونَ. كانَ آباؤُنا في الجَسَدِ يُؤدّبونَنا وكُنّا نَهابُهُم، أفلا نَخضَعُ بالأَحرى لأبـينا في الرّوحِ لِنَنالَ الحياةَ؟ هُم كانوا يُؤَدّبونَنا لِوَقتٍ قَصيرٍ وكما يَستَحسِنونَ، وأمّا اللهُ فيُؤدّبُنا لِخَيرِنا فنُشارِكُهُ في قَداسَتِه. ولكِنْ كُلّ تَأْديبٍ يَبدو في ساعَتهِ باعِثًا على الحُزنِ، لا على الفَرَحِ. إلاّ أنّهُ يَعودُ فيما بَعدُ على الذينَ عانوهُ بِثَمَرِ البِرّ والسّلامِ. فشُدّوا أيديَكُمُ المُستَرخِيَةَ ورُكَبَكُمُ الضّعيفَةَ، واَجعَلوا طُرُقًا مُستَقيمَةً لأقدامِكُم فلا يَنحَرِفَ الأعرَجُ بَلْ يَشفى. سالِموا جميعَ النّاسِ وعيشوا حياةَ القَداسَةِ التي بِغَيرِها لَنْ يَرى أحدٌ الرّبّ. واَحرِصوا أنْ لا يَحرِمَ أحدٌ نَفسَهُ مِنْ نِعمَةِ اللهِ، وأنْ لا يَنبُتَ فيكُم عِرقُ مَرارَةٍ يُسَبّبُ اَنزِعاجًا ويُفسِدُ الكَثيرَ مِنَ النّاسِ، وأنْ لا يكونَ أحَدٌ فيكُم زانِـيًا أو سَفيهًا مِثلَ عيسو الذي باعَ بُكورِيّتَهُ بأَكلةٍ واحدةٍ. وتَعلَمونَ أنّهُ لمّا أرادَ بَعدَ ذلِكَ أنْ يَرِثَ البَركةَ خابَ وما وجَدَ مَجالاً لِلتّوبَةِ، معَ أنّهُ طلَبَها باكِيًا. وما اَقتَرَبتُم أنتُم مِنْ جبَلٍ مَلموسٍ، مِنْ نارٍ مُلتَهِبَةٍ وظَلامٍ وضَبابٍ وزَوبَعَةٍ، وهُتافِ بوقٍ وصوتِ كلامٍ طلَبَ سامِعوهُ أنْ لا يُزادوا مِنهُ كَلِمةً، لأنّهُم ما اَحتَمَلوا هذا الإنذارَ: «حتى البَهيمَةُ لَو لمَسَتِ الجَبَلَ لَرُجِمَت». كانَ المَنظَرُ رَهيبًا حتى إنّ موسى قالَ: «أنا مَرعوبٌ مُرتَعِدٌ». بَلْ أنتُمُ اَقتَرَبتُم مِنْ جَبَلِ صِهيونَ، مِنْ مدينةِ اللهِ الحَيّ، مِنْ أُورُشليمَ السّماوِيّةِ وآلافِ المَلائِكَةِ في حَفلَةِ عيدٍ، مِنْ مَحفِلِ الأبكارِ المكتوبَةِ أسماؤُهُم في السّماواتِ، مِنَ اللهِ دَيّانِ البَشَرِ جميعًا، مِنْ أرواحِ الأبرارِ الذينَ بَلَغوا الكَمالَ، مِنْ يَسوعَ وَسيطِ العَهدِ الجَديدِ، مِنْ دَمٍ مَرشوشٍ أفصَحَ مِنْ دَمِ هابـيلَ. فاَحرِصوا أنْ لا تَرفُضوا الذي يتكَلّمُ. فإذا كانَ الذينَ رَفَضوا المُتكَلّمَ بِكلامِ الوَحيِ في الأرضِ ما نَجَوا مِنَ العِقابِ، فكيفَ نَنجو نَحنُ إذا رَفَضْنا المُتكَلّمَ مِنَ السّماءِ؟ وهوَ الذي زَعزَعَ صَوتُهُ الأرضَ في ذلِكَ الحينِ، ولكِنّهُ الآنَ وعَدَنا فَقالَ: «سأُزَلزِلُ السّماءَ، لا الأرضَ وحدَها، مرّةً أُخرى». فَقولُهُ «مرّةً أُخرى» دَليلٌ على أنّ الأشياءَ المَخلوقَةَ تَتزَعزَعُ وتَتحَوّلُ لِتَبقى الأشياءُ التي لا تتَزعزَعُ. فلنكُن شاكِرينَ لأنّنا حَصَلنا على مَلكوتٍ لا يتَزَعزَعُ، وبالشكرِ نَعبُدُ اللهَ عِبادَةَ خُشوعٍ وتَقوى يَرضى عَنها، لأنّ إلهَنا نارٌ آكِلَةٌ.
