لُوقَا 1:23-43
لُوقَا 1:23-43 ت ع م
فَقَامَتِ الجَمَاعَةُ كُلُّهَا، وَأخَذُوهُ إلَى بِيلَاطُسَ. وَبَدَأُوا يُوَجِّهُونَ إلَيْهِ الاتِّهَامَاتِ وَيَقُولُونَ: «أمسَكْنَا بِهِ وَهُوَ يُضَلِّلُ شَعْبَنَا. إنَّهُ يُعَارِضُ دَفْعَ الضَّرَائِبِ إلَى قَيصَرَ، وَيَقُولُ إنَّهُ هُوَ نَفْسُهُ المَسِيحُ المَلِكُ.» فَسَألَهُ بِيلَاطُسُ: «هَلْ أنْتَ مَلِكُ اليَهُودِ؟» فَأجَابَهُ يَسُوعُ: «هُوَ كَمَا قُلْتَ بِنَفْسِكَ.» فَقَالَ بِيلَاطُسُ لِكِبَارِ الكَهَنَةِ وَجُمُوعِ النَّاسِ: «لَا أجِدُ أسَاسًا لِأيَّةِ إدَانَةٍ لِهَذَا الرَّجُلِ.» لَكِنَّهُمْ أكَّدُوا وَقَالُوا: «إنَّهُ يُهَيِّجُ النَّاسَ فِي كُلِّ إقلِيمِ اليَهُودِيَّةِ بِتَعَالِيمِهِ. لَقَدْ بَدَأ فِي إقْلِيمِ الجَلِيلِ، وَهَا قَدْ وَصَلَ إلَى هُنَا.» فَلَمَّا سَمِعَ بِيلَاطُسُ هَذَا، سَألَ إنْ كَانَ الرَّجُلُ جَلِيلِيًّا. وَعِنْدَمَا عَلِمَ أنَّهُ تَحْتَ نِطَاقِ سُلطَةِ هِيرُودُسَ، أرسَلَهُ إلَى هِيرُودُسَ الَّذِي كَانَ فِي مَدِينَةِ القُدْسِ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ. وَعِنْدَمَا رَأى هِيرُودُسُ يَسُوعَ سُرَّ كَثِيرًا، فَقَدْ سَمِعَ عَنْهُ الكَثِيرَ، وَكَانَ يُرِيدُ أنْ يَرَاهُ مُنْذُ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَيَأْمَلُ أنْ يُظْهِرَ أمَامَهُ بُرْهَانًا مُعجِزِيًّا. فَطَرَحَ هِيرُودُسُ عَلَى يَسُوعَ أسئِلَةً كَثِيرَةً، أمَّا يَسُوعَ فَلَمْ يُعطِهِ أيَّ جَوَابٍ. وَكَانَ كِبَارُ الكَهَنَةِ وَمُعَلِّمُو الشَّرِيعَةِ وَاقِفِينَ هُنَاكَ، وَهُمْ يَتَّهِمُونَهُ مَملُوئِينَ غَيظًا. كَمَا عَامَلَ هِيرُودُسُ وَجُنُودُهُ يَسُوعَ بَاحتِقَارٍ، وَسَخِرُوا بِهِ. ثُمَّ وَضَعُوا عَلَيْهِ رِدَاءً فَاخِرًا، وَأرسَلُوهُ ثَانِيَةً إلَى بِيلَاطُسَ. وَفِي ذَلِكَ اليَوْمِ تَصَالَحَ هِيرُودُسُ وَبِيلَاطُسُ، وَكَانَا قَبْلَ ذَلِكَ عَدُوَّينِ. وَدَعَا بِيلَاطُسُ كِبَارَ الكَهَنَةِ وَالقَادَةَ وَالشَّعْبَ، وَقَالَ لَهُمْ: «لَقَدْ أحضَرتُمْ هَذَا الرَّجُلَ لِأنَّهُ يُحَرِّضُ الشَّعْبَ عَلَى القَادَةِ. وَقَدِ استَجْوَبتُهُ أمَامَكُمْ، فَلَمْ أجِدْ أسَاسًا لِلتُّهَمِ الَّتِي وَجَّهتُمُوهَا إلَيْهِ. وَلَا وَجَدَ هِيرُودُسُ شَيْئًا مِنْ هَذَا أيْضًا لِأنَّهُ أعَادَهُ إلَينَا. وَهُوَ، كَمَا تَرَوْنَ، لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ عُقُوبَةَ المَوْتِ. لِهَذَا سَآمُرُ بِجَلدِهِ ثُمَّ أُطلِقُ سَرَاحَهُ.» إذْ كَانَ يَنْبَغِي أنْ يُطلِقَ بِيلَاطُسُ للنَّاسِ سَجِينًا فِي كُلِّ فِصْحٍ. لَكِنَّهُمْ صَرَخُوا جَمِيعًا مَعًا: «اقتُلْهُ! وَأطلِقْ لَنَا بَارَابَاسَ!» وَكَانَ بَارَابَاسُ قَدْ أُلقِيَ فِي السِّجْنِ بِسَبَبِ تَمَرُّدٍ تَسَبَّبَ فِيهِ فِي المَدِينَةِ، وَلِأنَّهُ قَاتِلٌ. وَتَحَدَّثَ إلَيْهِمْ بِيلَاطُسُ مَرَّةً أُخْرَى، لِأنَّهُ أرَادَ أنْ يُطلِقَ سَرَاحَ يَسُوعَ. لَكِنَّهُمْ وَاصَلُوا الصُّرَاخَ: «اصلِبْهُ! اصلِبْهُ!» فَقَالَ لَهُمْ بِيلَاطُسُ مَرَّةً ثَالِثَةً: «لَكِنْ أيَّةَ جَرِيمَةٍ قَدِ ارتَكَبَ هَذَا الرَّجُلُ؟ فَأنَا لَمْ أجِدْ شَيْئًا ضِدَّهُ يَسْتَحِقُّ عُقُوبَةَ المَوْتِ. وَلِهَذَا سَآمُرُ بجَلدِهِ ثُمَّ أُطلِقُ سَرَاحَهُ.» غَيْرَ أنَّهُمْ وَاصَلُوا الصُّرَاخَ بِصَوْتٍ عَالٍ مُطَالِبينَ بِصَلبِهِ. وَانتَصَرَتْ صَرَخَاتُهُمْ فِي نِهَايَةِ الأمْرِ. فَقَرَّرَ بِيلَاطُسُ المُوافَقَةَ عَلَى طَلَبِهِمْ. وَأطلَقَ سَرَاحَ الرَّجُلِ المَسْجُونِ بِسَبَبِ التَّمَرُّدِ المُسَلَّحِ وَالقَتلِ. وَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِي اختَارُوهُ. وَسَلَّمَ بِيلَاطُسُ يَسُوعَ لَهُمْ لِكَي يَفْعَلُوا بِهِ مَا يُرِيدُونَ. وَبيَنَمَا كَانُوا مَاضِينَ بِهِ، أمسَكُوا رَجُلًا اسْمُهُ سِمْعَانُ القَيرِينيُّ، وَهُوَ قَادِمٌ مِنَ الحَقُولِ. فَوَضَعُوا الصَّلِيبَ عَلَيْهِ، وَجَعَلُوهُ يَحْمِلُهُ خَلْفَ يسُوعَ. وَكَانَ جَمعٌ كَبِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَتْبَعُهُ، بِمَنْ فِيهِمْ بَعْضُ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي كُنَّ يَنُحنَ وَيُوَلوِلنَ عَلَيْهِ. فَالتَفَتَ يَسوعُ إلَيْهِنَّ وَقَالَ: «يَا بَنَاتِ مَدِينَةِ القُدْسِ، لَا تَبْكِينَ عَلَيَّ، بَلِ ابكِينَ عَلَى أنْفُسِكُنَّ وَعَلَى أبنَائِكُنَّ. إذْ سَتَأْتِي أيَّامٌ يَقُولُ فِيهَا النَّاسُ: ‹هَنِيئًا لِلنِّسَاءِ اللَّوَاتِي لَا يَحْمِلنَ وَلَمْ يُنْجِبْنَ وَلَمْ يُرْضِعْنَ.› حِينَئِذٍ سَيَقُولُونَ لِلجِبَالِ: ‹اسقُطِي عَلَيْنَا!› وَسَيَقُولُونَ لِلتِّلَالِ: ‹غَطِّينَا.› فَإنْ كَانَ النَّاسُ يَفْعَلُونَ هَكَذَا فِي أيَّامِ الخَيْرِ، فَمَاذَا يَكُونُ الحَالُ فِي الأيَّامِ الصَّعبَةِ؟» وَاقتِيدَ رَجُلَانِ آخَرَانِ مَعَ يَسُوعَ لِيُعدَمَا، وَكَانَا مُجرِمَينِ. وَلَمَّا وَصَلُوا إلَى المَكَانِ الَّذِي يُدْعَى «الجُمجُمَةَ» صَلَبُوهُ مَعَ المُجرِمَينِ، فَصُلِبَ أحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ. ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ: «يَا أبِي، سَامِحْهُمْ لِأنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا يَفْعَلُونَ.» وَاقتَسَمُوا مَلَابِسَهُ بِإلقَاءِ القُرعَةِ. وَوَقَفَ النَّاسُ هُنَاكَ يَتَفَرَّجُونَ. وَسَخِرَ بِهِ القَادَةُ وَقَالُوا: «لَقَدْ خَلَّصَ غَيْرَهُ، فَلْيُخَلِّصْ نَفْسَهُ إنْ كَانَ هُوَ حَقًّا المَسِيحَ مُختَارَ اللهِ.» كَمَا تَقَدَّمَ الجُنُودُ أيْضًا وَاستَهْزَأُوا بِهِ، وَقَدَّمُوا لَهُ خَلَّا مَمْزُوجًا بِخَمرٍ، وَقَالُوا: «إنْ كُنْتَ مَلِكَ اليَهُودِ، خَلِّصْ نَفْسَكَ!» وَكَانَتْ فَوقَهُ لَافِتَةٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا: «هَذَا هُوَ مَلِكُ اليَهُودِ.» وَأخَذَ أحَدُ المُجرِمَينِ المُعَلَّقَينِ إلَى جِوَارِهِ يُهِينُهُ وَيَقُولُ: «ألَسْتَ المَسِيحَ؟ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَخَلِّصْنَا مَعَكَ!» لَكِنَّ الآخَرَ وَبَّخَهُ وَقَالَ: «ألَا تَتَّقِي اللهَ؟ فَأنْتَ تَحْتَ العُقُوبَةِ نَفسِهَا، أمَّا عُقُوبَتُنَا فَلَهَا مَا يُبَرِّرُهَا، إذْ أنَّنَا نَنَالُ مَا نَسْتَحِقُّهُ جَزَاءَ مَا فَعَلنَاهُ. أمَّا هَذَا الرَّجُلُ، فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا خَاطِئًا.» ثُمَّ قَالَ: «يَا يَسُوعُ، اذكُرنِي حِينَ تَبْدَأُ مُلكَكَ.» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أقُولُ الحَقَّ لَكَ، اليَوْمَ سَتَكُونُ مَعِي فِي الفِردَوسِ.»