التكوين 1:41-46
التكوين 1:41-46 SAB
وَبَعْدَ سَنَتَيْنِ كَامِلَتَيْنِ، رَأَى فِرْعَوْنُ حُلْمًا: كَانَ يَقِفُ عِنْدَ نَهْرِ النِّيلِ، فَطَلَعَتْ مِنَ النَّهْرِ 7 بَقَرَاتٍ حَسَنَةٍ وَسَمِينَةٍ، وَأَخَذَتْ تَرْعَى فِي الرَّوْضَةِ. ثُمَّ بَعْدَهَا طَلَعَتْ مِنَ النَّهْرِ 7 بَقَرَاتٍ أُخْرَى قَبِيحَةٍ وَهَزِيلَةٍ، وَوَقَفَتْ بِجِوَارِ الْبَقَرَاتِ الْأُولَى عَلَى ضَفَّةِ النَّهْرِ. وَهَذِهِ الْبَقَرَاتُ الْقَبِيحَةُ الْهَزِيلَةُ أكَلَتِ الْبَقَرَاتِ الـ7 الْحَسَنَةَ السَّمِينَةَ. وَصَحَا فِرْعَوْنُ مِنْ نَوْمِهِ. ثُمَّ نَعِسَ مَرَّةً أُخْرَى، وَرَأَى حُلْمًا ثَانِيًا: 7 سَنَابِلَ نَاضِجَةٍ وَجَيِّدَةٍ وَنَابِتَةٍ مِنْ سَاقٍ وَاحِدَةٍ. وَبَعْدَهَا نَبَتَتْ 7 سَنَابِلَ أُخْرَى ضَامِرَةٍ أَحْرَقَتْهَا الرِّيحُ الشَّرْقِيَّةُ. وَهَذِهِ السَّنَابِلُ الضَّامِرَةُ ابْتَلَعَتِ السَّنَابِلَ الـ7 النَّاضِجَةَ الْمُمْتَلِئَةَ. وَصَحَا فِرْعَوْنُ مِنْ نَوْمِهِ، وَأَدْرَكَ أَنَّهُ حُلْمٌ. وَفِي الصُّبْحِ انْزَعَجَ فِرْعَوْنُ، فَأَرْسَلَ وَاسْتَدْعَى كُلَّ سَحَرَةِ مِصْرَ وَحُكَمَائِهَا، وَحَكَى لَهُمْ حُلْمَهُ، فَلَمْ يُمْكِنْ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَسِّرَهُ لَهُ. فَقَالَ رَئِيسُ السُّقَاةِ لِفِرْعَوْنَ: ”الْيَوْمَ أَتَذَكَّرُ عُيُوبِي. فِرْعَوْنُ غَضِبَ عَلَى عَبْدَيْهِ، فَحَبَسَنِي أَنَا وَرَئِيسَ الْخَبَّازِينَ فِي دَارِ قَائِدِ الْحَرَسِ. وَحَلَمَ كُلٌّ مِنَّا حُلْمًا فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَانَ لِكُلٍّ مِنَ الْحُلْمَيْنِ مَعْنَاهُ الْخَاصُّ. وَكَانَ مَعَنَا هُنَاكَ شَابٌّ عِبْرَانِيٌّ، عَبْدٌ لِقَائِدِ الْحَرَسِ، فَحَكَيْنَا حُلْمَيْنَا لَهُ، فَفَسَّرَهُمَا لَنَا، لِكُلٍّ مِنَّا التَّفْسِيرُ الْخَاصُّ بِحُلْمِهِ. وَفِعْلًا تَمَّ مَا قَالَهُ فِي تَفْسِيرِهِ لَنَا، رَجَعْتُ أَنَا إِلَى وَظِيفَتِي، وَالرَّجُلُ الْآخَرُ أُعْدِمَ.“ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ وَاسْتَدْعَى يُوسِفَ، فَأَحْضَرُوهُ عَلَى الْفَوْرِ مِنَ السِّجْنِ. وَبَعْدَمَا حَلَقَ وَغَيَّرَ مَلَابِسَهُ، مَثَلَ أَمَامَ فِرْعَوْنَ. فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسِفَ: ”حَلَمْتُ حُلْمًا، وَلَا يُوجَدُ مَنْ يُفَسِّرُهُ. وَقَدْ سَمِعْتُ مَا يَقُولُونَهُ عَنْكَ إِنَّكَ تُفَسِّرُ أَيَّ حُلْمٍ تَسْمَعُهُ.