صموئيل الأوّل 2:25-35
صموئيل الأوّل 2:25-35 ت.ك.ع
وكانَ رَجُلٌ في مَعون وكانَت له أَمْلاكٌ في الكَرمَل. وكانَ الرَّجُلُ غَنِيًّا جِدًّا، لَه ثَلاثَةُ آلافٍ مِنَ الغَنَم وأَلفٌ مِنَ المَعِز. وكانَ الرَّجُلُ يَجُزُّ غَنَمَه في الكَرمَل. وٱسمُ الرَّجُلِ نابال وٱسمُ ٱمرَأَتِه أَبيجائيل. وكانَتِ ٱمرَأَتُه ذَكِيَّةَ الفَهمِ جَميلَةَ المَنظَر، وكانَ نابالُ رَجُلًا قاسِيًا سَيِّئ الأَعْمال، وهو كالَبِيّ. فبَلَغَ داوُدَ في البَرِّيَّةِ أَنَّ نابالَ يَجُزُّ غَنَمَه. فأَرسَلَ داوُدُ إِلَيه عَشَرَةَ خُدَّام، وقالَ داوُدُ لِلخُدَّام: «إِصعَدوا إِلى الكَرمَل وٱذهَبوا إِلى نابالَ وأَقرِئوه السَّلامَ بِٱسْمي، وقولوا لَه: كُلُّ سَنَةٍ وأَنتَ سالِم، وبَيتُكَ وكُلُّ ما لَكَ سالِم. سَمِعتُ الآنَ أَنَّ عِندَكَ جَزَّازين. والحالُ أَنَّ رُعاتَكَ قد كانوا معَنا فلَم نُؤذِهم ولَم يَذهَبْ لَهم شَيءٌ جَميعَ الأَيَّامِ الَّتي كانوا فيها في الكَرمَل. سَلْ خُدَّامَكَ يُخبِروك. فلْيَنَلِ الخُدَّامُ حُظوَةً في عَينَيكَ. لأَنَّنا أَتَيناكَ في يَومِ خَير. فأَعطِ ما تَيَسَّرَ لِعَبيدِكَ ولٱبنِكَ داوُد». فوَصَلَ الخُدَّامُ وكَلَّموا نابالَ بِكُلِّ هٰذا الكَلامِ بِٱسمِ داوُد، ثُمَّ ٱنتَظَروا. لٰكِنَّ نابالَ أَجابَ خُدَّامَ داوُدَ وقال: «مَن هو داوُد ومَن هو ٱبنُ يَسَّى؟ لقَد كَثُرَ اليَومَ الخُدَّامُ الَّذينَ فَرُّوا مِن عِندِ سادَتِهم. أَآخُذُ خُبْزي ومائي وذَبيحَتيَّ الَّتي ذَبَحتُها لِجَزَّازِيَّ وأُعْطيها لِقَومٍ لا أَعرِفُ مِن أَينَ هُم؟» ورَجَعَ خُدَّامُ داوُدَ أَدْراجَهم وعادوا ووَصَلوا وأَخبَروا داوُدَ بِكُلِّ هٰذا الكَلام. فقالَ داوُدُ لِرِجالِه: «تَقَلَّدوا كُلٌّ مِنكم سَيفَه». فتَقَلَّدَ كُلُّ واحِدٍ سَيفَه وتَقَلَّدَ داوُدُ سَيفَه أَيضًا. وصَعِدَ مع داوُدَ نَحوُ أَربَعِ مِئَةِ رَجُل، وبَقِيَ مِئَتا رَجُلٍ عِندَ الأَمتِعَة. فأَخبَرَ واحِدٌ مِنَ الخُدَّامِ أَبيجائيلَ، ٱمرَأَةَ نابال، وقال: «إِنَّ داوُدَ أَرسَلَ رُسُلًا مِنَ البَرِّيَّةِ لِيُسَلِّموا على سَيِّدِنا، فثارَ علَيهم. والرِّجالُ مُحسِنونَ إِلَينا جِدًّا ولم يُؤذونا ولا فُقِدَ لَنا شَيءٌ كُلَّ أَيَّامِ سَيرِنا مَعهم ونَحنُ في الحُقول. وكانوا سورًا لَنا لَيلًا ونَهارًا، كُلَّ أَيَّامِ وجُودِنا معَهم في رَعْيِ الغَنَم. فتَبَصَّري الآنَ وٱنظُري ماذا تَعمَلين، لأَنَّ الشَّرَّ مَقضِيٌّ على سَيِّدِنا وعلى كُلِّ بَيتِه، وهو رَجُلٌ لا خَيرَ فيه لا يَستَطيعُ أَحَدٌ أَن يُكَلِّمَه». فبادَرَت أَبيجائيلُ وأَخَذَت مِئَتَي رَغيفٍ وزِقَّي خَمرٍ وخَمسَةَ خِرافٍ مُعَدَّةٍ وخَمسَةَ مَكاييلَ مِنَ الفَريك ومِئَةَ عُنقودٍ مِنَ الزَّبيب ومِئَتي قُرصٍ مِنَ التِّين، وجَعَلَت ذٰلك على حَمير. وقالَت لِخُدَّامِها: «مُرُّوا أَمامي، فإِنِّي