العبرانيين 1:12-29 الترجمة العربية المشتركة (المشتركة)
أمّا ونَحنُ مُحاطونَ بِسَحابَةٍ كَثيفَةٍ مِنَ الشّهودِ، فعلَينا أنْ نُلقِـيَ عَنّا كُلّ ثِقلٍ وكُلّ خَطيئَةٍ عالِقَةٍ بِنا، فنَجري بِعَزمٍ في ميدانِ الجِهادِ المُمتَدّ أمامَنا، ناظِرينَ إلى رَأسِ إيمانِنا ومُكَمّلِهِ، يَسوعَ الذي تَحَمّلَ الصّليبَ مُستَخِفّا بِالعارِ، مِنْ أجلِ الفَرَحِ الذي يَنتَظِرُهُ، فجَلَسَ عنْ يَمينِ عَرشِ اللهِ. فكّروا في هذا الذي اَحتَمَلَ مِنَ الخاطِئينَ مِثلَ هذِهِ العَداوَةِ لِئَلاّ تَيأَسوا وتَضعُفَ نُفوسُكُم. فما قاوَمتُم أنتُم بَعدُ حتّى بَذْلِ الدّمِ في مُصارَعَةِ الخَطيئَةِ. ولعَلّكُم نَسِيتُمُ الكلامَ الذي يُخاطِبُكُم كبَنينَ: لا تَحَتقِرْ، يا اَبني، تأديبَ الرّبّ ولا تيأَسْ إذا وَبّخَكَ، لأنّ مَن يُحِبّهُ الرّبّ يُؤَدّبُه ويَجلِدُ كُلّ اَبنٍ يَرتَضيهِ». فتَحَمّلوا التّأديبَ، واللهُ إنّما يُعامِلُكُم مُعامَلَةَ البنينَ، وأيّ اَبنٍ لا يُؤدّبُهُ أبوهُ؟ فإذا كانَ لا نَصيبَ لكُم مِنْ هذا التّأديبِ، وهوَ مِنْ نَصيبِ جميعِ البَنينَ، فأنتُم ثَمَرَةُ الزّنى لا بَنونَ. كانَ آباؤُنا في الجَسَدِ يُؤدّبونَنا وكُنّا نَهابُهُم، أفلا نَخضَعُ بالأَحرى لأبـينا في الرّوحِ لِنَنالَ الحياةَ؟ هُم كانوا يُؤَدّبونَنا لِوَقتٍ قَصيرٍ وكما يَستَحسِنونَ، وأمّا اللهُ فيُؤدّبُنا لِخَيرِنا فنُشارِكُهُ في قَداسَتِه. ولكِنْ كُلّ تَأْديبٍ يَبدو في ساعَتهِ باعِثًا على الحُزنِ، لا على الفَرَحِ. إلاّ أنّهُ يَعودُ فيما بَعدُ على الذينَ عانوهُ بِثَمَرِ البِرّ والسّلامِ. فشُدّوا أيديَكُمُ المُستَرخِيَةَ ورُكَبَكُمُ الضّعيفَةَ، واَجعَلوا طُرُقًا مُستَقيمَةً لأقدامِكُم فلا يَنحَرِفَ الأعرَجُ بَلْ يَشفى. سالِموا جميعَ النّاسِ وعيشوا حياةَ القَداسَةِ التي بِغَيرِها لَنْ يَرى أحدٌ الرّبّ. واَحرِصوا أنْ لا يَحرِمَ أحدٌ نَفسَهُ مِنْ نِعمَةِ اللهِ، وأنْ لا يَنبُتَ فيكُم عِرقُ مَرارَةٍ يُسَبّبُ اَنزِعاجًا ويُفسِدُ الكَثيرَ مِنَ النّاسِ، وأنْ لا يكونَ أحَدٌ فيكُم زانِـيًا أو سَفيهًا مِثلَ عيسو الذي باعَ بُكورِيّتَهُ بأَكلةٍ واحدةٍ. وتَعلَمونَ أنّهُ لمّا أرادَ بَعدَ ذلِكَ أنْ يَرِثَ البَركةَ خابَ وما وجَدَ مَجالاً لِلتّوبَةِ، معَ أنّهُ طلَبَها باكِيًا. وما اَقتَرَبتُم أنتُم مِنْ جبَلٍ مَلموسٍ، مِنْ نارٍ مُلتَهِبَةٍ وظَلامٍ وضَبابٍ وزَوبَعَةٍ، وهُتافِ بوقٍ وصوتِ كلامٍ طلَبَ سامِعوهُ أنْ لا يُزادوا مِنهُ كَلِمةً، لأنّهُم ما اَحتَمَلوا هذا الإنذارَ: «حتى البَهيمَةُ لَو لمَسَتِ الجَبَلَ لَرُجِمَت». كانَ المَنظَرُ رَهيبًا حتى إنّ موسى قالَ: «أنا مَرعوبٌ مُرتَعِدٌ». بَلْ أنتُمُ اَقتَرَبتُم مِنْ جَبَلِ صِهيونَ، مِنْ مدينةِ اللهِ الحَيّ، مِنْ أُورُشليمَ السّماوِيّةِ وآلافِ المَلائِكَةِ في حَفلَةِ عيدٍ، مِنْ مَحفِلِ الأبكارِ المكتوبَةِ أسماؤُهُم في السّماواتِ، مِنَ اللهِ دَيّانِ البَشَرِ جميعًا، مِنْ أرواحِ الأبرارِ الذينَ بَلَغوا الكَمالَ، مِنْ يَسوعَ وَسيطِ العَهدِ الجَديدِ، مِنْ دَمٍ مَرشوشٍ أفصَحَ مِنْ دَمِ هابـيلَ. فاَحرِصوا أنْ لا تَرفُضوا الذي يتكَلّمُ. فإذا كانَ الذينَ رَفَضوا المُتكَلّمَ بِكلامِ الوَحيِ في الأرضِ ما نَجَوا مِنَ العِقابِ، فكيفَ نَنجو نَحنُ إذا رَفَضْنا المُتكَلّمَ مِنَ السّماءِ؟ وهوَ الذي زَعزَعَ صَوتُهُ الأرضَ في ذلِكَ الحينِ، ولكِنّهُ الآنَ وعَدَنا فَقالَ: «سأُزَلزِلُ السّماءَ، لا الأرضَ وحدَها، مرّةً أُخرى». فَقولُهُ «مرّةً أُخرى» دَليلٌ على أنّ الأشياءَ المَخلوقَةَ تَتزَعزَعُ وتَتحَوّلُ لِتَبقى الأشياءُ التي لا تتَزعزَعُ. فلنكُن شاكِرينَ لأنّنا حَصَلنا على مَلكوتٍ لا يتَزَعزَعُ، وبالشكرِ نَعبُدُ اللهَ عِبادَةَ خُشوعٍ وتَقوى يَرضى عَنها، لأنّ إلهَنا نارٌ آكِلَةٌ.