“ فَأَجَابَ يُوسِفُ فِرْعَوْنَ وَقَالَ: ”أَنَا لَا فَضْلَ لِي فِي ذَلِكَ، اللهُ هُوَ الَّذِي يُعْطِي فِرْعَوْنَ جَوَابًا يُطَمْئِنُهُ.“ فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسِفَ: ”فِي حُلْمِي كُنْتُ وَاقِفًا عَلَى ضَفَّةِ النِّيلِ، فَطَلَعَتْ مِنَ النَّهْرِ 7 بَقَرَاتٍ سَمِينَةٍ وَحَسَنَةٍ، وَأَخَذَتْ تَرْعَى فِي الرَّوْضَةِ. ثُمَّ بَعْدَهَا طَلَعَتْ 7 بَقَرَاتٍ أُخْرَى هَزِيلَةٍ وَقَبِيحَةٍ جِدًّا وَنَاحِلَةٍ، لَمْ أُشَاهِدْ فِي كُلِّ مِصْرَ مِثْلَهَا فِي الْقَبَاحَةِ. وَهَذِهِ الْبَقَرَاتُ النَّاحِلَةُ الْقَبِيحَةُ أَكَلَتِ الْبَقَرَاتِ الـ7 الْأُولَى السَّمِينَةَ. وَمَعَ أَنَّهَا أَكَلَتْهَا، لَمْ يَتَغَيَّرْ مَنْظَرُهَا، بَلْ ظَلَّتْ قَبِيحَةً كَمَا كَانَتْ. ثُمَّ صَحَوْتُ مِنْ نَوْمِي. ”ثُمَّ رَأَيْتُ فِي حُلْمِي 7 سَنَابِلَ مُمْتَلِئَةٍ وَجَيِّدَةٍ وَنَابِتَةٍ مِنْ سَاقٍ وَاحِدَةٍ. وَبَعْدَهَا نَبَتَتْ 7 سَنَابِلَ أُخْرَى ذَابِلَةٍ وَضَامِرَةٍ أَحْرَقَتْهَا الرِّيحُ الشَّرْقِيَّةُ. وَهَذِهِ السَّنَابِلُ الضَّامِرَةُ، اِبْتَلَعَتِ السَّنَابِلَ الـ7 الْجَيِّدَةَ. وَقَدْ حَكَيْتُ هَذَا لِلسَّحَرَةِ، وَلَمْ أَجِدْ مَنْ يُفَسِّرُهُ لِي.“ فَقَالَ يُوسِفُ لِفِرْعَوْنَ: ”حُلْمَا فِرْعَوْنَ هُمَا وَاحِدٌ. كَشَفَ اللهُ لِفِرْعَوْنَ مَا سَيَعْمَلُهُ. الْبَقَرَاتُ الـ7 الْحَسَنَةُ هِيَ 7 سِنِينَ، وَالسَّنَابِلُ الـ7 الْجَيِّدَةُ هِيَ 7 سِنِينَ. الْحُلْمَانِ وَاحِدٌ. وَالْبَقَرَاتُ الـ7 النَّاحِلَةُ الْقَبِيحَةُ الَّتِي خَرَجَتْ بَعْدَهَا هِيَ 7 سِنِينَ، وَكَذَلِكَ السَّنَابِلُ الـ7 الْفَارِغَةُ الَّتِي أَحْرَقَتْهَا الرِّيحُ الشَّرْقِيَّةُ، هِيَ 7 سَنَوَاتِ جُوعٍ. ”فَكَمَا قُلْتُ لِفِرْعَوْنَ، أَظْهَرَ اللهُ لِفِرْعَوْنَ مَا سَيَعْمَلُهُ. سَتَأْتِي فِي مِصْرَ كُلِّهَا 7 سَنَوَاتِ رَخَاءٍ عَظِيمٍ، ثُمَّ تَأْتِي بَعْدَهَا 7 سَنَوَاتِ مَجَاعَةٍ، فَيَنْسَى النَّاسُ كُلَّ رَخَاءِ مِصْرَ، وَيُتْلِفُ الْجُوعُ الْبِلَادَ. فَلَا يَتَذَكَّرُ أَحَدٌ رَخَاءَ الْبِلَادِ، لِأَنَّ الْمَجَاعَةَ الَّتِي تَأْتِي بَعْدَهُ شَدِيدَةٌ جِدًّا. وَالسَّبَبُ فِي تِكْرَارِ الْحُلْمِ لِفِرْعَوْنَ مَرَّتَيْنِ، هُوَ أَنَّ الْأَمْرَ تَقَرَّرَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ سَوْفَ يُنَفِّذُهُ عَلَى