أَتبَعُكم» ولم تُخبِرْ زوجَها نابال. وفيما هي راكِبَةٌ على الحِمار ونازِلَةٌ في سُترَةِ الجَبَل، إِذا بِداوُدَ ورِجالِه نازِلونَ تُجاهَها، فالتَقَتهُم. وكانَ داوُدُ قد قالَ في نَفْسِه: «باطِلًا حَفِظتُ كُلَّ ما لِهٰذا الرَّجُلِ في البَرِّيَّة، فلم يُفقَد شَيءٌ مِن كُلِّ ما هو لَه، فكافَأَني شَرًّا بَدَلَ خَير. كذا يَصنَعُ اللهُ بِداوُدَ وكَذا يَزيد، إِن أَبقَيتُ مِن كُلِّ ما لَه إِلى ضَوءِ الصَّباحِ بائِلًا بِحائِط». فلَمَّا رَأَت أَبيجائيلُ داوُد، نَزَلَت في الحالِ عن حِمارِها وٱرتَمَت على وَجهِها أَمامَ داوُدَ وسَجَدَت إِلى الأَرض. وسَقَطَت على رِجلَيه وقالَت: «علَيَّ أَنا يا سَيِّدي هٰذا الذَّنْب. فلْتَتَكَلَّمْ أَمَتُكَ على مِسمَعِكَ وأَصغِ لِكَلامِ أَمَتِكَ. لا يُبالِ سَيِّدي بِهٰذا الرَّجُلِ الَّذي لا خَيرَ فيه، بِنابال، لأَنَّه طِبقُ ٱسمِه، فإِنَّ نابالَ ٱسمُه والحَماقَةَ عِندَه. فأَمَّا أَنا أَمَتَكَ، فلَم أَرَ خُدَّامَ سَيِّدِيَ الَّذينَ أَرسَلتَهم. والآنَ يا سَيِّدي، حَيٌّ الرَّبُّ وحَيَّةٌ نَفْسُكَ، فبِما أَنَّ الرَّبَّ قد مَنَعَكَ مِن سَفْكِ الدَّمِ وٱنتِقامِ يَدِكَ لِنَفْسِكَ، فلْيَكُنْ أَعْداؤُكَ مِثلَ نابال، وكذٰلك كُلُّ مَن يَطلُبُ الشَّرَّ لِسَيِّدي. والآنَ فأَمَّا هٰذه الهِبَةُ الَّتي أَتَت بِها أَمَتُكَ سَيِّدي، فلتُعْطَ لِلخُدَّامِ السَّائرِينَ في خُطى سَيِّدي. وٱغفِرْ مَعصِيَةَ أَمَتِكَ، فإِنَّ الرَّبَّ سيُقيمُ لِسَيِّدي بَيتًا ثابِتًا، لأَنَّ سَيِّدي حارَبَ حُروبَ الرَّبّ، ولم يوجَدْ فيكَ سوءٌ كُلَّ أَيَّامِكَ. وإِذا قامَ رَجُلٌ لِيُطارِدَكَ ويَطلُبَ نَفْسَكَ، كانَت نَفْسُ سَيِّدي مَحْزومة في حُزمَةِ الحَياةِ لَدى الرَّبِّ إِلٰهِكَ. وأَمَّا أَنفُسُ أَعْدائِكَ، فيَقذِفُ بِها في كِفَّةِ المِقْلاع. وإِذا صَنَعَ الرَّبُّ لِسَيِّدي بِحَسَبِ كُلِّ ما تَكَلَّمَ بِه مِنَ الخَيرِ في حَقِّكَ وأَقامَكَ رَئيسًا على إِسْرائيل، فلا يَكُنْ سَفكُكَ لِلدَّمِ بِلا سَبَبٍ أَوِ ٱنتِقامُ سَيِّدي لِنَفْسِه صَدمةً ومَعثَرَةَ قَلْبٍ لِسَيِّدي. وإِذا أَنعَمَ الرَّبُّ على سَيِّدي، فٱذكُرْ أَمَتَكَ». فقالَ داوُدُ لأَبيجائيل: «مُبارَكٌ الرَّبُّ، إِلٰهُ إِسْرائيل، الَّذي أَرسَلَكِ اليَومَ لِلِقائي! مُبارَكَةٌ حِكمَتُكِ، ومُباركَةٌ أَنتِ لأَنَّكِ صَرَفتِني اليَومَ عن سَفكِ الدِّماءِ وعِن ٱنتِقامِ يَدي لِنَفْسي. ولٰكن حَيٌّ الرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرائيلَ الَّذي مَنَعَني عنِ الإِساءَةِ إِلَيكِ، فلَو لم تُسرِعي وتَأتي لِلِقائي لَما أُبقِيَ لِنابالَ إِلى ضَوءِ الصَّباحِ بائِلٌ بِحائط». وأَخَذَ داوُدُ مِن يَدِها ما أَتَتْه بِه وقالَ لَها: «إِصعَدي إِلى بَيتِكِ بِسَلام. أُنظُري! إِنِّي قد سَمِعتُ لِكَلامِكِ وأكرَمتُ وَجهَكِ».