مراثي إرميا 5:3-66

مراثي إرميا 5:3-66 SAB

حَاصَرَنِي وَأَحَاطَنِي بِالْمُرِّ وَالْمَشَقَّةِ. أَجْلَسَنِي فِي الظَّلَامِ، كَالَّذِينَ مَاتُوا مُنْذُ الْقَدِيمِ. حَبَسَنِي لِكَيْ لَا أَهْرُبَ. ثَقَّلَ سِلْسِلَتِي. أَصْرُخُ وَأَسْتَغِيثُ، وَلَكِنَّهُ يَصُدُّ صَلَاتِي. سَدَّ طُرُقِي بِحِجَارَةٍ كَبِيرَةٍ. عَوَّجَ سُبُلِي. يَكْمُنُ لِي كَدُبٍّ، وَيَخْتَبِئُ كَأَسَدٍ. أَضَلَّنِي وَأَتَاهَنِي وَتَرَكَنِي بِلَا عَوْنٍ. وَجَّهَ قَوْسَهُ نَحْوِي، وَجَعَلَنِي هَدَفًا لِسِهَامِهِ. شَقَّ دَاخِلِي بِأَسْلِحَتِهِ. كُلُّ شَعْبِي يَضْحَكُ عَلَيَّ، يَهْزَأُونَ بِي فِي أَغَانِيهِمْ طُولَ الْيَوْمِ. أَشْبَعَنِي بُؤْسًا، وَسَقَانِي الْمُرَّ. هَشَّمَ بِالْحَصَى أَسْنَانِي، وَمَرَّغَنِي فِي الرَّمَادِ. اِبْتَعَدَ السَّلَامُ عَنِّي، نَسِيتُ الْهَنَاءَ. فَقُلْتُ: ”رَاحَتْ قُوَّتِي، وَضَاعَ أَمَلِي فِي اللهِ.“ أَذْكُرُ ذُلِّي وَضَيَاعِي وَالْبُؤْسَ وَالْمُرَّ. أَذْكُرُهَا وَأَزْعَلُ جِدًّا. وَلَكِنِّي أُرَدِّدُ هَذَا فِي قَلْبِي، فَيَرْجِعُ إِلَيَّ الْأَمَلُ: إِحْسَانُ اللهِ لَا يَنْتَهِي. رَحْمَتُهُ لَا تَزُولُ. هِيَ جَدِيدَةٌ كُلَّ صُبْحٍ. أَمَانَتُهُ عَظِيمَةٌ! فَقُلْتُ لِنَفْسِي: ”اللهُ هُوَ نَصِيبِي، لِذَلِكَ أَنْتَظِرُهُ.“ اللهُ طَيِّبٌ لِمَنْ يَضَعُ أَمَلَهُ فِيهِ، لِمَنْ يَطْلُبُهُ. خَيْرٌ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَنْتَظِرَ بِهُدُوءٍ نَجَاةَ اللهِ. خَيْرٌ لِلْوَاحِدِ أَنْ يَتَحَمَّلَ المَسْؤولِيَّةَ وَهُوَ صَغِيرُ السِّنِّ. وَأَنْ يَجْلِسَ وَحْدَهُ بِهُدُوءٍ، لِأَنَّهَا وُضِعَتْ عَلَيْهِ. وَيَدْفِنَ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ، لَعَلَّهُ يُوجَدُ أَمَلٌ. وَيُعْطِيَ خَدَّهُ لِمَنْ يَلْطِمَهُ، وَيَشْبَعَ هَوَانًا. اللهُ لَا يَرْفُضُ إِلَى الْأَبَدِ. هُوَ يُعَاقِبُ، لَكِنَّهُ يَرْحَمُ حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْعَظِيمَةِ. وَهُوَ لَا يُحِبُّ أَنْ يُذِلَّ النَّاسَ أَوْ يُحْزِنَهُمْ. اللهُ يَرَى إِنْ كَانَ وَاحِدٌ يَدُوسُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ الْمَسْجُونِينَ فِي أَيِّ مَكَانٍ فِي الْأَرْضِ، أَوْ يَمْنَعُ شَخْصًا مِنْ حَقِّهِ أَمَامَ الْعَلِيِّ، أَوْ يَحْرِمُ إِنْسَانًا مِنَ الْعَدَالَةِ! أَلَا يَرَى اللهُ كُلَّ هَذَا؟ هَلْ يَحْدُثُ شَيْءٌ لَمْ يَسْمَحْ بِهِ اللهُ؟ بِأَمْرٍ مِنَ الْعَلِيِّ، يَأْتِي الشَّرُّ وَالْخَيْرُ. فَلِمَاذَا يَشْتَكِي الْإِنْسَانُ الْحَيُّ مِنْ عِقَابِ ذُنُوبِهِ؟ تَعَالَوْا نَفْحَصُ وَنَخْتَبِرُ أَعْمَالَنَا، وَنَرْجِعُ إِلَى اللهِ. تَعَالَوْا نَرْفَعُ قُلُوبَنَا وَأَيْدِيَنَا إِلَى اللهِ فِي السَّمَاءِ، وَنَقُولُ لَهُ: ”أَذْنَبْنَا وَتَمَرَّدْنَا، وَأَنْتَ لَمْ تَغْفِرْ. غَطَّيْتَ نَفْسَكَ بِالْغَضَبِ وَطَرَدْتَنَا. قَتَلْتَنَا بِلَا شَفَقَةٍ. غَطَّيْتَ نَفْسَكَ بِالسَّحَابِ، لِكَيْ لَا تَصِلَ صَلَاتُنَا إِلَيْكَ. جَعَلْتَنَا زِبَالَةً مُقْرِفَةً بَيْنَ الشُّعُوبِ. كُلُّ أَعْدَائِنَا فَتَحُوا فَمَهُمْ لَنَا. حَلَّ بِنَا الرُّعْبُ وَالْهَلَاكُ وَالدَّمَارُ وَالْخَرَابُ.“ سَالَتْ أَنْهَارُ دُمُوعٍ مِنْ عَيْنَيَّ، لِأَنَّ شَعْبِي هَلَكَ. أَبْكِي بِالدُّمُوعِ بِلَا انْقِطَاعٍ. حَتَّى يَنْظُرَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ وَيَرَى. حَزِنَتْ نَفْسِي لَمَّا رَأَيْتُ مَا جَرَى لِكُلِّ بَنَاتِ مَدِينَتِي. صَادَنِي أَعْدَائِي كَعُصْفُورٍ، بِلَا سَبَبٍ. طَرَحُونِي حَيًّا فِي حُفْرَةٍ، وَرَمَوْا حِجَارَةً عَلَيَّ. فَاضَتِ الْمِيَاهُ فَوْقَ رَأْسِي، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي إِنِّي هَلَكْتُ. مِنْ أَعْمَاقِ الْحُفْرَةِ، دَعَوْتُكَ بِاسْمِكَ يَا رَبُّ. قُلْتُ لَكَ: ”لَا تَسُدَّ أُذُنَكَ عَنْ أَنِينِي وَصُرَاخِي.“ فَسَمِعْتَ صَوْتِي. اِقْتَرَبْتَ مِنِّي لَمَّا دَعَوْتُكَ، وَقُلْتَ لِي: ”لَا تَخَفْ.“ أَنْتَ دَافَعْتَ عَنْ قَضِيَّتِي يَا رَبُّ، وَفَدَيْتَ حَيَاتِي. أَنْتَ شُفْتَ كَيْفَ أَنِّي مَظْلُومٌ يَا رَبُّ، فَاحْكُمْ فِي صَالِحِي. أَنْتَ شُفْتَ كُلَّ انْتِقَامِهِمْ، وَكُلَّ مُؤَامَرَاتِهِمْ ضِدِّي. وَسَمِعْتَ شَتَائِمَهُمْ يَا رَبُّ، وَكُلَّ مُؤَامَرَاتِهِمْ ضِدِّي. وَكَلَامَ أَعْدَائِي وَأَفْكَارَهُمْ ضِدِّي طُولَ الْيَوْمِ. اُنْظُرْ كَيْفَ يَهْزَأُونَ بِي فِي أَغَانِيهِمْ، سَوَاءٌ جَلَسُوا أَوْ وَقَفُوا. عَاقِبْهُمْ يَا رَبُّ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ. ضَعْ عَلَى قَلْبِهِمْ غَشَاوَةً، فَتَنْزِلَ عَلَيْهِمْ لَعْنَتُكَ. طَارِدْهُمْ بِغَضَبِكَ يَا رَبُّ، وَأَهْلِكْهُمْ مِنْ تَحْتِ سَمَاوَاتِكَ.