الْفَوْرِ. ”إِذَنْ، لِيَبْحَثْ فِرْعَوْنُ عَنْ رَجُلٍ بَصِيرٍ حَكِيمٍ يَعْهَدُ إِلَيْهِ بِتَدْبِيرِ شُؤُونِ مِصْرَ. وَيُعَيِّنْ فِرْعَوْنُ وُكَلَاءَ عَلَى مِصْرَ لِيَأْخُذُوا خُمْسَ مَحْصُولِ الْبِلَادِ فِي سَنَوَاتِ الرَّخَاءِ الـ7 وَيَجْمَعُوا كُلَّ طَعَامِ سَنَوَاتِ الْخَيْرِ الْمُقْبِلَةِ، وَيُخَزِّنُوا الْقَمْحَ تَحْتَ سُلْطَةِ فِرْعَوْنَ، فَيَكُونَ فِي الْمُدُنِ طَعَامٌ مَحْفُوظٌ. هَذَا الطَّعَامُ يَكُونُ مَؤُونَةً لِلْبِلَادِ فِي سَنَوَاتِ الْمَجَاعَةِ الَّتِي سَتَأْتِي عَلَى مِصْرَ، فَلَا تَهْلِكُ الْبِلَادُ مِنَ الْجُوعِ.“ فَرَأَى فِرْعَوْنُ وَكُلُّ أَعْوَانِهِ أَنَّ الْفِكْرَةَ جَيِّدَةٌ. فَقَالَ لَهُمْ فِرْعَوْنُ: ”هَلْ نَجِدُ مَنْ هُوَ مِثْلُ هَذَا الرَّجُلِ فِيهِ رُوحُ اللهِ؟“ وَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسِفَ: ”بِمَا أَنَّ اللهَ عَرَّفَكَ كُلَّ هَذَا، فَلَيْسَ هُنَاكَ بَصِيرٌ وَحَكِيمٌ مِثْلُكَ. أَنْتَ تَكُونُ مُدَبِّرًا لِشُؤُونِ قَصْرِي، وَيَخْضَعُ كُلُّ شَعْبِي لِأَوَامِرِكَ. وَلَا يَكُونُ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْكَ غَيْرِي أَنَا صَاحِبِ الْعَرْشِ.“ ثُمَّ قَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسِفَ: ”إِنِّي جَعَلْتُكَ وَالِيًا عَلَى كُلِّ مِصْرَ.“ ثُمَّ خَلَعَ فِرْعَوْنُ خَاتِمَهُ مِنْ يَدِهِ وَوَضَعَهُ فِي يَدِ يُوسِفَ، وَأَلْبَسَهُ ثِيَابَ كَتَّانٍ فَاخِرَةً، وَوَضَعَ سِلْسِلَةً مِنْ ذَهَبٍ حَوْلَ رَقَبَتِهِ، وَأَرْكَبَهُ مَرْكَبَةً كَنَائِبِ فِرْعَوْنَ، وَكَانَ الْمُنَادِي يُنَادِي قُدَّامَهُ وَيَقُولُ: ”أَفْسِحُوا الطَّرِيقَ!“ فَجَعَلَهُ وَالِيًا عَلَى كُلِّ مِصْرَ. وَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسِفَ: ”أَنَا فِرْعَوْنُ وَمِنْ غَيْرِ إِذْنِكَ أَنْتَ، لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ فِي كُلِّ مِصْرَ أَنْ يُحَرِّكَ يَدًا أَوْ رِجْلًا.“ وَدَعَا فِرْعَوْنُ اسْمَ يُوسِفَ صَفْنَاتَ فَعْنِيحَ، وَأَعْطَاهُ أَسْنَاتَ بِنْتَ فُوطِي فَارَعَ كَاهِنِ أُونَ زَوْجَةً. وَامْتَدَّتْ سُلْطَةُ يُوسِفَ فِي كُلِّ مِصْرَ. وَكَانَ يُوسِفُ ابْنَ 30 سَنَةً لَمَّا دَخَلَ فِي خِدْمَةِ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ. وَخَرَجَ يُوسِفُ مِنْ مَحْضَرِ فِرْعَوْنَ وَأَخَذَ يُسَافِرُ فِي جَمِيعِ أَنْحَاءِ مِصْرَ.