العبرانيين 1:12-29 الكِتاب المُقَدَّس: التَّرْجَمَةُ العَرَبِيَّةُ المُبَسَّطَةُ (ت ع م)
فَهَا أنْتُمْ تَرَوْنَ أنَّ هُنَاكَ شُهُودًا كَثِيرِينَ لِلإيمَانِ يُحِيطُونَ بِنَا كَسَحَابَةٍ. لِهَذَا فَلْنَتَخَلَّصْ مِنْ كُلِّ حِملٍ مِنَ الخَطِيَّةِ الَّتِي يُمْكِنُ أنْ تُعِيقَنَا بِسُهُولَةٍ. وَلْنَجرِ بِصَبرٍ فِي السِّبَاقِ المَرسُومِ لَنَا. وَلْنُثَبِّتْ عُيُونَنَا عَلَى يَسُوعَ، قَائِدِ إيمَانِنَا وَمُكَمِّلِهِ. فَمِنْ أجْلِ الفَرَحِ الَّذِي كَانَ فِي انتِظَارِهِ، احتَمَلَ الصَّلِيبَ، مُسْتَهِينًا بِالعَارِ. وَقَدْ أخَذَ الآنَ مَكَانَهُ عَنْ يَمِينِ عَرْشِ الله. تَأمَّلُوا هَذَا الَّذِي احتَمَلَ مِثْلَ هَذِهِ العَدَاوَةِ الشَّدِيدَةِ مِنْ أُنَاسٍ خُطَاةٍ، حَتَّى لَا تَفْشَلُوا وَلَا تَسْتَسْلِمُوا. حَتَّى الآنَ، لَمْ تُجَاهِدُوا فِي حَربِكُمْ ضِدَّ الخَطِيَّةِ حَتَّى المَوْتِ. وَرُبَّمَا نَسِيتُمْ رِسَالَةَ التَّشجِيعِ الَّتِي يُوَجِّهُهَا اللهُ لَكُمْ كَأوْلَادٍ لَهُ عِنْدَمَا يَقُولُ: «لَا تَسْتَخِفَّ بِتَأْدِيبِ الرَّبِّ، وَلَا تَفْشَلْ حِينَ يُوَبِّخُكَ. فَالرَّبُّ يُؤَدِّبُ الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ، وَهُوَ يَجْلِدُ كُلَّ مَنْ يَقْبَلُهُ ابْنًا لَهُ.» فَاحْتَمِلُوا المَشَقَّةَ كَتَأْدِيبٍ، لِأنَّهَا تُبَيِّنُ أنَّ اللهَ يُعَامِلُكُمْ كَأبْنَاءٍ. فَأيُّ ابنٍ لَا يُؤَدِّبُهُ أبُوهُ؟ فَإذَا لَمْ تُؤَدَّبُوا، كَمَا يُؤَدَّبُ كُلُّ الأبْنَاءِ، تَكُونُونَ كَالأبْنَاءِ غَيْرِ الشَّرعِيِّينَ، لَا أبْنَاءً حَقِيقِيِّينَ. وَفَضلًا عَنْ هَذَا، فَقَدْ كَانَ لَنَا جَمِيعًا آبَاءٌ بَشَرِيُّونَ يُؤَدِّبُونَنَا، وَكُنَّا نَحتَرِمُهُمْ. فَكَمْ يَجْدُرُ بِنَا أنْ نَخضَعَ لِتَأْدِيبِ اللهِ، أبِي أروَاحِنَا، فَنَحيَا؟ أدَّبَنَا هَؤُلَاءِ لِفَترَةٍ قَلِيلَةٍ حَسَبَ مَا رَأوْا مُنَاسِبًا، أمَّا اللهُ فَيُؤَدِّبُنَا لِخَيرِنَا، لِكَي نَشتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ. وَمَا مِنِ ابنٍ يَرَى التَّأدِيبَ مُفرِحًا فِي وَقْتِهِ، بَلْ يَرَاهُ مُحزِنًا. لَكِنَّ الَّذِينَ تَدَرَّبُوا بِالتَّأدِيبِ يَرَوْنَ فِيمَا بَعْدُ أنَّ التَّأدِيبَ قَدْ أنتَجَ فِي حَيَاتِهِمُ السَّلَامَ النَّابِعَ مِنْ حَيَاةِ البِرِّ. فَارفَعُوا أيَادِيَكُمُ الرَّخوَةَ، وَشَدِّدُوا الرُّكَبَ الضَّعِيفَةَ! مَهِّدُوا الطَّرِيقَ أمَامَ أقْدَامِكُمْ، لِئَلَّا تَتَخَلَّعَ القَدَمُ العَرجَاءُ، بَلْ تُشفَى! اسْعَوْا إلَى السَّلَامِ مَعَ جَمِيعِ النَّاسِ، وَعِيشُوا حَيَاةً مُقَدَّسَةً. فَبِغَيرِ القَدَاسَةِ لَا يُمْكِنُ أنْ يَرَى أحَدٌ الرَّبَّ. احْرِصُوا عَلَى أنْ لَا يُفَوِّتَ أحَدُكُمْ نِعْمَةَ اللهِ، لِئَلَّا يَنْبُتَ فِي قُلُوبِكُمْ جَذرُ مَرَارَةٍ وَيُسَمِّمَ كَثِيرِينَ! وَاحْرِصُوا عَلَى أنْ لَا يَكُونَ أحَدُكُمْ غَيْرَ أمِينٍ أوْ آثِمًا كَمَا كَانَ عِيسُو الَّذِي بَاعَ حُقُوقَهُ كَبِكرٍ مُقَابِلَ بَعْضِ الطَّعَامِ! وَأنْتُمْ تَعْرِفُونَ أنَّهُ لَمَّا أرَادَ أنْ يَرِثَ البَرَكَةَ فِيمَا بَعْدُ لَمْ يُستَمَعْ لَهُ. إذْ لَمْ يَجِدْ طَرِيقَةً يُغَيِّرُ فِيهَا مَا حَدَثَ، مَعَ أنَّهُ طَلَبَ البَرَكَةَ مِنْ أبِيهِ بِدُمُوعٍ. وَأنْتُمْ لَمْ تَأْتُوا إلَى جَبَلٍ يُلمَسُ وَيَشْتَعِلُ بِالنَّارِ. لَمْ تَأْتُوا إلَى مَكَانِ ظُلمَةٍ وَعَتْمَةٍ وَزَوَابِعَ. لَمْ تَأْتُوا إلَى نَفْخِ بُوقٍ أوْ إلَى صَوْتٍ نَاطِقٍ، جَعَلَ الَّذِينَ سَمِعُوهُ يَلْتَمِسُونَ أنْ يَتَوَقَّفَ الكَلَامُ المُوَجَّهُ إلَيْهِمْ. إذْ لَمْ يَحْتَمِلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ: «حَتَّى لَوْ لَمَسَ الجَبَلَ حَيَوَانٌ، يَنْبَغِي رَجمُهُ.» وَكَانَ المَنظَرُ مُخِيفًا جِدًّا حَتَّى إنَّ مُوسَى قَالَ: «أنَا أرتَجِفُ خَوْفًا.» لَكِنَّكُمْ جِئتُمْ إلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، إلَى مَدِينَةِ اللهِ الحَيِّ، القُدْسِ السَّمَاوِيَّةِ. جِئتُمْ إلَى عَشَرَاتِ الآلَافِ مِنَ المَلَائِكَةِ المُجتَمِعِينَ فِي احتِفَالٍ بَهِيجٍ. جِئتُمْ إلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الأبكَارِ الَّذِينَ أسمَاؤُهُمْ مَكْتُوبَةٌ فِي السَّمَاءِ. جِئتُمْ إلَى اللهِ، قَاضِي كُلِّ البَشَرِ. جِئتُمْ إلَى أرْوَاحِ أبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ. جِئتُمْ إلَى يَسُوعَ، وَسِيطِ عَهْدٍ جَدِيدٍ، وَإلَى دَمٍ مَرشُوشٍ يُكَلِّمُنَا بِأُمُورٍ أفْضَلَ مِنْ مَا كَلَّمَنَا بِهِ دَمُ هَابِيلَ. فَاحْرِصُوا عَلَى أنْ لَا تَرْفُضُوا سَمَاعَ مَنْ يُكَلِّمُكُمْ. رَفَضَ هَؤُلَاءِ أنْ يَسْتَمِعُوا إلَى مَنْ حَذَّرَهُمْ عَلَى الأرْضِ، فَلَمْ يَنْجُوا مِنَ العِقَابِ. فَكَيْفَ يَسَعُنَا أنْ نَنجُوَ إذَا ابتَعَدنَا عَنِ الَّذِي يُحَذِّرُنَا مِنَ السَّمَاءِ؟ هَزَّ الأرْضَ صَوْتُهُ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ، أمَّا الآنَ فَقَدْ قَطَعَ هَذَا الوَعْدَ فَقَالَ: «مَرَّةً أُخْرَى، سَأُزَلزِلُ لَا الأرْضَ وَحدَهَا، بَلِ السَّمَاءَ أيْضًا.» فَقَولُهُ: «مَرَّةً أُخْرَى،» يَدُلُّ عَلَى أنَّ الأشْيَاءَ غَيْرَ الثَّاَبِتَةِ سَتُزَالُ. إذْ هِيَ أشيَاءُ مَخْلُوقَةٌ. وَهَذَا يَعْنِي أنَّ الأشْيَاءَ الَّتِي لَا يُمْكِنُ أنْ تُزَلزَلَ سَتَبْقَى. وَالمَلَكُوتُ الَّذِي نَنَالُهُ هُوَ مَلَكُوتٌ غَيْرُ قَابِلٍ لِلزَّلزَلَةِ. لِهَذَا فَلْنُظهِرِ امتِنَانَنَا لَهُ، ولنَعبُدِ اللهَ عِبَادَةً مَقبُولَةً بِتَوْقِيرٍ وَمَهَابَةٍ. فَإلَهُنَا نَارٌ مُلتَهِمَةٌ!
