يُوحَنَّا 9:3-36

يُوحَنَّا 9:3-36 ت ع م

فَقَالَ نِيقُودِيمُوسُ: «كَيْفَ يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ هَذَا؟» فَأجَابَ يَسُوعُ: «كَيْفَ لَا تَعْلَمُ هَذَا وَأنْتَ مِنْ مُعَلِّمِي بَنِي إسْرَائِيلَ؟ أقُولُ الحَقَّ لَكَ: إنَّنَا نَتَحَدَّثُ عَمَّا نَعْرِفُ، وَنُخبِرُ بِمَا رَأينَا، لَكِنَّكُمْ تَرْفُضُونَ مَا نَقُولُ. حَدَّثْتُكُمْ عَنِ الأُمُورِ الأرْضِيَّةِ وَلَا تُؤْمِنُونَ، فَكَيْفَ سَتُؤْمِنُونَ إنْ حَدَّثْتُكُمْ عَنِ الأُمُورِ السَّمَاوِيَّةِ؟ وَلَمْ يَصْعَدْ أحَدٌ إلَى السَّمَاءِ، إلَّا الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. وَهُوَ ابْنُ الإنْسَانِ. «وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الحَيَّةَ فِي البَرِّيَّةِ، يَنْبَغِي أنْ يُرفَعَ ابْنُ الإنْسَانِ، لِكَي يَنَالَ كُلُّ مَنْ يُؤمِنُ بِهِ الحَيَاةَ الأبَدِيَّةَ. «فَقَدْ أحَبَّ اللهُ العَالَمَ كَثِيرًا، حَتَّى إنَّهُ قَدَّمَ ابْنَهُ الوَحِيدَ، لِكَي لَا يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الحَيَاةُ الأبَدِيَّةُ. فَاللهُ لَمْ يُرْسِلِ ابْنَهُ إلَى العَالَمِ لِكَي يَدِينَ العَالَمَ، لَكِنَّهُ أرسَلَهُ لِكَي يُخَلِّصَ بِهِ العَالَمَ. مَنْ يُؤمِنُ بِهِ لَا يُدَانُ، أمَّا الَّذِي لَا يُؤمِنُ فَهُوَ مُدَانٌ لِأنَّهُ لَمْ يُؤمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللهِ الوَحِيدِ. وَهَذَا هُوَ أسَاسُ الدَّينُونَةِ: أنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إلَى العَالَمِ، لَكِنَّ النَّاسَ فَضَّلُوا الظُّلْمَةَ عَلَى النُّورِ لِأنَّ أعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. فَمَنْ يَفْعَلُ الشُّرُورَ يَكْرَهُ النُّورَ. وَهُوَ لَا يَأتِي إلَى النُّورِ خَوْفًا مِنْ أنْ تَنْكَشِفَ أعْمَالُهُ. أمَّا الَّذِي يُطِيعُ الحَقَّ، فَيَأْتِي إلَى النُّورِ لِكَي يَتَّضِحَ أنَّهُ يَعْمَلُ أعْمَالَهُ بِقُوَّةِ اللهِ.» بَعْدَ ذَلِكَ ذَهَبَ يَسُوعُ وَتَلَامِيذُهُ إلَى إقْلِيمِ اليَهُودِيَّةِ. فَأقَامَ هُنَاكَ مَعَهُمْ، وَكَانَ يُعَمِّدُ النَّاسَ. وَكَانَ يُوحَنَّا أيْضًا يُعَمِّدُ فِي مَنْطِقَةِ عَيْنِ نُونٍ قُرْبَ قَرْيَةِ سَالِيمَ. فَقَدْ كَانَ هُنَاكَ مَاءٌ كَثِيرٌ، وَكَانَ النَّاسُ يَأْتُونَ وَيَتَعَمَّدُونَ هُنَاكَ، إذْ لَمْ يَكُنْ يُوحَنَّا قَدْ سُجِنَ بَعْدُ. وَحَدَثَتْ مُجَادَلَةٌ بَيْنَ بَعْضِ تَلَامِيذِ يُوحَنَّا وَبَيْنَ رَجُلٍ يَهُودِيٍّ حَوْلَ مَسْألَةِ الاغْتِسَالِ الطَّقْسِيِّ. فَجَاءُوا إلَى يُوحَنَّا وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، لَقَدْ شَهِدْتَ عَنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ مَعَكَ عَلَى الضِّفَّةِ الشَّرْقِيَّةِ مِنْ نَهْرِ الأُرْدُنِّ. وَهَا هُوَ أيْضًا يُعَمِّدُ النَّاسَ، وَالجَمِيعُ يَذْهَبُونَ إلَيْهِ!» فَقَالَ لَهُمْ يُوحَنَّا: «لَا يَسْتَطِيعُ أحَدٌ أنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مَا لَمْ يُعْطَ لَهُ مِنَ السَّمَاءِ. وَأنْتُمْ أنْفُسُكُمْ تَشْهَدُونَ عَلى أنِّي قُلْتُ: أنَا لَسْتُ المَسِيحَ، لَكِنَّ اللهَ أرْسَلَنِي قَبْلَهُ. العَرُوسُ لِلعَرِيسِ، أمَّا إشْبِينُ العَرِيسِ فَيَقِفُ مُنتَظِرًا أنْ يَسْمَعَ صَوْتَهُ. وَيَفْرَحُ كَثِيرًا حِينَ يَسْمَعُ صَوْتَ العَرِيسِ. وَقَدِ اكتَمَلَ الآنَ فَرَحِي هَذَا بِمَجِيئِهِ. يَنْبَغِي أنْ تَزْدَادَ أهَمِّيَتُهُ، وَأنْ تَنْقُصَ أهَمِّيَّتِي.» وَتَابَعَ يُوحَنَّا فَقَالَ: «الَّذِي يَأتِي مِنْ فَوْقُ يَكُونُ فَوْقَ الجَمِيعِ. أمَّا الَّذِي مِنَ الأرْضِ، فَإلَى الأرْضِ يَنْتَمِي، وَيَتَكَلَّمُ كَلَامًا أرْضِيًّا. فَمَنْ يَأتِي مِنَ السَّمَاءِ يَسْمُو عَلَى الجَمِيعِ. فَهُوَ يَشْهَدُ بِمَا رَأى وَسَمِعَ. وَمَا مِنْ أحَدٍ مِنْكُمْ يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ. أمَّا مَنْ يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ فَهُوَ يُقِرُّ بِأنَّ اللهَ صَادِقٌ. لِأنَّ الَّذِي أرسَلَهُ اللهُ، يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ اللهِ. فَاللهُ يُعْطِي الرُّوحَ لِلابْنِ بِلَا حَدٍّ. الآبُ يُحِبُّ الابْنَ، وَقَدْ وَضَعَ كُلَّ شَيءٍ فِي يَدِهِ. فَالَّذِي يُؤمِنُ بِالِابْنِ يَمْلِكُ حَيَاةً أبَدِيَّةً، أمَّا الَّذِي لَا يُؤمِنُ بِالِابْنِ فَلَنْ يَرَى تِلْكَ الحَيَاةَ، وَلَنْ يُرْفَعَ عَنْهُ غَضَبُ اللهِ.»