سفر مراثي ارميا 1:3-36

سفر مراثي ارميا 1:3-36 المشتركة

أنا رَجُلٌ‌ رَأى البُؤسَ تَحتَ عصا غضَبِهِ‌. قادَني وأدخَلَني ظُلمَةً لم يَكُنْ فيها نُورٌ. يَمُدُّ يَدَهُ عليَّ‌ ويُعيدُها نهارا وليلا. أتلَفَ لَحمي وجِلْدي وهَشَّمَ لي عِظامي. حاصَرَني وأَحاطَني بِمَرارةٍ ومَشَقَّةٍ. أسكَنَني في الظُّلُماتِ كالموتى مِنْ قديمٍ. حبَسَني لِئلاَّ أخرُجَ وأثقَلَ قَيدي عليَّ. أصرُخُ وأستَغيثُ فيَصُدُّ صلاتي. سَدَّ طُرُقي بِالحِجارةِ وعَوَّجَ مسالِكِي. يَكمُنُ لي كالدُّبِّ ويَختَبِـئُ كالأسدِ أضَلَّ طُرُقي ومَزَّقَني وجعَلني وَحيدا شَدَّ قَوسَهُ ونَصَبَني هَدَفا لِسَهْمِهِ. خرَقَ كُليَتَيَّ خَرْقا بِسِهامِ جُعبَتِهِ. صِرْتُ ضُحكَةً لِلشُّعوبِ‌ وأُغنيَةً نهارا وليلا جَرَّعَني مراراتٍ وأَرواني عَلْقَما. هشَّمَ بِالحَصَى أسناني ومَرَّغَني في الرَّمادِ بَعُدْتُ‌ عَنِ السَّلامةِ ونَسِيتُ طَعْمَ الهَناءِ. فأقولُ: «زالَ عُنفواني ورَجائي في الرّبِّ. ذِكْرُ بُؤسي وضَياعي مَرارةٌ لي وعَلقَمٌ. طالما تَذْكُرُ نفْسي. فتَنحَني في داخِلي وأُرَدِّدُ هذا في قلبـي فأَستَعيدُ رَجائي. رَأْفةُ الرّبِّ لا تَنقَطِـعُ ومَراحِمُهُ أبدا لا تَزولُ‌. هيَ جديدةٌ كُلَّ صباحٍ، فما أَعظمَ أمانَتَكَ! الرّبُّ حَظِّي فأرجوهُ هكذا قالَت نفْسي. الرّبُّ صالِـحٌ لِمَنْ يَنتَظِرُهُ، لِلنَّفسِ الّتي تَشتاقُهُ خَيرٌ أنْ يَنتَظِرَ الإنسانُ خلاصَ الرّبِّ بِارتياحٍ، وخَيرٌ لَه أنْ يَحمِلَ نِـيرَهُ‌ مُنذُ صِباهُ. يجلِسُ وحدَهُ ويَسكُتُ عِندَما يَضَعُ نيرَهُ علَيهِ. يَنحَني بِفَمِهِ على التُّرابِ آمِلا أنْ يَجِدَ الرَّجاءَ. يُعطي خَدَّهُ لِمَنْ يَلطُمُهُ‌، ويَقبَلُ أنْ يَشبَعَ تَعيـيرا. الرّبُّ لا يَتَخَلَّى دائِما إلى الأبدِ. فهوَ ولَو عاقَبَ يَحنو بِـحسَبِ كَثرةِ رَأْ فَتِهِ. لأنَّهُ مِنْ كُلِّ قلبِهِ لا يُذِلُّ ولا يُعَذِّبُ بَني البشَرِ. إذا انسَحَقَ تَحتَ الأرجُلِ جميعُ أسرَى الأرضِ‌، أو حَرَّفَ أحدٌ حَقَّهُ أمامَ وجهِ العَليِّ، أو حُكِمَ علَيهِ ظُلْما، أفَمَا يَرى الرّبُّ؟