العبرانيين 1:12-29 الكتاب المقدس (AVD)
لِذَلِكَ نَحْنُ أَيْضًا إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ ٱلشُّهُودِ مِقْدَارُ هَذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا، لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْلٍ، وَٱلْخَطِيَّةَ ٱلْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِٱلصَّبْرِ فِي ٱلْجِهَادِ ٱلْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ ٱلْإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، ٱلَّذِي مِنْ أَجْلِ ٱلسُّرُورِ ٱلْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، ٱحْتَمَلَ ٱلصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِٱلْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ ٱللهِ. فَتَفَكَّرُوا فِي ٱلَّذِي ٱحْتَمَلَ مِنَ ٱلْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ مِثْلَ هَذِهِ لِئَلَّا تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ. لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى ٱلدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ ٱلْخَطِيَّةِ، وَقَدْ نَسِيتُمُ ٱلْوَعْظَ ٱلَّذِي يُخَاطِبُكُمْ كَبَنِينَ: «يَا ٱبْنِي، لَا تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ ٱلرَّبِّ، وَلَا تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ. لِأَنَّ ٱلَّذِي يُحِبُّهُ ٱلرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ٱبْنٍ يَقْبَلُهُ». إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ ٱلتَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ ٱللهُ كَٱلْبَنِينَ. فَأَيُّ ٱبْنٍ لَا يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِلَا تَأْدِيبٍ، قَدْ صَارَ ٱلْجَمِيعُ شُرَكَاءَ فِيهِ، فَأَنْتُمْ نُغُولٌ لَا بَنُونَ. ثُمَّ قَدْ كَانَ لَنَا آبَاءُ أَجْسَادِنَا مُؤَدِّبِينَ، وَكُنَّا نَهَابُهُمْ. أَفَلَا نَخْضَعُ بِٱلْأَوْلَى جِدًّا لِأَبِي ٱلْأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا؟ لِأَنَّ أُولَئِكَ أَدَّبُونَا أَيَّامًا قَلِيلَةً حَسَبَ ٱسْتِحْسَانِهِمْ، وَأَمَّا هَذَا فَلِأَجْلِ ٱلْمَنْفَعَةِ، لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ. وَلَكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي ٱلْحَاضِرِ لَا يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيرًا فَيُعْطِي ٱلَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلَامِ. لِذَلِكَ قَوِّمُوا ٱلْأَيَادِيَ ٱلْمُسْتَرْخِيَةَ وَٱلرُّكَبَ ٱلْمُخَلَّعَةَ، وَٱصْنَعُوا لِأَرْجُلِكُمْ مَسَالِكَ مُسْتَقِيمَةً، لِكَيْ لَا يَعْتَسِفَ ٱلْأَعْرَجُ، بَلْ بِٱلْحَرِيِّ يُشْفَى. اِتْبَعُوا ٱلسَّلَامَ مَعَ ٱلْجَمِيعِ، وَٱلْقَدَاسَةَ ٱلَّتِي بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ ٱلرَّبَّ، مُلَاحِظِينَ لِئَلَّا يَخِيبَ أَحَدٌ مِنْ نِعْمَةِ ٱللهِ. لِئَلَّا يَطْلُعَ أَصْلُ مَرَارَةٍ وَيَصْنَعَ ٱنْزِعَاجًا، فَيَتَنَجَّسَ بِهِ كَثِيرُونَ. لِئَلَّا يَكُونَ أَحَدٌ زَانِيًا أَوْ مُسْتَبِيحًا كَعِيسُو، ٱلَّذِي لِأَجْلِ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ بَاعَ بَكُورِيَّتَهُ. فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ، لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرِثَ ٱلْبَرَكَةَ رُفِضَ، إِذْ لَمْ يَجِدْ لِلتَّوْبَةِ مَكَانًا، مَعَ أَنَّهُ طَلَبَهَا بِدُمُوعٍ. لِأَنَّكُمْ لَمْ تَأْتُوا إِلَى جَبَلٍ مَلْمُوسٍ مُضْطَرِمٍ بِٱلنَّارِ، وَإِلَى ضَبَابٍ وَظَلَامٍ وَزَوْبَعَةٍ، وَهُتَافِ بُوقٍ وَصَوْتِ كَلِمَاتٍ، ٱسْتَعْفَى ٱلَّذِينَ سَمِعُوهُ مِنْ أَنْ تُزَادَ لَهُمْ كَلِمَةٌ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْتَمِلُوا مَا أُمِرَ بِهِ: «وَإِنْ مَسَّتِ ٱلْجَبَلَ بَهِيمَةٌ، تُرْجَمُ أَوْ تُرْمَى بِسَهْمٍ». وَكَانَ ٱلْمَنْظَرُ هَكَذَا مُخِيفًا حَتَّى قَالَ مُوسَى: «أَنَا مُرْتَعِبٌ وَمُرْتَعِدٌ». بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ ٱللهِ ٱلْحَيِّ، أُورُشَلِيمَ ٱلسَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلَائِكَةٍ، وَكَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ، وَإِلَى ٱللهِ دَيَّانِ ٱلْجَمِيعِ، وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ، وَإِلَى وَسِيطِ ٱلْعَهْدِ ٱلْجَدِيدِ، يَسُوعَ، وَإِلَى دَمِ رَشٍّ يَتَكَلَّمُ أَفْضَلَ مِنْ هَابِيلَ. اُنْظُرُوا أَنْ لَا تَسْتَعْفُوا مِنَ ٱلْمُتَكَلِّمِ. لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ أُولَئِكَ لَمْ يَنْجُوا إِذِ ٱسْتَعْفَوْا مِنَ ٱلْمُتَكَلِّمِ عَلَى ٱلْأَرْضِ، فَبِٱلْأَوْلَى جِدًّا لَا نَنْجُو نَحْنُ ٱلْمُرْتَدِّينَ عَنِ ٱلَّذِي مِنَ ٱلسَّمَاءِ! ٱلَّذِي صَوْتُهُ زَعْزَعَ ٱلْأَرْضَ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا ٱلْآنَ فَقَدْ وَعَدَ قَائِلًا: «إِنِّي مَرَّةً أَيْضًا أُزَلْزِلُ لَا ٱلْأَرْضَ فَقَطْ بَلِ ٱلسَّمَاءَ أَيْضًا». فَقَوْلُهُ: «مَرَّةً أَيْضًا»، يَدُلُّ عَلَى تَغْيِيرِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْمُتَزَعْزِعَةِ كَمَصْنُوعَةٍ، لِكَيْ تَبْقَى ٱلَّتِي لَا تَتَزَعْزَعُ. لِذَلِكَ وَنَحْنُ قَابِلُونَ مَلَكُوتًا لَا يَتَزَعْزَعُ لِيَكُنْ عِنْدَنَا شُكْرٌ بِهِ نَخْدِمُ ٱللهَ خِدْمَةً مَرْضِيَّةً، بِخُشُوعٍ وَتَقْوَى. لِأَنَّ «إِلَهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ».
العبرانيين 1:12-29 الكتاب الشريف (SAB)
أَمَّا نَحْنُ، بِمَا أَنَّ كُلَّ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ يُحِيطُونَ بِنَا كَأَنَّهُمْ سَحَابَةٌ عَظِيمَةٌ، فَيَجِبُ أَنْ نَتَخَلَّصَ مِنْ كُلِّ مُعَطِّلٍ وَمِنْ كُلِّ خَطِيئَةٍ عَالِقَةٍ بِنَا، وَأَنْ نَجْرِيَ بِعَزْمٍ فِي السِّبَاقِ الَّذِي أَمَامَنَا. يَجِبُ أَنْ نُرَكِّزَ أَنْظَارَنَا عَلَى عِيسَى مَصْدَرِ وَهَدَفِ إِيمَانِنَا. فَإِنَّهُ مِنْ أَجْلِ الْفَرَحِ الَّذِي يَنْتَظِرُهُ، اِحْتَمَلَ الصَّلِيبَ وَلَمْ يَهُمَّهُ عَارُهُ، فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ عَرْشِ اللهِ. تَأَمَّلُوا فِيهِ، هُوَ الَّذِي احْتَمَلَ هَذِهِ الْعَدَاوَةَ مِنَ الْبَشَرِ الْأَشْرَارِ، لِكَيْ لَا تَفْشَلُوا وَلَا تَيْأَسُوا. أَنْتُمْ تُجَاهِدُونَ ضِدَّ الْخَطِيئَةِ، لَكِنْ حَتَّى الْآنَ لَمْ تُقَاوِمُوا لِدَرَجَةِ أَنْ تَبْذِلُوا الدَّمَ. هَلْ نَسِيتُمُ الْكَلِمَاتِ الْمُشَجِّعَةَ الَّتِي يُخَاطِبُكُمُ اللهُ بِهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّكُمْ أَبْنَاؤُهُ؟ إِنَّهُ يَقُولُ: ”يَا ابْنِي، لَا تَسْتَخِفَّ بِتَأْدِيبِ اللهِ، وَلَا تَيْأَسْ إِذَا وَبَّخَكَ، لِأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ اللهُ يُؤَدِّبُهُ، وَيُعَاقِبُ كُلَّ ابْنٍ لَهُ.“ اِحْتَمِلُوا التَّأْدِيبَ، إِنَّ اللهَ يُعَامِلُكُمْ كَبَنِينَ. وَهَلْ هُنَاكَ ابْنٌ لَا يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ فَإِنْ كَانَ اللهُ لَا يُؤَدِّبُكُمْ، كَمَا يُؤَدِّبُ بَاقِيَ أَبْنَائِهِ، فَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّكُمْ لَسْتُمْ أَبْنَاءً، بَلْ أَوْلَادٌ غَيْرُ شَرْعِيِّينَ. كَانَ لَنَا آبَاءٌ بَشَرِيُّونَ يُؤَدِّبُونَا وَكُنَّا نَحْتَرِمُهُمْ. إِذَنْ يَجِبُ أَنْ نَخْضَعَ أَكْثَرَ إِلَى الْأَبِ الرُّوحِيِّ، لِكَيْ نَحْيَا. وَهَؤُلَاءِ الْآبَاءُ الْبَشَرِيُّونَ أَدَّبُونَا أَيَّامًا قَلِيلَةً وَذَلِكَ حَسَبَ اسْتِحْسَانِهِمْ، أَمَّا اللهُ فَيُؤَدِّبُنَا لِخَيْرِنَا، لِنَكُونَ كَامِلِينَ مِثْلَهُ. وَمِنَ الطَّبِيعِيِّ أَنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ يَبْدُو فِي وَقْتِهِ أَنَّهُ مُؤْلِمٌ وَغَيْرُ سَارٍّ، لَكِنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْتِجُ سَلَامًا وَصَلَاحًا فِي الَّذِينَ تَعَلَّمُوا مِنْهُ. إِذَنْ شَدِّدُوا أَيْدِيَكُمُ التَّعْبَانَةَ وَرُكَبَكُمُ الضَّعِيفَةَ. سِيرُوا فِي الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، لِكَيْ لَا يَسْقُطَ التَّعْبَانُ بَلْ يَتَقَوَّى. حَاوِلُوا أَنْ تَكُونُوا فِي سَلَامٍ مَعَ جَمِيعِ النَّاسِ، وَأَنْ تَعِيشُوا حَيَاةً مُقَدَّسَةً، لِأَنَّهُ بِغَيْرِ الْحَيَاةِ الْمُقَدَّسَةِ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَرَى مَوْلَانَا الْمَسِيحَ. اِحْذَرُوا لِئَلَّا يَخْسَرَ أَحَدُكُمْ نِعْمَةَ اللهِ، وَلِئَلَّا تَنْمُوَ بَيْنَكُمُ الْمَرَارَةُ فَتُزْعِجَكُمْ وَتُفْسِدَ كَثِيرِينَ مِنْكُمْ. لَا يَكُنْ زَانٍ بَيْنَكُمْ، وَلَا مُسْتَهْتِرٌ مِثْلُ الْعِيصَ الَّذِي بَاعَ حَقَّهُ بِوَصْفِهِ الْاِبْنَ الْبِكْرَ فِي مُقَابِلِ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ. أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَصِيبٌ فِي هَذِهِ الْبَرَكَةِ رُفِضَ، مَعَ أَنَّهُ طَلَبَهَا بِدُمُوعٍ، لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ طَرِيقَةٌ يُصْلِحُ بِهَا مَا عَمِلَهُ. أَنْتُمْ لَمْ تَأْتُوا إِلَى جَبَلٍ يُلْمَسُ، حَيْثُ نَارٌ مُشْتَعِلَةٌ وَظَلَامٌ وَعَتْمَةٌ وَزَوْبَعَةٌ، وَهُتَافُ بُوقٍ، وَصَوْتٌ يَتَكَلَّمُ، حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ طَلَبُوا أَنْ يَتَوَقَّفَ عَنِ الْكَلَامِ. لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْتَمِلُوا الْأَمْرَ الَّذِي قَالَ لَهُمْ: ”حَتَّى وَلَوْ مَسَّ الْجَبَلَ حَيَوَانٌ، يَجِبُ أَنْ يُقْتَلَ رَجْمًا بِالْحِجَارَةِ.“ وَكَانَ الْمَنْظَرُ رَهِيبًا جِدًّا لِدَرَجَةِ أَنَّ مُوسَى قَالَ إِنَّهُ ارْتَعَشَ مِنَ الْخَوْفِ. بَلْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ تِصْيُونَ، إِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ، الْقُدْسِ السَّمَائِيَّةِ، وَإِلَى أُلُوفٍ وَأُلُوفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي احْتِفَالٍ بَهِيجٍ، وَإِلَى جَمَاعَةِ الْأَبْنَاءِ الْأَبْكَارِ الَّذِينَ أَسْمَاؤُهُمْ مُسَجَّلَةٌ فِي السَّمَاءِ. أَتَيْتُمْ إِلَى اللهِ دَيَّانِ الْكُلِّ، وَإِلَى أَرْوَاحِ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ بَلَغُوا الْكَمَالَ، وَإِلَى عِيسَى وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، وَإِلَى الدَّمِ الْمَرْشُوشِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِرِسَالَةٍ أَفْضَلَ مِنْ رِسَالَةِ دَمِ هَابِيلَ. فَاحْذَرُوا، وَلَا تَرْفُضُوا الْاِسْتِمَاعَ إِلَى اللهِ الَّذِي يُكَلِّمُكُمْ. إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ رَفَضُوا الْاِسْتِمَاعَ إِلَى مُوسَى لَمَّا أَنْذَرَهُمْ هُنَا عَلَى الْأَرْضِ، لَمْ يُفْلِتُوا مِنَ الْعِقَابِ، فَهَلْ نُفْلِتُ نَحْنُ إِنْ كُنَّا نَرْفُضُ عِيسَى وَهُوَ يُنْذِرُنَا مِنَ السَّمَاءِ؟ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، صَوْتُ اللهِ زَلْزَلَ الْأَرْضَ، أَمَّا الْآنَ فَقَدْ وَعَدَ وَقَالَ: ”مَرَّةً أُخْرَى أُزَلْزِلُ، لَا الْأَرْضَ وَحْدَهَا، بَلِ السَّمَاءَ أَيْضًا.“ وَقَوْلُهُ ”مَرَّةً أُخْرَى“ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ سَيُزِيلُ كُلَّ الْأَشْيَاءِ الْمَخْلُوقَةِ غَيْرِ الثَّابِتَةِ، فَيَبْقَى فَقَطْ مَا هُوَ ثَابِتٌ. وَبِمَا أَنَّنَا أَصْبَحْنَا نَنْتَمِي لِمَمْلَكَةٍ ثَابِتَةٍ لَا تَتَزَلْزَلُ، فَيَجِبُ أَنْ نَشْكُرَ اللهَ وَنَعْبُدَهُ بِالطَّرِيقَةِ الَّتِي يَرْضَاهَا وَبِاحْتِرَامٍ وَخُشُوعٍ. لِأَنَّ إِلَهَنَا هُوَ نَارٌ آكِلَةٌ.
العبرانيين 1:12-29 الترجمة الكاثوليكيّة (اليسوعيّة) (ت.ك.ع)
لِذٰلِكَ فنَحنُ الَّذينَ يُحيطُ بِهِم هٰذا الجَمُّ الغَفيرُ مِنَ الشُّهود، فلْنُلْقِ عَنَّا كُلَّ عِبْءٍ وما يُساوِرُنا مِن خَطيئَة ولْنَخُضْ بِثَباتٍ ذٰلِك الصِّراعَ المَعْروضَ علَينا، مُحَدِّقينَ إِلى مُبدِئ إِيمانِنا ومُتَمِّمِه، يسوعَ الَّذي، في سَبيلِ الفَرَحِ المَعْروضِ علَيه، تَحَمَّلَ الصَّليبَ مُستَخِفًّا بِالعار، ثُمَّ جَلَسَ عن يَمينِ عَرْشِ الله. فَكِّروا في ذاكَ الَّذي تَحَمَّلَ ما لَقِيَ مِن مُخالَفَةِ الخاطِئِين، لِكَيلا تَخورَ هِمَمُكم بِضُعفِ نُفوسِكم. فإِنَّكم لم تُقاوِموا بَعدُ حتَّى بَذْلِ الدَّمِ في مُجاهَدَةِ الخَطيئَة. وقَد نَسيتُم تِلكَ العِظَةَ الَّتي تُخاطِبُكم مُخاطَبَتَها بَنيها فتَقول: «يا بُنَيَّ، لا تَحتَقِرْ تَأديبَ الرَّبّ، ولا تَضعَفْ نَفْسُكَ إِذا وَبَّخَكَ، فمَن أَحَبَّه الرَّبُّ أَدَّبَه، وهو يَجلِدُ كُلَّ ٱبنٍ يَرتَضيه». فمِن أَجْلِ التَّأديبِ تَتَأَلَّمون، وإِنَّ اللهَ يُعامِلُكم مُعامَلَةَ البَنين، وأَيُّ ٱبنٍ لا يُؤَدِّبُه أَبوه؟ فإِذا لم يَنَلْكم شَيءٌ مِنَ التَّأديب، وهو نَصيبُ جَميعِ النَّاس، كُنتُم أَولادَ زِنْيَةٍ لا بَنين. هٰذا وإِنَّ آباءَنا في الجَسَدِ أَدَّبونا وقد هِبناهُم. فما أَحْرانا بِأَن نَخضَعَ لأَبي الأَرْواحِ فنَحْيا! هم أَدَّبونا لأَيَّامٍ قَليلةٍ وكما بَدا لَهم، وأَمَّا هو فلِخَيرِنا، لِنَنالَ نَصيبًا مِن قَداسَتِه. إِنَّ كُلَّ تَأديبٍ لا يَبْدو في وَقتِه باعِثًا على الفَرَح، بل على الغَمّ. غَيرَ أَنَّه يَعودُ بَعدَ ذٰلِكَ على الَّذينَ رَوَّضَهم بِثَمَرِ البِرِّ وما فيه مِن سَلام. «فأَقيموا أَيدِيَكُمُ المُستَرخِيَةَ ورُكَبَكُمُ المُلتَوِيَة» وٱجعَلوا سُبُلاً قَويمَةً لِخُطاكم، فلا يَتَخَلَّعَ الأَعرَجُ، بل يَبرَأ. أُطلُبوا السَّلامَ معَ جَميعِ النَّاس والقَداسةَ الَّتي بِغَيرِها لا يَرى الرَّبَّ أَحَد. وٱنتَبِهوا لِئَلاَّ يُحرَمَ أَحَدٌ نِعمَةَ الله ومَخافَةَ أَن «يَنبُتَ أَصلٌ مُرٌّ» يُحدِثُ القَلَقَ ويُفسِدُ الجَماعة. وٱنتَبِهوا لِئَلاَّ يَكونَ فيكُم فاحِشٌ أَو مُدَنِّسٌ مِثْلُ عيسُوَ الَّذي باعَ بِكْرِيَّتَه بِأَكلَةٍ واحِدَة. وتَعلَمونَ أَنَّه، لَمَّا أَرادَ بَعدَ ذٰلِكَ أَن يَرِثَ البَرَكَة، رُذِلَ ولَم يَجِدْ سَبيلاً إِلى تَبْديلِ المَوقِف، معَ أَنَّه ٱلتَمَسَه باكِيًا. إِنَّكم لم تَقتَرِبوا مِن شَيءٍ مَلْموس: نارٍ مُستَعِرَةٍ وعَتْمَةٍ وظَلام وإِعصارٍ ونَفْخٍ في البوق وصَوتِ كَلامٍ طَلَبَ سامِعوه أَلاَّ يُزادوا مِنه لَفظَةً لأَنَّهم لم يُطيقوا تَحَمُّلَ هٰذا الأَمْر: «حَتَّى الوَحْشُ، لو مَسَّ الجَبَل، فَلْيُرْجَمْ». كانَ المَنظَرُ رَهيبًا حَتَّى إِنَّ مُوسى قال: «أَنا مَرْعوبٌ مُرتَعِد». أَمَّا أَنتُم فقَدِ ٱقتَرَبتُم مِن جَبَلِ صِهْيون، ومَدينةِ اللهِ الحَيّ، أُورَشَليمَ السَّماوِيَّة، ومِن رِبْواتِ المَلائِكَةِ في حَفْلَةِ عيد، مِن جَماعَةِ الأَبْكارِ المَكْتوبَةِ أَسْماؤُهم في السَّمَوات، مِن إِلٰهٍ دَيَّانٍ لِلخَلْقِ أَجمَعين، ومِن أَرْواحِ الأَبْرارِ الَّذينَ بَلَغوا الكَمال، مِن يسوعَ وَسيطِ عَهْدٍ جَديد، مِن دَمٍ يُرَشّ، كلامُه أَبلَغُ مِن كَلامِ دَمِ هابيل. فٱحذَروا أَن تُعرِضوا عن سَماعِ ذاكَ الَّذي يُكَلِّمُكم. فإِذا كانَ الَّذينَ أَعرَضوا عنِ الَّذي أَنذَرَهُم في الأَرضِ لم يُفلِتوا مِنَ العِقاب، فكَم بِالأَحْرى لا نُفلِتُ نَحنُ إِذا تَوَلَّينا عنِ الَّذي يُكَلِّمُنا مِنَ السَّماء؟ إِنَّ الَّذي زَعزَعَ صَوتُه الأَرضَ حينَذاك قد وَعَدَنا الآنَ فقال: «أُزَلزِلُ مَرَّةً أُخْرى، لا الأَرْضَ وَحدَها، بلِ السَّماءَ أَيضًا». فالقَولُ «مَرَّةً أُخْرى» يُشيرُ إِلى زَوالِ الأَشياءِ المُزَعزَعةِ لأَنَّها مَخْلوقَة، لِتَبْقى الأَشياءُ الَّتي لا تُزَعزَع. فنَحنُ وقَد حَصَلْنا على مَلَكوتٍ لا يَتَزَعْزَع، فلْنَتَمَسَّكْ بِهٰذِه النِّعمَة ونَعبُدْ بِها اللهَ عِبادةً يَرْضى عَنها، بِتَقْوى ووَرَع، فإِنَّ إِلٰهَنا نارٌ آكِلَة.